يثير الإقبال المتزايد للتونسيين على المواقع الإلكترونية العالمية المتخصصة في المراهنات الرياضية، قلقا متزايدا بسبب الضرر الذي قد يتعرض له اقتصاد البلاد، جراء انتشار هذه النوعية من النشاطات، التي تستنزف الموارد المالية، اعتمادا على طموح المراهنين في الفوز.
تبدأ المراهنات لدى الكثيرين، برغبة عابرة في الاكتشاف، ليتحول لاحقا إلى إدمان يأسر المتابع لمثل هذه المراهنات، الذي يلاحقه حلم الثراء السريع، من دون أن يردعه خسارة أمواله الشحيحة، وإنما يعاود الرهان مرة تلو الأخرى لعله يظفر بالأموال.
وباتت ألعاب "بلانت وين" و"بي وين" و"ويليام هيل" الشهيرة، الأكثر انتشاراً خلال الفترة الأخيرة بين التونسيين، لاسيما في خضم معدلات البطالة التي تعمقت في السنوات الأخيرة، مع استفحال الأزمة الاقتصادية، ولم تعد المراهنات تقتصر على الألعاب والمباريات الرياضية الحية، وإنما امتدت إلى الألعاب الإلكترونية والافتراضية.
وتحركت أطراف حكومية عدة في الآونة الأخيرة لمجابهة هذه الظاهرة غير المقننة والتي لا تخضع للرقابة والضرائب، ولاسيما مع انتشار محال لتقديم خدمات الرهانات الإلكترونية، فضلا عن تكبد شركة حكومية عريقة متخصصة في إبرام مراهنات رياضية محلية، خسائر كبيرة بعد أن ظلت لعقود الملاذ الوحيد لمدمني المراهنات ومكاسبها.
لا تتطلب المراهنات عبر الإنترنت، سوى فتح حساب مصرفي إلكتروني خاص وتحويل عدد من الدنانير التونسية إلى عملة اليورو والانخراط في أحد مواقع الرهان، التي تعرض المسابقات على مدار الساعة، بينما تعرض الشركة الحكومية المعروفة في تونس باسم "البروموسبور" مسابقتين أسبوعيا، ما جعل فئات كثيرة من الشباب وحتى الكهول تقبل على المواقع الإلكترونية.
ويصف مراد الحطاب، الخبير المختص في المخاطر المالية، انتشار شبكات المراهنات الإلكترونية بالظاهرة الخطيرة، خاصة في غياب الرقابة على هذه المواقع.
ويقول الحطاب لـ "العربي الجديد"، إن هذه الأنشطة قد تتوسع، إذا لم تبادر الحكومة بحجب مواقع المراهنات، التي تمثل خطرا حقيقيا على رصيد الدولة من النقد الأجنبي، خاصة أن التقديرات تشير إلى أن حجم التحويلات اليومية من جانب المراهنين إلى 200 ألف دينار (100 ألف دولار).
وبالإضافة إلى النزيف اليومي لمخزونات النقد الأجنبي، تواجه الحكومة تراجعا حادا في الإيرادات الضريبية المتأتية من ألعاب الرهان الداخلي، وفق الحطاب، فضلا عن أن الحكومة تحتكر وفق القانون التونسي هذا النشاط، بالإضافة إلى تجارة التبغ والخمور التي تشكل ما لا يقل عن 60% من مجمل الإيرادات الضريبية.
وكانت أرباح الشركة الحكومية للمراهنات الرياضية، قبل غزو الألعاب الإلكترونية، شهدت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وبلغت ذروتها بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، باعتبار أن التونسيين كانوا لا يثقون بشفافية المسابقات خلال الفترات السابقة وما تردد عن حصول الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على حصة من عائدات الشركة.
وقد كشف القضاء التونسي، أن بن علي، كان يستحوذ على 20% من الإيرادات الأسبوعية لشركة الرهانات الرياضية، توجه مباشرة نحو صندوق القصر الرئاسي بشكل سري.
