التزمت فرنسا صمتاً مطبقاً حيال أحكام الإعدام التي أصدرها القضاء المصري، السبت الماضي، بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، فضلاً عن عشرات القيادات "الإخوانية".
ولم يصدر أي موقف فرنسي بهذا الشأن، لا من طرف الرئاسة ولا من وزارة الخارجية، كما لم يدلِ أي وزير فرنسي أو مسؤول حكومي، بتصريح يعلق فيه على الأحكام.
وكان لافتاً ألا تعرب أي جهة حكومية فرنسية عن حد أدنى من "القلق" أو التعبير الدبلوماسي في قضايا دولية من هذا النوع، يتعلق بقرار قضائي مصري بهذه الدرجة من الخطورة، مثلما فعلت الولايات المتحدة مثلاً.
التفسير الوحيد الذي يتداوله المراقبون، هو أن الصمت الفرنسي يعكس الدعم الرسمي المطلق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسياسة القمع الاستئصالية التي ينتهجها ضد "الإخوان المسلمين"، والرئيس المنتخب شرعياً محمد مرسي قبل عزله.
ويقول المحلل السياسي، رامي الخليفة العلي، لـ"العربي الجديد"، إن "لفرنسا عداءً تاريخياً قديماً مع الإسلام السياسي، ومع جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص. وقد أبدت طوال تاريخها الحديث معارضة شرسة لوصول الإسلاميين للسلطة، مثلما ما حدث في الجزائر مستهل التسعينيات من القرن الماضي، والتزمت هذا النهج مع عبد الفتاح السيسي، وساندت انقلابه ضد الشرعية التي يمثلها مرسي".
من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي، مصطفى الطوسة، أن الصمت الفرنسي اتجاه أحكام الإعدام المصرية، يجب ربطه بشكل وثيق مع التقارب الفرنسي ــ السعودي، الذي تعزز بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
اقرأ أيضاً: مصر توقع اتفاقاً بشراء 24 طائرة "رافال" فرنسية
يقول الطوسة، لـ"العربي الجديد"، "لاشك أن التقارب السعودي ــ الفرنسي الأخير كانت له انعكاسات ملموسة على العلاقات الفرنسية ــ المصرية، من منطلق سياسية التحالفات الإقليمية المبنية على منطق أصدقاء صديقي هم أصدقائي أيضاً". ويضيف "من هذه الزاوية يمكن أن نفهم أن التفاهم السياسي والاقتصادي الذي حصل بين باريس والقاهرة يأتي ضمن تقارب ثلاثي بين باريس والرياض والقاهرة".
ويرى متتبعون للدبلوماسية الفرنسية وتحولاتها في الشهور الأخيرة، أن الصمت الفرنسي حيال أحكام الإعدام والدعم المطلق للسيسي، ربما هو انعكاس أيضاً لدبلوماسية "الرافال" التي صار هولاند مهندسها الأساسي. ويقول الطوسة "صفقة الرافال الشهيرة مع مصر كانت الصفقة التي سمحت بإنقاذ مقاتلة الرافال من الكساد، وصفقة كهذه لها ثمن سياسي بكل تأكيد يندرج في إطار رسم فرنسي لتحالفاتها الاستراتيجية بالمنطقة العربية".
واللافت أن أحكام الإعدام المصرية، جاءت بعد أيام قليلة من انتهاء زيارة رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب إلى باريس، وهي زيارة لم تلق صدى كبيراً في وسائل الإعلام الإعلام الفرنسية، والتي يبدو أن محلب، حسب مصادر مقربة من السفارة المصرية في باريس، أرادها زيارة دون ضوضاء إعلامية كبيرة بسبب التخوف من التعرض لاستفزاز ناشطين مصريين أو متعاطفين مع الإخوان قد يعرقلون سيرها.
يبقى أن فرنسا كانت تنطلق دائماً من رفضها المبدئي لأحكام الإعدام في مواقفها الدولية، وكانت هذه حجتها الأساسية في التحرك الدبلوماسي الكثيف، الذي قامت به أخيراً في قضية سيرج عتلاوي، المواطن الفرنسي المحكوم عليه بالإعدام في إندونيسيا بتهمة التورط في تجارة المخدرات، غير أن أحكام الإعدام المسلطة على مرسي ومناصريه تخضع لاعتبارات أخرى، تمليها المصالح الفرنسية أكثر من أي شيء آخر.
اقرأ أيضاً صحيفة فرنسية: مصر اشترت طائرات "رافال" بدون الحاجة إليها