شكيب أرسلان: سيرة بعيدة عن الغموض

01 مايو 2017
(شكيب أرسلان)
+ الخط -
هذه سيرة للكاتب والسياسي شكيب أرسلان (1869-1946) كما أنجزها المؤرّخ الكندي وليام إل. كليفلاند، وصدرت ترجمتها حديثاً عن "منتدى العلاقات العربية" في الدوحة بعنوان "الإسلام ضد الغرب، شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية"، وقد نقله إلى العربية المترجم محمد هيثم نشواتي.

الكتاب، نُشر أوّل مرّة عام 1985، وهو من الأهمية بمكان ليس لأنه سيرة عن كاتب وسياسي إشكالي، بل لأنه يرسم من خلال هذه السيرة صورة للواقع السياسي والثقافي والاجتماعي للعالم العربي في المرحلة التي عايشها أرسلان، وكانت مليئة بالجدل حول قضايا التحرّر العربي ومحاولة تقسيم فلسطين ونهاية الحقبة العثمانية، والدعوة إلى الثورة العربية والصراع مع الاستعمار.

يقدّر كليفلاند مؤلّفات أرسلان بعشرين كتاباً وألفي مقال، ويلفت إلى أن مجلة "الأمة العربية" التي كان يصدرها بالفرنسية موضع اهتمام وحظيت بمقروئية عالية عند المثّقف الأوروبي سواء كان منتقداً أو منحازاً إلى الثقافة التي أتى منها أرسلان.

ويرى صاحب "تاريخ الشرق الأوسط الجديد" أن الوحدة الإسلامية التي دعا إليها أرسلان هُزمت من قبل القومية العلمانية. وكأن جهوده ذهبت سدى، واكتنف الغموض مواقفه وحياته بعد رحيله.

ولكي يحقق كتاب كليفلاند نقلة حقيقة في كتابة سيرة دقيقة قدر الإمكان لـ أرسلان، فقد حاول أن يتوصّل من خلال عائلته إلى الاطلاع على أوراقه ووثائقه غير المنشورة، ولكنه لم يتمكّن من إقناع العائلة بذلك. فقد أكّدت له مي جنبلاط، ابنة أرسلان، عام 1974، أي قبل عقد من صدور السيرة تقريباً، أن أوراق والدها أُرسلت إلى المغرب وهي تحت وصاية الحكومة هناك. من هنا فإن تحدّي كتابة سيرة شخص لا تستطيع الوصول إلى وثائقه هو مهمّة محفوفة بالمخاطر، وقد شكّل هذا الأمر عائقاً دائماً أمام كلّ من حاول أن يكتب سيرة أرسلان بدقّة؛ ومن بينهم كليفلاند، لكن الأخير قبِل هذا التحدي وأنجز كتاباً يعدّ الأبرز لمن يريد دراسة تاريخ المنطقة من خلال سيرة شخصية "أمير البيان" التي كانت فاعلة وناشطة فيها.

يعيد كليفلاند صاحب "صناعة القومية العربية" تصوير المشهد مستعيداً أحد الخيارات "المشؤومة" التي عادت على أرسلان بالمنفى، وهو الوقوف مع دخول الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية إلى جانب ألمانيا، ولم يكن حماسه أقلّ من حماس الجانب الآخر الذي وقف مع بريطانيا وفرنسا حالماً بتحقيق الثورة العربية.

الكتاب صغير الحجم لكنه غني بالآراء التي تحاول تحليل الواقع السياسي والثقافي، حيث يعتبر المؤرّخ أن شكيب أرسلان قد أسّس لموقف إسلامي أو شارك مع المؤسّسين ومن بينهم جمال الدين الأفغاني في صياغة موقف إسلامي من الغرب.

المساهمون