قبل أيام، دخل لبنان مرحلة جديدة، من انتشار فيروس كورونا. استنفرت وسائل الإعلام، لكن الأمر لم يكن مفاجئًا بالنسبة للمحطات التلفزيونية. فمنذ بداية الانتفاضة في أكتوبر/تشرين أول 2019، قل عدد إنتاج البرامج والمسلسلات، وليس مبالغًا القول إن بعض القنوات، منيت بخسارات كبيرة، جراء الوضع الاقتصادي الصعب، والأزمة المالية المتمثلة بالمصارف، وشح العملات الأجنبية، ثم جائحة كورونا، التي أرجأت مزيداً من الأعمال الدارمية، كانت المحطات تعول على عائدات هذه المسلسلات الدعائية في شهر رمضان.
لم تتغير الخريطة، توقفت بعض البرامج المباشرة قبل قرابة شهر، لتدخل المحطات إلى غرفة الأرشيف، وتسترجع بالذاكرة مجموعة من البرامج التي مضى عليها أكثر من 15 عاماً. وكذلك الأمر في إعادة عرض مجموعة من المسلسلات اللبنانية.
استعادات البرامج القديمة، والمسلسلات، تحمل المشاهد اللبناني عموماً إلى الاستعانة بالقنوات الفضائية أو المنصّات، ازداد طلب الاشتراك في "نتفليكس"، بحسب الإحصاءات، منذ آذار/مارس الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التواصل عبر محرك "زوم"؛ فارتفع سعر سهم شركة "زوم" بنسبة 40 في المائة في فبراير/شباط بفضل الطلب الكبير على تكنولوجيا التواصل، وهكذا في لبنان يتجه المشاهد إلى التقنيات الجديدة التي تبعده قليلاً عن الشاشة المحلية.
الأمر مُشابه بالنسبة لبعض الفضائيات العربية المُشفرة، التي استعانت هذا الصيف بما تيسر من إنتاجات جديدة، تُعرض للمرة الأولى. استثمار يُعد رابحاً مع تجدد الدعوة إلى الالتزام بالحجر الصحي داخل المنازل.
تنقل معلومات من داخل المحطات التلفزيونية في لبنان أن أزمة المصارف، وعدم توفر العملات الأجنبية كالدولار، كانت الضربة القاضية بالنسبة لهم، خصوصاً في تعاملهم مع المنتجين، وضرورة تأمين السيولة الكافية لشراء وعرض البرامج والمسلسلات، خصوصاً أن التعامل كان لسنوات طويلة بالدولار. كما شهدت العائدات الإعلانية هبوطاً واضحاً بعد الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، ما فتح الباب أمام مسؤولي المحطات على الاستعانة بما هو متوفر لديهم، أي الأرشيف.
في الوقت نفسه، هناك أخبار حول تحضيرات خاصة ببرمجة الخريف، تستعد لها المحطات اللبنانية. بعضها يحاول اليوم الدخول في شراكة مع محطات فضائية لكسب العرض الأول المحلي في لبنان، تماما كما تفعل شاشة LBCI اللبنانية عبر الاستعانة بـ MBC ضمن باقة من البرامج والمسلسلات المتبادلة التي عرضت لسنوات، على الشاشتين. يبدو أن تداعيات الأزمة المالية ستلزم المحطة اللبنانية بالشراكة مجدداً، وكسب المزيد من المشاهدين في إطار منافسة المحطات المحلية الأخرى.
حال المنتجين، في لبنان، ليس أفضل كثيراً من المحطات، الكساد الذي حصل بعد الانتهاء من تصوير مسلسلات رمضان التي تأجلت بسبب "فيروس كورونا" يضعهم أمام المأزق نفسه في عدم تمكنهم من زيادة أرباح السنة عموماً. تقرر عرض جزء من هذه المسلسلات في رمضان 2021، وهذا يعني أن لا إمكانية لإنتاج جديد، سوى بعض الأعمال الدرامية القصيرة الخاصة بالمنصّات الإلكترونية.