تُعد المراهقة واحدة من أكثر المراحل حساسية في حياة الإنسان. كيف نحمي صحّة مراهقينا الجسدية والنفسية، وأين حملات التوعية التي تحثّ المراهقين على الاعتناء بصحتهم؟ نسأل، ولا سيّما أنّ ثمّة بيانات لبنانية مقلقة في هذا المجال.
تفيد أرقام دراسة أعدّها مستشفى ومركز بلفو الطبي في لبنان بأنّ 20 في المائة من المراهقين يحتسون الخمر في مدينة بيروت و40 في المائة يعانون من اضطراب نفسي/عقلي في حين يعاني 15 في المائة من خطر الإصابة بالوزن الزائد ويتعرّض 30 في المائة للتعنيف الكلامي، بالإضافة إلى المشكلة المتفاقمة سريعاً والمتمثلة في إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو الكبير.
من جهتها، تبيّن أرقام منظمة الصحة العالمية أنّ كل عام يشهد وفاة أكثر من 2.6 مليون شاب من الفئة العمرية 10 - 24 عاماً، في حين يعاني عدد هائل من الشباب من أمراض تعرقل قدرتهم على النموّ بالطريقة الفضلى، ويلجأ عدد كبير منهم إلى سلوكيات لا تعرّض أحوالهم الصحية للخطر في الوقت الراهن فحسب، بل في السنوات المقبلة أيضاً. إلى ذلك، يواجه نحو 20 في المائة من المراهقين في مرحلة ما، مشكلة صحية نفسية من قبيل الاكتئاب أو القلق، بالإضافة إلى أنّ نحو 150 مليون شاب يافع يتعاطون التبغ، فيما تختبر نحو 16 مليون فتاة من الفئة العمرية 15 - 19 عاماً تجربة الولادة كلّ عام. إلى ذلك، تسجّل يومياً 430 وفاة في الفئة العمرية 10 - 24 عاماً من جرّاء العنف المتبادل.
عيادة خاصة
بهدف تحسين صحة المراهقين وتجنيبهم المشاكل الصحية طويلة الأمد، أطلق مستشفى ومركز بلفو الطبي عيادة للمراهقين تلبّي احتياجات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 و21 عاماً. وتقول رئيسة قسم طب الأطفال في المستشفى، الدكتورة باتريسيا كلداني لـ "العربي الجديد" إنّه "من الضروري أن يصطحب الأهل أولادهم إلى اختصاصي في طبّ الأطفال، على أقلّ تقدير مرّة واحدة سنوياً، من أجل الكشف على صحتهم. وذلك كخطوة وقائية تحسباً لأيّ مرض قد يطرأ فجأة وقد تنتكس على أثره حياة الطفل كلّها. وفي كلّ سنّ، ثمّة متابعة خاصة. اللقاحات مثلاً في الصغر، ثمّ العمل على إبعاده عن التدخين". وتوضح كلداني أنّ "كلّ مراهق يقصد العيادة المتخصصة، لا بدّ أن يملأ استمارة لتحديد حالته الصحية الجسدية والنفسية، مع الحفاظ على خصوصيته. كذلك، نشدد على أهميّة تدريب الأهل وأولادهم في سنّ المراهقة على كيفية التواصل مع أقرانهم، ولا سيّما في حال وجود أيّ عائق أو مشكلة تربوية على سبيل المثال".
وتتابع: "نحن نعمل ضمن فريق عمل متعدد الاختصاصات، أمراض نفسية وعقلية وطبّ أطفال ومساندة اجتماعية. المراهقون مجموعة متمايزة في المجتمع لديها احتياجاتها الخاصة، ونحن نسعى إلى مساعدتها لتخطي الصعوبات". وتلفت كلداني إلى أنّ "ستة في المائة منهم فقط يتلقون العلاج الذي يحتاجونه في لبنان، بالمقارنة مع 25 في المائة حول العالم. وهؤلاء يكونون في بحث دائم عن هويّتهم، ويحتاجون إلى اتخاذ خيارات مهمة، من الممكن أن تؤثّر في حياتهم وعلى صحتهم مستقبلاً. من هنا، لا بدّ كذلك من حثّ أهالي المراهقين على استيعابهم وفهمهم أكثر ورفع نسبة الوعي وتشجيعهم على الاهتمام بصحتهم".