وتجاوزت إيرادات شركة "البروموسبور" عام 2013 أكثر من 128 مليون دينار (64 مليون دولار)، ونحو 150 مليون دينار في 2014 (80.46 مليون دولار)، بحسب البيانات الرسمية للشركة، في حين ارتفع عدد نقاط بيع أوراق المراهنات إلى 730 نقطة بيع في مختلف المحافظات التونسية.
وبدأت "البروموسبور" في التعبير عن قلقها من المنافسة التي وصفتها بـ "غير المشروعة" مع مواقع المراهنات الإلكترونية، خاصة وأن عدد المقبلين على هذه المواقع في تزايد مستمر.
وتنتشر هذه النوعية من المراهنات في بعض المناطق الكبيرة ومنها ولاية صفاقس، خصوصا في الأحياء الشعبية الفقيرة، حيث ترتفع نسبة البطالة بالتوازي مع غياب شبه تام لوسائل الترفيه.
اقرأ أيضا: قلق تونسي من طلبات صندوق النقد مقابل القروض
كما تنتشر في ولايات الجنوب والمناطق المتاخمة للشريط الساحلي على وجه الخصوص، الأمر الذي أرجعه عاملون في شركة الرهانات الحكومية، إلى أن هذه المناطق معروفة بتطورها التكنولوجي والسياحي أكثر من بقية المناطق الأخرى، ما زاد من معدلات الانتشار فيها بشكل أكبر.
وتشكل المراهنات الإلكترونية، حسب محمد البرقوقي، المدير العام لشركة "البروموسبور"، تهديدا خطيرا للاقتصاد التونسي ككل وليس للشركة التي يشرف على تسييرها فحسب.
وأوضح البرقوقي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" مؤخرا، أن عمل الشركة الحكومية للرهان مقنن، وفائدته تعود على الدولة بالأساس، في حين أن القمار الإلكتروني خارج عن القانون ولا يخضع لأي رقابة رغم انتشاره.
وأضاف " الاقتصاد التونسي لا يجني أي منفعة من القمار الإلكتروني، مجمل الأرباح تعود إلى شركات أجنبية تدير الألعاب عبر الفضاء الإلكتروني، وهو ما يعد استنزافا للعملة الصعبة في الوقت الذي تعاني فيه الاقتصاد التونسي صعوبات كبيرة من تراجع مخزونات (احتياطيات) المصرف المركزي".
ورغم أن القانون التونسي لا يسمح لأي شركة رهان سوى الشركة الحكومية بالنشاط، إلا أن ألعاب "بي ين" و" بلانت وين" اكتسحت أوساط الشباب والباحثين عن الكسب المادي السهل والسريع.
وتشير بيانات شركة الرهانات الحكومية إلى أن عدد المتعاملين معها يبلغ نحو 360 ألف مشارك أسبوعيا، بينما يتجاوز عدد المتعاملين مع مواقع المراهنات الإلكترونية هذه المعدلات بعدة أضعاف وفق مراقبين.
واعتبر أنيس بن ميم، المحامي المختص في الشأن الرياضي، أن نشاط مواقع الألعاب الإلكترونية مخالف للقانون ويساهم في حرمان خزينة الدولة من عائدات مالية مهمة، باعتبار أن 50% من إيرادات شركة المراهنات الرياضية الحكومية تذهب لخزينة الدولة.
وقال بن ميم في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة مطالبة بإيجاد حلول قانونية للحد من نشاط الشركات الأجنبية المنافسة للشركة الحكومية، لافتا إلى أن نحو 40% من المراهنين حولوا وجهتهم نحو الألعاب الجديدة.
وأضاف أن قرار الحكومة بخصم 25% من أرباح المشاركين في مسابقات الشركة الحكومية، جعلهم يهجرون الشركة نحو فضاءات افتراضية " أكثر أمانا" بالنسبة إليهم، باعتبار أن الأرباح المتأتية منها لا تخضع لأي خصم ضريبي.
وفرضت وزارة المالية التونسية أخيرا، بموجب قانون المالية لسنة 2016، على التونسيين الفائزين في ألعاب الرهان والحظ ضريبة تلزمهم بدفع 25% من المبلغ المتحصل عليه.
