شائعات ضد مرسي... حقائق في زمن السيسي

25 يناير 2018
السيسي زار إثيوبيا وسمح للأخيرة بإنشاء السد(زكرياس أبوبكر/فرانس برس)
+ الخط -


لم تسلم الثورة المصرية من الشائعات المستمرة على مدار سبع سنوات كاملة، بيد أن عام حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، نال النصيب الأوفر منها، إذ أدت وسائل الإعلام المعارضة لجماعة "الإخوان المسلمين" دور "رأس الحربة" في نشر الكثير من الأخبار الكاذبة، بتوجيه من أجهزة الاستخبارات، بغرض تهييج الرأي العام ودفع المواطنين للتظاهر ضد حكمه.
غير أن شائعات عهد مرسي باتت حقيقة في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وأمراً واقعاً يعيشه المصريون، بعد إعلان وزارة الآثار المصرية أخيراً عن منح شركة إماراتية حق إدارة منطقة الأهرامات الأثرية في الجيزة، وموافقة البرلمان على تعديلات تشريعية تقر بتخصيص أراضي منطقة قناة السويس بالمجان للمستثمرين الأجانب.

ولم تكن موافقة مجلس النواب على اتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، في يونيو/حزيران الماضي، ببعيدة عما يُثار بشأن "صفقة القرن"، وضلوع السيسي في مباحثات غير معلنة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حول إقامة جزء من الدولة الفلسطينية على أرض سيناء المصرية، وهي معلومات غير مؤكدة لكن يتم تداولها على لسان مسؤولين إسرائيليين رسميين، مثل الوزير الليكودي الإسرائيلي أيوب قرا، الذي كتب في فبراير/شباط الماضي أن "ترامب و(بنيامين) نتنياهو سوف يتبنيان خطة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية".

وفي وقت اتُهم فيه مرسي وحكومته بالتفريط في حصة مصر من مياه النيل، والفشل في إدارة ملف سد النهضة الإثيوبي، بشكل مخالف للواقع، فإن السيسي هو من وقّع على إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة في مارس/آذار 2015، والذي تنازل بموجبه عن حصة بلاده التاريخية من مياه النيل، واعترف بحق أديس بابا في بناء السد، على الرغم من تداعياته السلبية على حصة مصر المائية.


تأجير الآثار

في فبراير/شباط 2013، أرسل أحد المواطنين خطاباً إلى هيئة الآثار، طالب فيه بتأجير الآثار المصرية لمدة خمس سنوات. وعلى الرغم من عدم معقولية الطلب، إلا أن صحيفة "اليوم السابع" المحسوبة على الاستخبارات الحربية، سارعت للتأكيد عبر مصادر مجهولة، أن مرسي تلقى بالفعل عرضاً من دولة قطر لتأجير الآثار المصرية مقابل 200 مليار دولار.
بدورها، نشرت صحيفة "الوطن"، المحسوبة على الاستخبارات العامة، خبراً زعم أن مرسي وافق على تأجير آثار بلاده، بعد اجتماع له مع رجل الأعمال حسن مالك لقرابة الساعة، بحضور المواطن صاحب الاقتراح، في حين خصص المذيع باسم يوسف إحدى فقرات برنامجه للحديث عن رغبة قطر في شراء منطقة الأهرامات، من دون دليل.

في المقابل، أعلن رئيس شركة الصوت والضوء للتنمية السياحية سامح سعد، في منتصف يناير/كانون الثاني الحالي، أن شركة "بريزم إنترناشيونال" الإماراتية حظيت بموافقة مبدئية من وزارة الآثار المصرية على تولي إدارة منطقة الأهرامات لمدة 20 عاماً، شرط ضخ 50 مليون دولار للقيام بعمليات تطوير في المنطقة السياحية الأهم في القاهرة.
كما أفادت رئيسة الشركة القابضة للسياحة والفنادق ميرفت حطبة، بأن الشركة الإمارتية تقدمت بنموذج لتطوير المنطقة الأثرية قبل عامين، في ضوء صعوبة الوضع المالي لشركة "الصوت والضوء"، مشيرة إلى الاتفاق بين الطرفين على تقديم عروض فنية لكبرى الشركات العالمية، وإحداث نقلة بعروض منطقة الأهرامات.



