رغم كل هذه الدعاية الضخمة له، إلا أن الحكاية "رستْ" على 4.7 مليارات جنيه، أي أقل من 525 مليون دولار فقط هي قيمة الأموال التي تلقاها صندوق تحيا مصر، منها مليار جنيه من الجيش، و3 مليارات جنيه من شركة أوراسكوم وعائلة ساويرس تتضمن 2.4 مليار جنيه، قيمة القسط الأول من أموال التهرب الضريبي المستحق على الشركة والبالغ 7.1 مليارات جنيه، علماً بأن هذا المبلغ كان من نصيب الخزانة العامة للدولة.
اليوم، تمّ أخيراً الكشف عن حصيلة الصندوق الذي ظل لغزا للمصريين طيلة العامين الماضيين، إذ كشف السيسي ولأول مرة عن أن الأموال التي تلقاها الصندوق هي 4.7 مليارات جنيه فقط لا غير، وبحسم المليار الذي تبرّع به الجيش، تتراجع حصيلة الصندوق إلى 3.7 مليارات جنيه، وبحسم الأموال التي تبرعت بها عائلة ساويرس تتراجع الحصيلة إلى 700 مليون جنيه.
إذن أين المليارات التي قيل إن كبار رجال الأعمال والمؤسسات المالية تبرعوا بها للصندوق الذي حظي برعاية السيسي منذ الإعلان عنه، وأين تبرعات محمد الأمين، مالك قنوات سي بي سي، البالغة 1.2 مليار جنيه وتبرعات مجموعة شركات "عامر جروب" البالغة 500 مليون جنيه والبنوك 300 مليون جنيه ومحمد أبو العينين، مالك قنوات صدى البلد، 250 مليون جنيه وأحمد أبو هشيمة 100 مليون جنيه ود. أحمد بهجت الذي أعلن تبرعه للصندوق بنسبة 30% من أسهم مجموعة شركاته البالغة قيمتها السوقية مليارات الجنيهات.
اقرأ أيضاً: جهات سيادية مصرية تتهرب من سداد 4.77 مليارات دولار
وأين تبرعات أيمن الجميل البالغة 150 مليون جنيه ومحمد فريد خميس 30 مليون جنيه وحسن راتب، مالك قنوات المحور، 100 مليون جنيه، إضافة لتبرعات صلاح دياب وشركة جهينة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر ود. نوال الدجوى وشركة مصر القابضة للتأمين وغيرهم؟
هل كان كل هؤلاء يبيعون الدجل للمصريين ويمارسون سياسة الخداع عليه، أم كان القائمون على الصندوق هم من يبيعون لنا الوهم؟
أين التبرعات التي وصلت من رجال الأعمال الخليجيين المحبين لمصر، وأين الأموال التي تبرع بها المصريون في الداخل أو الخارج؟ وأين الأموال التي تم الحصول عليها بضغوط على أصحاب الشركات؟ وأين تبرعات وزارات الأوقاف والمالية والصحة والتضامن الاجتماعي وغيرها؟
لقد خرج علينا كل هؤلاء وغيرهم في الفضائيات ووسائل الإعلام ليعلنوا عن تبرعات بمليارات الجنيهات لصندوق تحيا مصر الذي قيل وقتها إن أمواله مخصصة لدعم الاقتصاد المصري والتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ودعم العدالة الاجتماعية.
ليس الكشف عن حصيلة صندوق تحيا مصر الهزيلة هو الشيء الوحيد اللافت للنظر في خطاب السيسي، اليوم الأربعاء، خلال تدشينه استراتيجية ورؤية لمصر 2030، بل تمت إعادة الحديث عن مشروعات قومية جديدة مثل الألف مصنع، وكأن المصريين نسوا المشروعات السابقة التي تم الإعلان عنها ولم تر النور، ومنها المليون وحدة سكنية والعاصمة الإدارية الجديدة.
وبدلاً من أن يحث السيسي المصريين على الإنتاج والعمل ويعلن عن خطة حكومته لإعادة الحياه لقطاعات أساسية تتعرض لانتكاسة شديدة، منها السياحة والصادرات والاستثمارات المباشرة، يطالبهم بالتبرع لمصر عبر رسائل من المحمول، مع العلم أن معظم المطالبين بالتبرع قد يقترضون لإعادة شحن رصيد هاتفهم المحمول أو سداد فاتورته.
اقرأ أيضاً:
"إحنا آسفين يا ساويرس"
"ساويرس" يدفع أموال التهرب الضريبي لصندوق " تحيا مصر"