اقرأ أيضا: تونس: تهم فساد تلاحق المتصرفين في شركات "بن علي"
تبدأ المراهنات لدى الكثيرين، برغبة عابرة في الاكتشاف، ليتحول لاحقا إلى إدمان يأسر المتابع لمثل هذه المراهنات، الذي يلاحقه حلم الثراء السريع، من دون أن يردعه خسارة أمواله الشحيحة، وإنما يعاود الرهان مرة تلو الأخرى لعله يظفر بالأموال.
وباتت ألعاب "بلانت وين" و"بي وين" و"ويليام هيل" الشهيرة، الأكثر انتشاراً خلال الفترة الأخيرة بين التونسيين، لاسيما في خضم معدلات البطالة التي تعمقت في السنوات الأخيرة، مع استفحال الأزمة الاقتصادية، ولم تعد المراهنات تقتصر على الألعاب والمباريات الرياضية الحية، وإنما امتدت إلى الألعاب الإلكترونية والافتراضية.
وتحركت أطراف حكومية عدة في الآونة الأخيرة لمجابهة هذه الظاهرة غير المقننة والتي لا تخضع للرقابة والضرائب، ولاسيما مع انتشار محال لتقديم خدمات الرهانات الإلكترونية، فضلا عن تكبد شركة حكومية عريقة متخصصة في إبرام مراهنات رياضية محلية، خسائر كبيرة بعد أن ظلت لعقود الملاذ الوحيد لمدمني المراهنات ومكاسبها.
لا تتطلب المراهنات عبر الإنترنت، سوى فتح حساب مصرفي إلكتروني خاص وتحويل عدد من الدنانير التونسية إلى عملة اليورو والانخراط في أحد مواقع الرهان، التي تعرض المسابقات على مدار الساعة، بينما تعرض الشركة الحكومية المعروفة في تونس باسم "البروموسبور" مسابقتين أسبوعيا، ما جعل فئات كثيرة من الشباب وحتى الكهول تقبل على المواقع الإلكترونية.
ويصف مراد الحطاب، الخبير المختص في المخاطر المالية، انتشار شبكات المراهنات الإلكترونية بالظاهرة الخطيرة، خاصة في غياب الرقابة على هذه المواقع.
ويقول الحطاب لـ "العربي الجديد"، إن هذه الأنشطة قد تتوسع، إذا لم تبادر الحكومة بحجب مواقع المراهنات، التي تمثل خطرا حقيقيا على رصيد الدولة من النقد الأجنبي، خاصة أن التقديرات تشير إلى أن حجم التحويلات اليومية من جانب المراهنين إلى 200 ألف دينار (100 ألف دولار).
وبالإضافة إلى النزيف اليومي لمخزونات النقد الأجنبي، تواجه الحكومة تراجعا حادا في الإيرادات الضريبية المتأتية من ألعاب الرهان الداخلي، وفق الحطاب، فضلا عن أن الحكومة تحتكر وفق القانون التونسي هذا النشاط، بالإضافة إلى تجارة التبغ والخمور التي تشكل ما لا يقل عن 60% من مجمل الإيرادات الضريبية.
وكانت أرباح الشركة الحكومية للمراهنات الرياضية، قبل غزو الألعاب الإلكترونية، شهدت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وبلغت ذروتها بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، باعتبار أن التونسيين كانوا لا يثقون بشفافية المسابقات خلال الفترات السابقة وما تردد عن حصول الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على حصة من عائدات الشركة.
وقد كشف القضاء التونسي، أن بن علي، كان يستحوذ على 20% من الإيرادات الأسبوعية لشركة الرهانات الرياضية، توجه مباشرة نحو صندوق القصر الرئاسي بشكل سري.
وتجاوزت إيرادات شركة "البروموسبور" عام 2013 أكثر من 128 مليون دينار (64 مليون دولار)، ونحو 150 مليون دينار في 2014 (80.46 مليون دولار)، بحسب البيانات الرسمية للشركة، في حين ارتفع عدد نقاط بيع أوراق المراهنات إلى 730 نقطة بيع في مختلف المحافظات التونسية.