اقــرأ أيضاً
عين على أماكن السهر
في سياق متصل، يحذّر الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور روبير صاصي عبر "العربي الجديد" المراهقين من "مخاطر الإنترنت، خصوصاً من مواقع إلكترونية غير منضبطة تنشر معلومات خاطئة، عدا عن تسويق الدعارة. ولا ننسى أنّ الجلوس لفترة طويلة أمام الشاشات يؤذي العيون ويؤدّي إلى ألم في الرأس، كذلك فإنّ استعمال السماعات (للموسيقى وغيرها) لفترة طويلة يلحق الأذى بسلامة السمع". يضيف أنّ "الأخطر والذي يجب التوقف عنده، هو ما عاينته في الفترة الأخيرة. ثلاثة أطفال أصيبوا بغيبوبة لمدّة أربع ساعات نتيجة مادة مخدّرة وضعت في شرابهم في واحد من أبرز أماكن السهر. لذا ننصح كلّ مراهق عدم تناول أيّ شراب لا يعرف ما فيه، وألا يتركه من دون مراقبة". إلى ذلك، ينبّه من تناول الكحول لأنّ "ضرره كبير على الصحة".
اهتمام أكبر من قبل الأهل
من جهته، يشدّد الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور برنار جرباقة على ضرورة أن "يولي الأهل أولادهم العناية والرعاية اللازمتَين، والاستماع إلى مشاكلهم بانتباه". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "ما نطلبه اليوم من الأهل هو الإنصات أكثر لأولادهم وحاجتهم، مع أهميّة التركيز على رفع زيادة الوعي لديهم، بهدف تجنّب إدمان الكحول أو المخدّرات. يُذكر أنّ أيّ أذى صحي يصيب أولادهم اليوم، سوف يندمون عليه لاحقاً، وحينها قد يكون الوقت متأخراً". يضيف أنّ "المشاكل تقع عندما لا يتحدّث الولد عما يعاني منه مع أهله وعندما لا يستمع هؤلاء له".
اهتزاز سلطة الأب
إلى ذلك، يشير الطبيب والمحلل النفسي الدكتور شوقي عازوري إلى أنّ "سلطة الأب اهتزت في العائلة، لذلك أصبح من الصعب عليه السيطرة على أولاده". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "صورة الأب انهارت للأسف، فلم تعد سلطته كما كانت في الماضي. بالتالي، يستطيع الولد استفزاز أهله أكثر من دون أيّ مبالاة ومهما كان ردّ فعلهم". يضيف عازوري أنّه "لم يعد يستطيع فرض سلطته على ابنه كما في الماضي، لجهة منعه بحزم من إدمان المخدرات. فالمراهق اليوم في لاوعيه يبحث عن بطل وهمي يلجأ إليه كمثال وليس والده. كذلك، وصل اليوم إلى مرحلة الافتخار بإدمانه الكحول، للأسف".
اقــرأ أيضاً
تفيد أرقام دراسة أعدّها مستشفى ومركز بلفو الطبي في لبنان بأنّ 20 في المائة من المراهقين يحتسون الخمر في مدينة بيروت و40 في المائة يعانون من اضطراب نفسي/عقلي في حين يعاني 15 في المائة من خطر الإصابة بالوزن الزائد ويتعرّض 30 في المائة للتعنيف الكلامي، بالإضافة إلى المشكلة المتفاقمة سريعاً والمتمثلة في إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو الكبير.
من جهتها، تبيّن أرقام منظمة الصحة العالمية أنّ كل عام يشهد وفاة أكثر من 2.6 مليون شاب من الفئة العمرية 10 - 24 عاماً، في حين يعاني عدد هائل من الشباب من أمراض تعرقل قدرتهم على النموّ بالطريقة الفضلى، ويلجأ عدد كبير منهم إلى سلوكيات لا تعرّض أحوالهم الصحية للخطر في الوقت الراهن فحسب، بل في السنوات المقبلة أيضاً. إلى ذلك، يواجه نحو 20 في المائة من المراهقين في مرحلة ما، مشكلة صحية نفسية من قبيل الاكتئاب أو القلق، بالإضافة إلى أنّ نحو 150 مليون شاب يافع يتعاطون التبغ، فيما تختبر نحو 16 مليون فتاة من الفئة العمرية 15 - 19 عاماً تجربة الولادة كلّ عام. إلى ذلك، تسجّل يومياً 430 وفاة في الفئة العمرية 10 - 24 عاماً من جرّاء العنف المتبادل.
