"ظاهره الرحمة وباطنه العذاب"، هكذا وصف خبير الاقتصاد الدولي، أحمد رشدي، دور صندوق النقد الدولي في دعم ومساندة دول الاقتصادات النامية، مؤكداً أنه دائماً ما يظهر بثوب المساعد والداعم والمانح، ولكنه في حقيقة الأمر هادم ومخرب للعديد من الاقتصادات التي تمكن منها عبر بوابة التمويل بالعملات الأجنبية.
واستشهد رشدي في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، بتجارب صندوق النقد في العديد من الدول، مثل تشيلي ودول الاتحاد السوفييتي ودول أفريقيا وغيرها. حيث أثقل الصندوق كاهل تلك الدول بالمديونيات وجعلها تدور في فلك الاقتراض دون التوجه لنمو حقيقي.
وأشار إلى أن الصندوق عادة ما يفرض شروطه المجحفة ضد الفقراء، دون السعي الجاد لمتابعة إنفاق منحه وقروضه بشكل يدعم الاقتصاد ويحقق معدلات نمو حقيقة تنعكس على الجميع.
ولفت رشدي إلى أن تجربة مصر الأخيرة مع صندوق النقد، تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك نوايا القائمين عليه السيئة تجاه دول العالم الثالث. حيث السعي للتدخلات وفرض التبعية وإملاء برامج اقتصادية لا تتناسب وطبيعة تلك الدول وقدراتها.
وأضاف "أنه وفقاً للدور المعلن للصندوق فإنه معني بتسيير النمو والتوسع في التجارة الدولية، وتحقيق الاستقرار في أسعار صرف العملات، وحماية الاقتصادات من الأزمات. ولكنه في حقيقة الأمر هو من يخلق تلك الأزمات في كثير من الأحيان بعد إغراق الدول في الديون وفرض روشتات اقتصادية تزيد أوجاعها ولا تداويها".
بدوره، انتقد الخبير المالي والاقتصادي، أحمد الألفي، في تصريحات لـ "العربي الجديد" فرض سياسة موحدة من الصندوق تجاه جميع الدول، فما يناسب دول ليس بالضرورة أن يناسب أخرى. وأكد الدور السلبي للصندوق في الدول النامية سواء في أفريقيا أو آسيا أو أميركا الجنوبية، مستشهداً بتجارب اليونان وكذلك مصر في التسعينات بعد أن أحدث قفزة تاريخية في معدلات الديون الخارجية وأدخل الدولة في فلك الديون المظلم.
الدكتور السوداني التجانى الطيب، الخبير بقضايا صندوق النقد الدولي قال لـ "العربى الجديد" إنه "للأسف الشديد في الدول النامية عادة نبتعث لتمثيلنا في هذه المؤسسات من ليست لهم المقدرات أو حتى المزاج للدفاع عن مصالح أوطانهم. فلم نسمع عن معارضة ممثل دولة لقرار، داخل أروقة هذه المؤسسات".
وفي موازاة ذلك يقول المتخصص في شؤون الاقتصاد الدولي د. محمد السقا، إن اليونان خير دليل على فشل برامج صندوق النقد الدولي في معالجة الاختلالات المالية في موازنات الدول.
ويضيف السقا خلال حديثه مع "العربي الجديد" أن صندوق النقد الدولي تدخل ليقرض اليونان لإنقاذها من الإفلاس شريطة اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية، إلا أنها فشلت في سداد ديونها، لا، بل سقطت في ديون نسبة للناتج المحلي تفوق 175% في عام 2015، ومعدلات بطالة أكثر من 25%، لتتحول أزمة اليونان من أزمة اقتصادية لمعضلة سياسية اجتماعية، وباعتراف مسؤولين في الصندوق.
ويشير المتخصص إلى تجارب إحدى دول أفريقيا، منها غانا عندما أزالت غانا التعريفة الجمركية عن وارداتها الغذائية في 2002، بإيعاز من صندوق النقد الدولي ليتم إغراق أسواقها بالمنتجات الأوروبية، مما أفقد اقتصادها التوازن لتعاني من أزمات مالية متتالية بعد ذلك.