سيناريو التهجير يتكرر بالغوطة الغربية... وشرق إدلب تحت القصف

27 ديسمبر 2017
يحاول النظام فرض سيطرته الكاملة في الغوطتين (فرانس برس)
+ الخط -
يحاول النظام السوري فرض اتفاق تهجير جديد في الغوطة الغربية لدمشق مستغلاً تقدمه الميداني في الأيام الماضية وموظفاً الحصار الكامل الذي يفرضه على المنطقة، كأوراق ضغط لإنهاء آخر نفوذ للفصائل العسكرية التي تقاتله في الغوطة الغربية بعد عمليات تهجير عدة مماثلة في ريف دمشق. ويأتي ذلك بينما تشهد بلداتٌ وقرى بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، مزيداً من موجات النزوح لمئاتِ العائلات، غداة تعرض مناطق سكنها لغاراتٍ وقصفٍ مدفعي عنيف شبه يومي، بالتزامن مع الحملة العسكرية لقوات النظام ومليشياتٍ تساندها بريف حماة.

تهجير جديد في الغوطة

وتحدثت وسائل إعلام مقربة من النظام عن مفاوضاتٍ تجري برعاية "لجان محلية"، لإنهاء المعارك بريف العاصمة الجنوبي الغربي المتاخم لفلسطين المحتلة، وفق اتفاق يفضي إلى خروج مقاتلي "اتحاد قوات جبل الشيخ" (يضم مقاتلي هيئة تحرير الشام وفصائل عسكرية أخرى) من الغوطة الغربية إلى محافظة إدلب شمال غربي البلاد، خصوصاً أنه لم يعد هناك أي منفذ للمقاتلين المحاصرين أو طريق إمداد بعدما فشلت جميع محاولات كسر حصار النظام للمنطقة.

ويسيطر "اتحاد قوات جبل الشيخ" على قرى مغر المير وبيت جن ومزرعة بيت جن، والتي تقع على مجرى نهر الأعوج الذي ينبع من سفوح جبل الشيخ بالقرب من قرية عرنة في ريف دمشق الجنوبي الغربي، المتاخم للأراضي المحتلة، ويرفد الأعوج نهر بردى في دمشق.

وكانت قوات النظام قد سيطرت على معظم المواقع والتلال المحيطة بقريتي مزرعة بيت جن ومغر المير وبلدة مزرعة بيت جن، وحاصرت المناطق الثلاث بشكل تام بعد عمليات عسكرية استمرت عدة أسابيع.



ولا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد المقاتلين في تلك القرى والنقاط المحيطة بها، والمدنيين الذين لا يزالون محاصرين في القرى الثلاث القريبة من مدينة حضر في ريف القنيطرة المجاورة، والتي تسيطر عليها قوات النظام السوري.

لكن المنطقة تضم العديد من الفصائل العسكرية المقاتلة ضمن غرفة عمليات "اتحاد قوات جبل الشيخ"، أبرزها لواء جبل الشيخ، ألوية الفرقان، وهيئة تحرير الشام. وتعرّف غرفة العمليات نفسها بأنها "هيكل تنظيمي عسكري يجمع كافة الفصائل العاملة في قرى جبل الشيخ المحررة"، وتم تشكيل الغرفة في الثاني والعشرين من مارس/ آذار الماضي من دون إصدار بيان رسمي بتشكيلها.

وتزامنت هذه التسريبات مع انخفاض حدة المعارك، التي حققت قوات النظام تقدماً فيها خلال الأيام القليلة الماضية، وأحكمت سيطرتها على تلالٍ تًغلق طرقاً رئيسية تتحرك فيها الفصائل العسكرية المقاتلة هناك، والتي باتت مُحاصرة داخل المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها.

وفي حين أدى سوء الأحوال الجوية دوراً في انخفاض وتيرة القتال المستمر منذ أسابيع بين قوات النظام والمليشيات التي تسانده من جهة، و"اتحاد قوات جبل الشيخ من جهة أخرى، فإن مصادر عدة تحدثت عن أن إطلاق المفاوضات، استلزم تخفيف حدة المواجهات.

ورغم نفي مصادر في "اتحاد قوات جبل الشيخ" للأنباء التي تحدثت عن قرب التوصل لاتفاق، يخرج بموجبه مقاتلو الفصائل نحو محافظة إدلب، إلا أن وسائل إعلام موالية للنظام، تحدثت عن أن الاتفاق قد يرى النور خلال اليومين المقبلين مع تسوية أوضاع من يرغب في البقاء. وأشارت إلى أن قادة ومسلحي "هيئة تحرير الشام" سيخرجون إلى إدلب مع عائلاتهم، في حين أن موضوع نقل بعض المسلحين إلى درعا لا يزال قيد التفاوض.