قناة السويس

"القناة حُفرت بدماء المصريين، وليست ملكاً لأحد كي يبيعها، أو يُفرط فيها"، بهذه الكلمات رد مرسي على شائعات وسائل الإعلام بشأن "تخطيطه لبيع أراضي مشروع تنمية منطقة قناة السويس إلى الأجانب"، وحديثها عن أن مشروع قانون تنمية المنطقة هو تمهيد لبيع الأرض بالكامل إلى المستثمرين القطريين والأتراك.
في المقابل، وفي 16 يناير/كانون الثاني الحالي، وافقت لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس النواب، بصفة مبدئية، على مشروع قانون مقدّم من رئيسها عمرو غلاب، بشأن تمتع المشاريع المقامة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أياً كان شكلها، أو النظام القانوني الخاضعة له، بالحوافز والضمانات المقررة للمشاريع الخاضعة لأحكام قانون الاستثمار الجديد.
وصادق السيسي على قانون الاستثمار، في الأول من يونيو/حزيران الماضي، الذي تعوّل عليه حكومته في جذب الاستثمارات الخارجية، من خلال التوسع في منح الحوافز للمستثمرين الأجانب، والنص على منحهم أراضي بالمجان في بعض الصناعات الاستراتيجية، من دون استثناء المناطق الحيوية على غرار قناة السويس وسيناء.

وأخيراً، أدرجت وزارة الاستثمار المصرية، المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، ضمن المناطق الأكثر احتياجاً (الفئة أ)، بدلاً من مناطق الصعيد، بهدف منح المستثمرين الأجانب الحصة الأكبر من الحوافز الممنوحة للمنطقة، بحجة أنه "ليست بالضرورة أن تكون المناطق الأكثر احتياجاً هي التي تُعاني من الفقر، أو نسب البطالة المرتفعة، وإنما صاحبة الفرص الأكبر في التنمية والاستثمارات"، بحسب حديث وزيرة الاستثمار سحر نصر، أمام اللجنة النيابية.
كذلك وافق البرلمان الشهر الحالي، على مشروع قانون إنشاء الهيئة العامة للتنمية الصناعية، المقدم من رئيس لجنة الصناعة أحمد سمير، وأكثر من ستين نائباً، في مجموع مواده، والذي يقر بمنح الأراضي الصناعية من دون مقابل للمستثمرين المحليين والأجانب، بدعوى زيادة استثمارات المناطق الصناعية في البلاد.


توطين الفلسطينيين

استغل عدد كبير من الإعلاميين اشتعال أزمة الإعلان الدستوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، لنشر شائعة عن اتفاق مرسي مع حكومة غزة، حول امتداد الدولة الفلسطينية إلى شمال سيناء، علاوة على نشر تقارير صحافية في مارس/آذار 2013 عن إنشاء مليون وحدة سكنية في سيناء، إيذاناً بتوطين الفلسطينيين.
وتداولت الصحف آنذاك تقارير كاذبة عن حصول مرسي، ونائب المرشد العام لجماعة "الإخوان" خيرت الشاطر، على 8 مليارات دولار من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مقابل التنازل على جزء من سيناء، وفقاً لوثيقة مزعومة، تحدث عنها الكثير ممن يُعرّفون أنفسهم بـ"الخبراء الاستراتيجيين" على القنوات الفضائية، من دون نشرها قط.

إلا أن السيسي يسعى جاهداً على مدار الأشهر الماضية، لتحويل الشائعة إلى واقع، في ضوء حديثه عن "صفقة القرن" صراحة، خلاله لقائه مع ترامب في واشنطن العام الماضي، والتسويغ لاتفاق بإنشاء دولة فلسطينية تمتد لنحو 60 كيلومتراً في عمق سيناء، بهدف تسويقها لدى الشارع العربي، على الرغم من تبني أميركا لوجهة النظر الإسرائيلية، الرامية لرفض حل الدولتين، واقتصار الأمر على حكم ذاتي للفلسطينيين.
وفي وقت سابق، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن مسألة تبادل الأراضي بما يُعرف بـ"صفقة القرن"، في حال تطبيقها، لا زالت محل جدل بين الأردن ومصر والفلسطينيين، مؤكدة أن ذلك البند يلقى رفضاً أردنياً كبيراً. في حين وصفت المصادر، الموقف المصري بشأنه بـ"غير القوي"، ملمّحة إلى إمكانية قبوله خلال مرحلة من مراحل التفاوض بشأن الخطة.


سد النهضة

ادعت صحف مصرية أن جماعة "الإخوان" توافقت مع إثيوبيا بشأن الانتهاء من إنشاء سد النهضة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مقابل تأييد الولايات المتحدة لمرسي في انتخابات الرئاسة، ونشرت شائعات عن عقد مرسي مقابلات مع وفود أميركية لبحث مشروع تكلفته ملياري دولار، لتوصيل مياه نهر النيل إلى تل أبيب.
بينما ذهب السيسي إلى أديس بابا ليوقّع في اتفاق المبادئ على حق الأخيرة في إنشاء السد وتوليد الطاقة والتنمية الاقتصادية، واستكمال إثيوبيا، بحسن نية، تنفيذ التوصيات الخاصة بأمان السد، الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية، إلى أن تعثّرت مفاوضات السد، في ظل تعنّت الموقف الإثيوبي، ورفضها مقترح مصر بوساطة البنك الدولي كطرف وسيط.