عيادة خاصة
بهدف تحسين صحة المراهقين وتجنيبهم المشاكل الصحية طويلة الأمد، أطلق مستشفى ومركز بلفو الطبي عيادة للمراهقين تلبّي احتياجات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 و21 عاماً. وتقول رئيسة قسم طب الأطفال في المستشفى، الدكتورة باتريسيا كلداني لـ "العربي الجديد" إنّه "من الضروري أن يصطحب الأهل أولادهم إلى اختصاصي في طبّ الأطفال، على أقلّ تقدير مرّة واحدة سنوياً، من أجل الكشف على صحتهم. وذلك كخطوة وقائية تحسباً لأيّ مرض قد يطرأ فجأة وقد تنتكس على أثره حياة الطفل كلّها. وفي كلّ سنّ، ثمّة متابعة خاصة. اللقاحات مثلاً في الصغر، ثمّ العمل على إبعاده عن التدخين". وتوضح كلداني أنّ "كلّ مراهق يقصد العيادة المتخصصة، لا بدّ أن يملأ استمارة لتحديد حالته الصحية الجسدية والنفسية، مع الحفاظ على خصوصيته. كذلك، نشدد على أهميّة تدريب الأهل وأولادهم في سنّ المراهقة على كيفية التواصل مع أقرانهم، ولا سيّما في حال وجود أيّ عائق أو مشكلة تربوية على سبيل المثال".
وتتابع: "نحن نعمل ضمن فريق عمل متعدد الاختصاصات، أمراض نفسية وعقلية وطبّ أطفال ومساندة اجتماعية. المراهقون مجموعة متمايزة في المجتمع لديها احتياجاتها الخاصة، ونحن نسعى إلى مساعدتها لتخطي الصعوبات". وتلفت كلداني إلى أنّ "ستة في المائة منهم فقط يتلقون العلاج الذي يحتاجونه في لبنان، بالمقارنة مع 25 في المائة حول العالم. وهؤلاء يكونون في بحث دائم عن هويّتهم، ويحتاجون إلى اتخاذ خيارات مهمة، من الممكن أن تؤثّر في حياتهم وعلى صحتهم مستقبلاً. من هنا، لا بدّ كذلك من حثّ أهالي المراهقين على استيعابهم وفهمهم أكثر ورفع نسبة الوعي وتشجيعهم على الاهتمام بصحتهم".
عين على أماكن السهر
في سياق متصل، يحذّر الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور روبير صاصي عبر "العربي الجديد" المراهقين من "مخاطر الإنترنت، خصوصاً من مواقع إلكترونية غير منضبطة تنشر معلومات خاطئة، عدا عن تسويق الدعارة. ولا ننسى أنّ الجلوس لفترة طويلة أمام الشاشات يؤذي العيون ويؤدّي إلى ألم في الرأس، كذلك فإنّ استعمال السماعات (للموسيقى وغيرها) لفترة طويلة يلحق الأذى بسلامة السمع". يضيف أنّ "الأخطر والذي يجب التوقف عنده، هو ما عاينته في الفترة الأخيرة. ثلاثة أطفال أصيبوا بغيبوبة لمدّة أربع ساعات نتيجة مادة مخدّرة وضعت في شرابهم في واحد من أبرز أماكن السهر. لذا ننصح كلّ مراهق عدم تناول أيّ شراب لا يعرف ما فيه، وألا يتركه من دون مراقبة". إلى ذلك، ينبّه من تناول الكحول لأنّ "ضرره كبير على الصحة".
اهتمام أكبر من قبل الأهل
من جهته، يشدّد الاختصاصي في طب الأطفال الدكتور برنار جرباقة على ضرورة أن "يولي الأهل أولادهم العناية والرعاية اللازمتَين، والاستماع إلى مشاكلهم بانتباه". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "ما نطلبه اليوم من الأهل هو الإنصات أكثر لأولادهم وحاجتهم، مع أهميّة التركيز على رفع زيادة الوعي لديهم، بهدف تجنّب إدمان الكحول أو المخدّرات. يُذكر أنّ أيّ أذى صحي يصيب أولادهم اليوم، سوف يندمون عليه لاحقاً، وحينها قد يكون الوقت متأخراً". يضيف أنّ "المشاكل تقع عندما لا يتحدّث الولد عما يعاني منه مع أهله وعندما لا يستمع هؤلاء له".
اهتزاز سلطة الأب
إلى ذلك، يشير الطبيب والمحلل النفسي الدكتور شوقي عازوري إلى أنّ "سلطة الأب اهتزت في العائلة، لذلك أصبح من الصعب عليه السيطرة على أولاده". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "صورة الأب انهارت للأسف، فلم تعد سلطته كما كانت في الماضي. بالتالي، يستطيع الولد استفزاز أهله أكثر من دون أيّ مبالاة ومهما كان ردّ فعلهم". يضيف عازوري أنّه "لم يعد يستطيع فرض سلطته على ابنه كما في الماضي، لجهة منعه بحزم من إدمان المخدرات. فالمراهق اليوم في لاوعيه يبحث عن بطل وهمي يلجأ إليه كمثال وليس والده. كذلك، وصل اليوم إلى مرحلة الافتخار بإدمانه الكحول، للأسف".