وحتى مساء أمس الثلاثاء، لم تؤكد أي جهة معنية التوصل لاتفاق رسمياً، ولكن الوقائع والمعطيات، تشير إلى أن اتفاقاً تتم تسويته حالياً، وهو مماثل لاتفاقياتٍ جرت سابقاً في مناطق كثيرة بمحيط العاصمة، أبرزها داريا ومعضمية الشام والتل، ووادي بردى وأحياء بزرة والقابون وتشرين.

وفي حال تمَّ التوصل إلى الاتفاق، تكون قوات النظام قد أنهت آخر نفوذٍ لفصائل عسكريةٍ تقاتلها في الغوطة الغربية، بعد أن أنهت تواجد أهم مجموعات المعارضة السورية هناك عبر مراحل، من مناطق خان الشيح وزاكية وكناكر، وهو ما يعني أن قوات النظام ستتحرك بأريحية ميدانية، في حال بدأت هجوماً على مواقع المعارضة في ريف القنيطرة الشمالي، المتصل بعمق مناطق سيطرة المعارضة في محافظة درعا.

أما في الغوطة الشرقية فقصفت قوات النظام، أمس مناطق: دوما، عربين، الشيفونية، بيت نايم، حرستا.

شرق إدلب تحت القصف

في موازاة ذلك، تواصلت في اليومين الماضيين، موجات النزوح، من بلدات وقرى جرجناز وسنجار وتل الطوقان ومناطق أخرى جنوب وشرقي إدلب. وفرّت مئاتُ الأسر، وبينها أسر نازحة أساساً من مناطق سكنها الأصلية بريفي حماه الشمالي والشرقي، نحو عمق محافظة إدلب، مبتعدة عن المناطق التي يتركز القصف عليها هذه الأيام من قبل الطيران الروسي، ومدفعية قوات النظام والمليشيات المدعومة إيرانياً. وتصاعدت حدة القصف خلال الأيام القليلة الماضية حتى أمس الثلاثاء.

وجدد الطيران الروسي منذ فجر الثلاثاء، شن غاراتٍ على مناطق ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، إذ تحدثت مصادر محلية، عن مقتل مدنيين اثنين جراء هذه الهجمات، في بلدة التمانعة، شرق خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بالتزامن مع ضرباتٍ مماثلة، طاولت مخيم رسم العبد للنازحين قرب بلدة سنجار في ريف إدلب الشرقي، وقرى أخرى بمحيط ذات المنطقة، التي تسعى قوات النظام للتقدم نحوها من ريف حماه الشمالي الشرقي المتاخم لجنوبي إدلب. وكان القصف يوم الاثنين خلف أكثر من 15 قتيلاً مدنياً وعشرات الجرحى، في مناطق متفرقة بريف إدلب.

في غضون ذلك، هدأت جبهات المعارك، في المحورين اللذين يحاول النظام بدعمٍ جوي روسي التقدم عبرهما، من ريفي حماة الشمالي والشرقي نحو جنوب وشرق محافظة إدلب. وكانت المواجهات خلال الأسبوع الماضي عنيفة، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى من القوات المُهاجمة، فيما تكبدت مجموعة الفصائل التي تحاول صد الهجوم، خسائر بشرية. ورغم الهدوء النسبي، قياساً بحدة المعارك في أوقاتٍ سابقة، إلا أن المواجهات مُستمرة، مع تقليص قوات النظام لعدد الهجمات البرية، وتكثيفها خلال اليومين الماضيين استخدام القوة النارية والقصف المدفعي، مع تصعيد الطيران الروسي لغاراته.

ويبدو واضحاً من المُعطيات الميدانية، أن هدف هذه الحملة العسكرية السيطرة على مناطق شرق خط قطار حلب-دمشق، وهي حالياً تحت سيطرة فصائل عسكرية عدة، أبرزها فصائل الجيش الحر "جيش العزة"، و"جيش النصر"، و"جيش إدلب الحر". كما تتمتع "هيئة تحرير الشام" بنفوذ واسع في هذه المناطق، وهي تسيطر على مطار أبو الظهور العسكري، الذي تسعى قوات النظام للوصول إليه.

وردت فصائل بالمعارضة السورية أمس، على القصف العنيف الذي تتعرض له مناطق واسعة في محافظة إدلب من قبل الطيران الروسي ومروحيات النظام. وأعلن "فيلق الشام"، أن عناصره قصفوا مواقع عسكرية للنظام، أبرزها الأكاديمية العسكرية وضاحية الأسد جنوب غرب حلب، ومواقع في بلدات رتيان وباشكوي والملاح شمال المحافظة.