رفع مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، سقف شعاراته الانتخابية، في محاولة قد تكون الأخيرة لإنقاذ حملته الانتخابية من السقوط النهائي، فأضاف إلى فرضية الانتخابات المزورة وفساد النظام الانتخابي اقتراحات تفصيلية حول خططه لمكافحة تمركز السلطة السياسية في واشنطن.
وتعهد ترامب العمل على تحديد ولاية أعضاء الكونغرس الأميركي في حال وصوله إلى البيت الأبيض. وتأتي خطوته هذه في سياق حربه المعلنة على الطبقة السياسية الأميركية التقليدية، المؤلفة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والتي يشكّل الكونغرس بمجلسيه معقلها الرئيسي.
وينوي، بحسب الاقتراح الذي أعلن عنه، تحديد فترة ولاية أعضاء الكونغرس على غرار موقع الرئاسة المحدد بولايتين كل واحدة أربع سنوات. ولا يمكن لعضو مجلس النواب الاحتفاظ بمقعده لأكثر من دورتين انتخابيتين، فيما لا يمكن لعضو مجلس الشيوخ البقاء في منصبه لأكثر من 12 عاماً.
وتسمح الأنظمة الحالية لأعضاء الكونغرس بتجديد ولايتهم الانتخابية من دون سقف أو حدود، وفي تاريخ مجلسي النواب والشيوخ رموز وشخصيات بقيت طوال عقود، ما أكسبها سلطة ونفوذاً بسبب ارتباطها وعلاقاتها بلوبيات الضغط.
وشدد ترامب على أنّ "تحديد ولاية أعضاء الكونغرس يساعد في الحد من تأثير لوبيات الضغط على القرار السياسي في واشنطن، خدمةً للبنوك والشركات الكبرى متعددة الجنسية".
من جهة أخرى، أثار حديثه حول نزاهة النظام الانتخابي الأميركي وترويج فكرة التزوير لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، موجة من الشجب العام والاستنكار من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كونه يسيء إلى جوهر الثقافة السياسية الأميركية ويشكك بمصداقية النظام السياسي في البلاد.
واستراتيجية تبرير الهزيمة المتوقعة التي يسعى ترامب من خلالها إلى إنقاذ حملته الانتخابية تقوم على منهجية تدمير الهيكل على من فيه، أي المؤسسات السياسية الحكومية والحزبية الأميركية، أو ما يعرف بـ"الاستبلشمنت" والنظام السياسي والقانوني الذي يدير الشأن العام.
واعتمد ترامب هذه الاستراتيجية خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في مواجهة خصومه داخل المؤسسة الحزبية التقليدية باعتباره مرشحاً من خارج تلك المؤسسة، ومن خارج الطبقة السياسية التقليدية، ومشروعه أصلاً هو تغيير تلك البنى السياسية التقليدية.
بدورها، أكسبت شعارات العداء للاستبلشمنت (المؤسسات السياسية) ترامب شعبيةً في الأوساط الجمهورية المحافظة وبين المجموعات العنصرية من الأميركيين البيض الحاقدين على إدارة الرئيس باراك أوباما، كما لاقت آذاناً صاغية لدى الأجيال الشابة المتحمسة لتغيير الأنظمة والقوانين القديمة.
ويأخذ الحزب الديمقراطي على الجمهوريين عدم تصديهم بشكل حازم لدعوات ترامب ومزاعمه غير المسبوقة عن تزوير الانتخابات الأميركية، وهي مزاعم لا تستند إلى حقائق ومعطيات ميدانية، إذ لم يشهد التاريخ الحديث للانتخابات الرئاسية أي دعاوى تزوير باستثناء خروقات لا تذكر ولم يكن لها أي أثر على النتائج.
ويرى الديمقراطيون أنّ حملة ترامب المشككة بنزاهة الانتخابات وبمصداقية الديمقراطية تخدم أهداف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الساعي إلى التدخل بالشأن الانتخابي الأميركي والعبث بالأنظمة وعمليات الاقتراع، لهز الثقة بالنظام الديمقراطي لتبرير سيطرته الديكتاتورية في روسيا.
ولا يخفى البعد العنصري في خطاب ترامب حول تزوير الانتخابات، إذ لفت إلى أنّ "عمليات التزوير والتلاعب بعمليات الاقتراع غالباً ما تحدث في مدن وأحياء يقطنها الأميركيون من أصول أفريقية". ويذكر بشكل دائم مدينتي شيكاغو وفيلادلفيا، إذ يتهم الديمقراطيين بالإشراف الكامل على مراكز الاقتراع ولوائح الناخبين، قائلاً إنّ "الأموات في هذه الدوائر الانتخابية يقترعون وكذلك المهاجرون غير الشرعيين".
في المقابل، وحدّت مزاعم ترامب المشككة بنزاهة اللعبة الديمقراطية المعارضين له من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إذ يؤكّد الجانبان على نزاهة الانتخابات رداً على تشكيكه المستمر بالعملية الانتخابية.
كما يتهم ترامب الإعلام الأميركي بالتورط في عملية تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح كلينتون، وكذلك يتهم قيادات الحزب الجمهوري في ما يعتبره "مؤامرة كونية" تحاك لإسقاطه في انتخابات الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وانتخاب كلينتون رئيسة للبلاد.
من جهته، تصدى المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، مايك بينس، مراراً لاتهامات ترامب، قائلاً إنّ "الجمهوريين سيعترفون بنتائج الانتخابات أياً يكن الفائز"، مظهراً تباين وجهة نظره مع المرشح الجمهوري، كذلك الأمر بالنسبة للرجل القوي في الحزب ورئيس مجلس النواب، بول رايان، والذي يشدد على نزاهة العملية الانتخابية واستحالة تزويرها.
وحده رئيس بلدية نيويورك السابق، رودي جولياني، قرر الاستمرار في دعم ترامب وتبني وجهة نظره لجهة احتمال تزوير الانتخابات، متهماً الحزب الديمقراطي بـ"تزوير الانتخابات في ولايات عدّة في السابق"، ولم يستبعد أنّ "تشهد الانتخابات المقبلة عمليات تزوير على مستوى أوسع".