ويتعلّق التوتر الألماني التركي، بموضوع حرية الصحافة مروراً بالإجراءات الحكومية تجاه نواب حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، وانتهاء بالمواقف الألمانية تجاه أعضاء حركة "الخدمة" بزعامة فتح الله غولن، المتهم الأول بإدارة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو/ تموز الماضي.
والتقى شتاينماير لدى وصوله إلى أنقرة، وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الذي قال إنّ بلاده "سئمت" الموقف المتعالي للاتحاد الأوروبي في محادثات انضمام تركيا إليه.
وأضاف جاووش أوغلو، في مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني، أنّه توجد قضايا ضد 4500 عضو في حزب "العمال الكردستاني" موجودين في ألمانيا، لكن ثلاثة منهم فقط تمت إعادتهم إلى تركيا.
وتابع جاووش أوغلو "نقدر تأكيد شتانماير على أهمية تركيا، وعلى الرغم من فقدان الثقة إلا أن لهذا التأكيد أهمية بالغة، نحن لم نقل في أي وقت بأننا لسنا في حاجة إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن أحياناً ينسى الاتحاد الأوروبي حاجته لتركيا، ونرى أنّهم ينكرون هذه الحاجة".
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
كما قال إنّ "الشعب التركي هو من سيقرّر مسألة إعادة العمل بعقوبة الإعدام"، وهو أمر خلافي يحيط بحظوظ دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
بدوره، شدد الوزير الألماني على أنّه تحدّث مع نظيره التركي حول الأمور التي تثير قلق برلين، مؤكداً أنّ الحوار المنفتح والمخلص "أمر مهم للغاية".
وقال شتاينماير "نحن نمر بوقت صعب ولا نعرف متى سينتهي. هناك الكثير من الاضطرابات التي تؤثر على تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي. إنّ الشرق الأوسط يشبه برميل بارود، والأتراك يعيشون هذه الأزمات عن قرب".
وطالب شتاينماير بعدم أخذ الانتقادات الألمانية على أنها "عدم احترام للسيادة التركية"، مشيراً إلى أنّه "لا يمتك أي معلومات عن قيام أنقرة بتقديم أكثر من ٤ آلاف طلب لإعادة عناصر الكردستاني".
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
وبحسب السفير الألماني في العاصمة التركية أنقرة مارتن إردمان، فإنّ زيارة شتاينماير، تأتي لتصحيح العلاقات، وتقديم الدعم للحكومة التركية المنتخبة بعد المحاولة الانقلابية، مشيراً إلى أنّ الزيارة تحمل "أهمية بالغة" لتعزيز العلاقات، وكذلك تأتي في إطار المفاوضات التركية الأوروبية المستمرة، لإعفاء المواطنين الأتراك الراغبين بدخول فضاء شينغن من تأشيرة الدخول.
وأكد السفير الألماني أنّ الزيارة ستناقش التواجد العسكري الألماني في قاعدة إنجرليك التركية، وملف "العمال الكردستاني"، وحثّ الحكومة التركية على اتخاذ إجراءات متوازنة بحق المشتبه بمشاركتهم في محاولة الانقلاب.
بدوره، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، اليوم الثلاثاء، رفض بلاده القاطع لإجراء أي تعديلات في قانون مكافحة الإرهاب، الأمر الذي يضعه الاتحاد الأوروبي "شرطاً" لإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال يلدريم خلال كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، "للأسف، لم يتخذ أصدقاؤنا الأوروبيون أي موقف حاسم ضد الهجوم القذر الذي تعرّضنا له خلال المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز الماضي. لو كنتم تؤمنون بالديمقراطية والحريات، فعلى الأقل كنتم ستحتفون بالنضال الملحمي الذي قامت به الأمة التركية، ولكنتم ستدينون من فتح النار على الشعب وقصف البرلمان التركي".
وأضاف يلدريم أنّ "من يفتح أحضانه لكل من العمال الكردستاني وحركة الخدمة لا يمكنه أن يوجه النصح لتركيا. على الاتحاد الأوروبي ترك الحديث بلسان المنظمات الإرهابية، إنّنا لا نأخذ الأوامر إلا من أمتنا. في تركيا لا يوجد شيء تحت التهديد لا الديمقراطي ولا سيادة القانون".
وبرز توتر العلاقات الألمانية التركية، في يونيو/ حزيران الماضي، بعد تمرير البرلمان الألماني قراراً يعترف بالمجازر التي تعرّض لها الأرمن، خلال الحرب العالمية الأولى، على أنها "إبادة جماعية"، مما أدى إلى ردة فعل قاسية من قبل الحكومة التركية.
وطالب حينها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بوضع مسافة بينها وبين القرار، كما منعت أنقرة وفداً برلمانياً ألمانياً من زيارة العسكريين الألمان المتواجدين في قاعدة إنجرليك العسكرية.
وقامت بعدها الحكومة الألمانية على لسان المتحدث باسمها ووزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، بالنأي بنفسها عن القرار البرلماني، معتبرة القرار غير ملزم للحكومة من الناحية القانونية، وذلك بعد اللقاءات التي عقدتها ميركل مع أردوغان، في يوليو/ تموز الماضي، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي، في العاصمة البولندية وارسو.
وشنّت الحكومة التركية، حملة دبلوماسية وإعلامية على برلين، بعد موقفها المعارض لقيام السلطات التركية باحتجاز نواب حزب "الشعوب الديمقراطي"، ممن رفضوا الإدلاء بإفاداتهم أمام القضاء التركي، ومن احتجاز صحافيي جريدة "جمهورييت" التركية المعارضة، وقيام الرئيس الألماني الحالي يواكيم غاوك باستقبال رئيس تحرير جريدة "حرييت" السابق جان دوندار، بعد فراره من تركيا، ومنحه حق اللجوء السياسي.
وترفض ألمانيا تسليم المتهمين بالانتماء لحزب "العمال الكردستاني"، من المتواجدين على أراضيها، وكذلك منتسبي حركة "الخدمة"، الذين قامت برلين بمنحهم حق اللجوء السياسي.
وكان أردوغان قد دعا، أمس الإثنين، الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ قرار نهائي فيما يخصّ انضمام تركيا للاتحاد، ملوّحاً بإمكانية التوجّه إلى استفتاء شعبي لحسم الأمر على غرار "بريكست" في بريطانيا.
وأكد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم، أمس الإثنين، على رغبتهم باستمرار المفاوضات مع أنقرة، باستثناء النمسا التي تدعو إلى وقفها.