وبدأت "البروموسبور" في التعبير عن قلقها من المنافسة التي وصفتها بـ "غير المشروعة" مع مواقع المراهنات الإلكترونية، خاصة وأن عدد المقبلين على هذه المواقع في تزايد مستمر.
وتنتشر هذه النوعية من المراهنات في بعض المناطق الكبيرة ومنها ولاية صفاقس، خصوصا في الأحياء الشعبية الفقيرة، حيث ترتفع نسبة البطالة بالتوازي مع غياب شبه تام لوسائل الترفيه.
اقرأ أيضا: قلق تونسي من طلبات صندوق النقد مقابل القروض
كما تنتشر في ولايات الجنوب والمناطق المتاخمة للشريط الساحلي على وجه الخصوص، الأمر الذي أرجعه عاملون في شركة الرهانات الحكومية، إلى أن هذه المناطق معروفة بتطورها التكنولوجي والسياحي أكثر من بقية المناطق الأخرى، ما زاد من معدلات الانتشار فيها بشكل أكبر.
وتشكل المراهنات الإلكترونية، حسب محمد البرقوقي، المدير العام لشركة "البروموسبور"، تهديدا خطيرا للاقتصاد التونسي ككل وليس للشركة التي يشرف على تسييرها فحسب.
وأوضح البرقوقي في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" مؤخرا، أن عمل الشركة الحكومية للرهان مقنن، وفائدته تعود على الدولة بالأساس، في حين أن القمار الإلكتروني خارج عن القانون ولا يخضع لأي رقابة رغم انتشاره.
وأضاف " الاقتصاد التونسي لا يجني أي منفعة من القمار الإلكتروني، مجمل الأرباح تعود إلى شركات أجنبية تدير الألعاب عبر الفضاء الإلكتروني، وهو ما يعد استنزافا للعملة الصعبة في الوقت الذي تعاني فيه الاقتصاد التونسي صعوبات كبيرة من تراجع مخزونات (احتياطيات) المصرف المركزي".
ورغم أن القانون التونسي لا يسمح لأي شركة رهان سوى الشركة الحكومية بالنشاط، إلا أن ألعاب "بي ين" و" بلانت وين" اكتسحت أوساط الشباب والباحثين عن الكسب المادي السهل والسريع.
وتشير بيانات شركة الرهانات الحكومية إلى أن عدد المتعاملين معها يبلغ نحو 360 ألف مشارك أسبوعيا، بينما يتجاوز عدد المتعاملين مع مواقع المراهنات الإلكترونية هذه المعدلات بعدة أضعاف وفق مراقبين.
واعتبر أنيس بن ميم، المحامي المختص في الشأن الرياضي، أن نشاط مواقع الألعاب الإلكترونية مخالف للقانون ويساهم في حرمان خزينة الدولة من عائدات مالية مهمة، باعتبار أن 50% من إيرادات شركة المراهنات الرياضية الحكومية تذهب لخزينة الدولة.
وقال بن ميم في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الحكومة مطالبة بإيجاد حلول قانونية للحد من نشاط الشركات الأجنبية المنافسة للشركة الحكومية، لافتا إلى أن نحو 40% من المراهنين حولوا وجهتهم نحو الألعاب الجديدة.
وأضاف أن قرار الحكومة بخصم 25% من أرباح المشاركين في مسابقات الشركة الحكومية، جعلهم يهجرون الشركة نحو فضاءات افتراضية " أكثر أمانا" بالنسبة إليهم، باعتبار أن الأرباح المتأتية منها لا تخضع لأي خصم ضريبي.
وفرضت وزارة المالية التونسية أخيرا، بموجب قانون المالية لسنة 2016، على التونسيين الفائزين في ألعاب الرهان والحظ ضريبة تلزمهم بدفع 25% من المبلغ المتحصل عليه.
اقرأ أيضا: تونس: تهم فساد تلاحق المتصرفين في شركات "بن علي"