16 مايو 2018
سيناء بين الدولة والولاية
يحيى عقيل (مصر)
أصبح مألوفا في مدينة العريش التي تكتظ بالكمائن العسكرية والشرطية أن يدخل أفراد ولاية سيناء إلى وسط المدينة، لينتزعوا كاميرات مراقبة من أمام المحلات، أو يوزعوا منشورات على المارة، ويُصدروا تعليماتٍ، ثم ينصرفوا في هدوء وأمان.
ثمّ تطوّر الأمر، فأقامت الولاية كمائن تفتيش تصطحب فيها أجهزة كمبيوتر عليها بيانات وصور لمطلوبين لديها، ثم تلّملم حاجياتها، وتنصرف في هدوء، لتخرج علينا دولة العسكر الفاشلة، لا لتنكر الواقعة، لأنّ الولاية نشرت صور توّثق الحدث، ولكن لتقول إنّ بقاءهم في الشارع كان لدقائق معدودة، وكأنّ السيطرة المدعوة لا يعيبها بضع دقائق تنشر فيها كمائن المسلحين الرعب، وتمارس سيطرة على الأرض؟ وهكذا يتم صياغة خطاب شبه الدولة، وترويجه على الشعب المحكوم عليه أن لا يرى الحقيقة، ولا يسمع إلا صوت المتحدث العسكري.
حتى جاءت فضيحة العمارة ذات الطوابق الخمسة التي قرّرت الولاية أن تعاقب صاحبها بهدم بنايته، بدعوى أنّ الجيش يستخدم سطح العمارة أحيانا، ولم تقل لنا الولاية ومتحدثوها، ماذا يفعل الرجل ليمنع الجيش من استخدام بنايته؟ وما مصيره إذا اعترض؟ ليكون الرجل بين خيارين، كلاهما قتل، حيث جاءت عناصر الولاية، وأمرت السكان بالخروج منها، ثم أحضرت متفجراتها، وفخّخت العمارة بشكل فني بالكامل، ثم ابتعدت بعيداً، وأطلقت شرارة التفجير لتخرّ البناية كومة تراب، في مشهد بدا كأنك في القدس المحتلة.
السؤال المطروح: هل تمتلك الولاية من المتفجرات ما يكفي؟ ربما. لكن، كيف مرت على كلّ كمائن مدينة العريش، حتى وصلت إلى هدفها، ولم يعترضها أحد؟ ثم هل استغاث الأهالي بالجيش والشرطة؟
نعم حدث الأمر، لنكون أمام سؤال آخر: هل كانت المدة غير كافية، لتنتقل شبه القوات في شبه الدولة التي تفرض شبه سيطرة على الأرض إلى مكان وجود المسلحين؟ نعم، المدة كانت كافية، لتنتقل قوات من أقصى نقطة في المحافظة إلى موقع الحدث، لأن الإجراءات والتفجير تجاوز الساعتين! ثم لماذا جاءت هذه العملية، بعد الزيارة السرّية لوزيري الدفاع والداخلية؟ ولماذا نعمت المحافظة بالهدوء، في وقت الزيارة وبعدها؟ كلها أسئلة متداخلة، ولا تجد لها إجابة شافية أبداً، إنّها حالة الضبابية التي يصرّ النظام أن تعيش فيها شمال سيناء، وأن يظلّ المشهد مخلوطاً ومغلوطاً على كلّ من يحاول قراءته أو تحليله، لتكون النتيجه المؤكدة من قراءة الواقع أنّ شبه الدولة تعمل جاهدةً على إدارة الصراع في سيناء، ولا تعمل إطلاقا على إنهاء الصراع. ولكن، يجن جنونها إذا خرجت بعض مشاهد إدارة الصراع عما تريده وتخطّط له، وهكذا يظل المشهد غامضا غموضاً مرعباً، ويدفع ثمنه المواطن السيناوي على كل حال.
ثمّ تطوّر الأمر، فأقامت الولاية كمائن تفتيش تصطحب فيها أجهزة كمبيوتر عليها بيانات وصور لمطلوبين لديها، ثم تلّملم حاجياتها، وتنصرف في هدوء، لتخرج علينا دولة العسكر الفاشلة، لا لتنكر الواقعة، لأنّ الولاية نشرت صور توّثق الحدث، ولكن لتقول إنّ بقاءهم في الشارع كان لدقائق معدودة، وكأنّ السيطرة المدعوة لا يعيبها بضع دقائق تنشر فيها كمائن المسلحين الرعب، وتمارس سيطرة على الأرض؟ وهكذا يتم صياغة خطاب شبه الدولة، وترويجه على الشعب المحكوم عليه أن لا يرى الحقيقة، ولا يسمع إلا صوت المتحدث العسكري.
حتى جاءت فضيحة العمارة ذات الطوابق الخمسة التي قرّرت الولاية أن تعاقب صاحبها بهدم بنايته، بدعوى أنّ الجيش يستخدم سطح العمارة أحيانا، ولم تقل لنا الولاية ومتحدثوها، ماذا يفعل الرجل ليمنع الجيش من استخدام بنايته؟ وما مصيره إذا اعترض؟ ليكون الرجل بين خيارين، كلاهما قتل، حيث جاءت عناصر الولاية، وأمرت السكان بالخروج منها، ثم أحضرت متفجراتها، وفخّخت العمارة بشكل فني بالكامل، ثم ابتعدت بعيداً، وأطلقت شرارة التفجير لتخرّ البناية كومة تراب، في مشهد بدا كأنك في القدس المحتلة.
السؤال المطروح: هل تمتلك الولاية من المتفجرات ما يكفي؟ ربما. لكن، كيف مرت على كلّ كمائن مدينة العريش، حتى وصلت إلى هدفها، ولم يعترضها أحد؟ ثم هل استغاث الأهالي بالجيش والشرطة؟
نعم حدث الأمر، لنكون أمام سؤال آخر: هل كانت المدة غير كافية، لتنتقل شبه القوات في شبه الدولة التي تفرض شبه سيطرة على الأرض إلى مكان وجود المسلحين؟ نعم، المدة كانت كافية، لتنتقل قوات من أقصى نقطة في المحافظة إلى موقع الحدث، لأن الإجراءات والتفجير تجاوز الساعتين! ثم لماذا جاءت هذه العملية، بعد الزيارة السرّية لوزيري الدفاع والداخلية؟ ولماذا نعمت المحافظة بالهدوء، في وقت الزيارة وبعدها؟ كلها أسئلة متداخلة، ولا تجد لها إجابة شافية أبداً، إنّها حالة الضبابية التي يصرّ النظام أن تعيش فيها شمال سيناء، وأن يظلّ المشهد مخلوطاً ومغلوطاً على كلّ من يحاول قراءته أو تحليله، لتكون النتيجه المؤكدة من قراءة الواقع أنّ شبه الدولة تعمل جاهدةً على إدارة الصراع في سيناء، ولا تعمل إطلاقا على إنهاء الصراع. ولكن، يجن جنونها إذا خرجت بعض مشاهد إدارة الصراع عما تريده وتخطّط له، وهكذا يظل المشهد غامضا غموضاً مرعباً، ويدفع ثمنه المواطن السيناوي على كل حال.