شذرات

13 مارس 2017
حب لا يمكن قط البوح به لأحد (Getty)
+ الخط -
متوسّلاً وراجياً الخلاصَ من خلال أفعال حكيمة ومثالية، مدَّ يدَه إلى "الأنا الأعلى"، حيث عالم المبادئ. لم يجد العون، لم يجد غير الصمت والوحدة، لكنه فوجئ بكسرة خبزٍ، خبّأها في جيبه كي لا يشعر بالحرج.

***

يبقى المشهورون سعداء بالمغمورين الذين يقدمون العون من دون مقابل. فالمغمورون غير مرئيين، مما يسهّل على المشهورين عملهم الدؤوب ضدهم.

***

لكن يبدو أن المغمورين بحاجة ماسة إلى مشهورين كي يجدوا لحياتهم الخاوية مثالاً غير نافع. فالتعلق بالنماذج الجاهزة مغرٍ، ويناسب مزاج الكسالى الذين يظنون أنفسهم ذوي معرفة كافية بأحوال المشهورين الذين لا يبخلون عليهم بدورهم، إذ يضخّون بالمزيد من الأقنعة كل يوم.

***

لا يحتاج الحبّ إلى طقس مُعدّ مسبقاً، أو إلى عيد عام ينتظره الجميع، أو يوم خاص دون غيره من الأيام. من يحوّله كذلك، يحرمه من المفاجأة، ويجعل منه واجباً لا يُطاق.

***

ثمة كلماتٌ تسبق الكلمات، إنها تشرق من داخل أرض التلعثم والتردد والرغبة والحيرة. كلمات الأطفال من هذا النوع الفاتن. ربما آن الأوان أخيراً للعودة المستحيلة إلى تلك الأرض، إلى زمن بريء يطفو خارج الزمن المادي المعد بالدقائق، إلى براءة حقيقية وبسيطة وعميقة في آن واحد.

***

الموسيقى التي تتحول إلى كلمات ليست من الموسيقى كما قد يخيل إلينا، على العكس من الكلمات التي ترغب في أن تتحول إلى موسيقى.

***

يخلص الضعفاء إلى الحقيقة، عنصر وجودهم القوي، ما يجعل الأقوياء يحتقرونهم، ويدفع الحقيقة إلى التسلح بالجحيم ضدهم وضد نفسها في آن.

***

دفعاً للالتباس، يقال إن الحقيقة عارية، مما يمنحها الضعف الذي يغوي الأقوياء لنهشها.

***

الأقوياء تراجيديون حقيقيون، ذلك أن ما يبقى من الحقيقة على أيديهم، تختصره دموع الكوميديا.

***

عيون الآلهة السديدة، كعيون الأمهات حريصاتٍ من فرط القلق والخشية، رحيمةٌ مؤلمة. ولأنها بالتوقع الحميم تعرف الألمَ الذي أنجب الذكريات، لا تني تؤكد لنفسها أن أولاد الرحمة هذه النائحةَ بين نظراتها ليسوا سوى ملائكة أملاكها الضائعة.

***

حزينة هي أحلام النهار الواضحة العابرة، حتى أنها أحياناً تبدو مثل كلاب الصيد لاهثة فرحانة ومرمية قرب عظام ضوء مسلوخة.

***

لا يجرؤ المتكتم على الكلام مثلما لا تمنع الأيام فوضى العنف. طلبُ الصمت صعبٌ ومُلحّ كالصمت نفسه.

***

ثمة من يبتسم لا لشيء سوى أن ما يراه يملأ كيانه بحب جارف عصي، حب لا يمكن قط البوح به لأحد.

***

حينما تجتمع الحماسة مع الجهل الذي ندعوه الأمل الشعبي الصادق: (ما عليش، بتهون، ماشي الحال)، تتحول الحماسة نفسها إلى حمق لا يطاق، ويتخذ الأذى شكل فحولة صوتية هادرة معمية.

المساهمون