الأحد الماضي، كانت الذكرى السابعة لحدث كبير مثّل شعلة انتفاضات العالم العربي. ففي السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول 2010، أضرم الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه، ليقضي متأثراً بإصاباته بعدها بأيام.
منذ ذلك التاريخ، لفّت تلك الانتفاضات العالم العربي، سمّيت لدى كثيرين "الربيع العربي"، وما زال كثيرون أيضاً يصرّون على هذه التسمية مهما كانت الأمور سيئة في معظم الدول، ومهما كثر القتل، وانحدرت الحريات، وانهارت الدول، وامتلأت المعتقلات، ودُفع الناس خارج أوطانهم. من يعرف الربيع جيداً ومن شارك في تلك الانتفاضات يؤمن بأنّها ربيع حقيقي كان حدثاً تاريخياً حرّك الجمود وهزّ عروشاً صدئة، وبشّر بعصر مختلف عمّا سبق.
ما الربيع؟ هو الفصل الأخضر؛ فصل الحياة. هو موعد انبعاث الإنسان وعودة الروح إلى الجسد فتيّة متمردة نضرة تجدد الطبيعة، وتعيد الخصب مع أدونيس وتموز في أساطير الشعوب. في الربيع قيامة المسيح. وفي الربيع حياة النوروز الجديدة. وفي الربيع القمري - والشمسي - ولد الرسول.
في الربيع أيضاً يُحصد القمح في شرقنا. ذلك القمح الذي يصنع خبزاً يمثل صلتنا المادية المباشرة بالحياة والذي صبرنا طويلاً جداً في كثير من بلداننا قبل عام 2011، لنقرنه بالصلة المعنوية المباشرة بالحياة هذه المرة، وهي الحرية، ونحن نصبو إليها.
هذا ما يمثله الربيع العربي أيضاً مهما أُنكر، وانفضّ عنه حتى المنتفضون فيه من أجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، فرضوا بأن يعودوا إلى رقاد طويل أو ينقلبوا على انتفاضتهم وينساقوا إلى خانة زعيم وقائد ورئيس وحاكم وشيخ وأمير وملك، يحلفون بحياته وينعمون بخيراته ويجحظون أعينهم في من يتجرأ مجدداً على تسمية الأسماء بأسمائها، وعلى إعادة التأكيد على الظلم والظَلَمة والمظلومين في عالمنا.
ما زرعه البوعزيزي شبيه جداً بالقمح؛ إذ يُغرس شتاء وتضيء سنابله ربيعاً. وإن لم يحلّ الربيع العربي بعد، فإنّ ذلك لا يلغي كون كلّ تلك السنوات بشرى لربيع يأتي. اليأس أكلنا جميعاً، والتعب نال منا، والشعوب تئنّ أكثر مما كانت عليه، والحكام يتصلبون في مواقعهم، وحتى من استبدل منهم جاء نظير له يستنسخ ما كان عليه أحياناً. لكنّنا تحركنا، وعرفنا المقلب الآخر للموت... عرفنا الحياة فعوقبنا مجدداً بالموت على معرفتنا. وبهذا وبغيره سوف يأتي الربيع إلى وطننا العربي الكبير، وسيكون كما تبشر به أغنية خالد الهبر: "يا وطن الحزن الممزوج بأحلام الفقراء... يا حكايات الجراح في ليالٍ قاتمة... يا ترانيم المحبة... سوف يأتيك الربيع... سوف يأتي كالأغاني زارعاً في كلّ جرح وردة مثل الأماني... سوف يأتي، خبّرتني حلوة كانت هنا... سوف يأتي خبّرتني أغنيات العاشقين".
اقــرأ أيضاً
منذ ذلك التاريخ، لفّت تلك الانتفاضات العالم العربي، سمّيت لدى كثيرين "الربيع العربي"، وما زال كثيرون أيضاً يصرّون على هذه التسمية مهما كانت الأمور سيئة في معظم الدول، ومهما كثر القتل، وانحدرت الحريات، وانهارت الدول، وامتلأت المعتقلات، ودُفع الناس خارج أوطانهم. من يعرف الربيع جيداً ومن شارك في تلك الانتفاضات يؤمن بأنّها ربيع حقيقي كان حدثاً تاريخياً حرّك الجمود وهزّ عروشاً صدئة، وبشّر بعصر مختلف عمّا سبق.
ما الربيع؟ هو الفصل الأخضر؛ فصل الحياة. هو موعد انبعاث الإنسان وعودة الروح إلى الجسد فتيّة متمردة نضرة تجدد الطبيعة، وتعيد الخصب مع أدونيس وتموز في أساطير الشعوب. في الربيع قيامة المسيح. وفي الربيع حياة النوروز الجديدة. وفي الربيع القمري - والشمسي - ولد الرسول.
في الربيع أيضاً يُحصد القمح في شرقنا. ذلك القمح الذي يصنع خبزاً يمثل صلتنا المادية المباشرة بالحياة والذي صبرنا طويلاً جداً في كثير من بلداننا قبل عام 2011، لنقرنه بالصلة المعنوية المباشرة بالحياة هذه المرة، وهي الحرية، ونحن نصبو إليها.
هذا ما يمثله الربيع العربي أيضاً مهما أُنكر، وانفضّ عنه حتى المنتفضون فيه من أجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، فرضوا بأن يعودوا إلى رقاد طويل أو ينقلبوا على انتفاضتهم وينساقوا إلى خانة زعيم وقائد ورئيس وحاكم وشيخ وأمير وملك، يحلفون بحياته وينعمون بخيراته ويجحظون أعينهم في من يتجرأ مجدداً على تسمية الأسماء بأسمائها، وعلى إعادة التأكيد على الظلم والظَلَمة والمظلومين في عالمنا.
ما زرعه البوعزيزي شبيه جداً بالقمح؛ إذ يُغرس شتاء وتضيء سنابله ربيعاً. وإن لم يحلّ الربيع العربي بعد، فإنّ ذلك لا يلغي كون كلّ تلك السنوات بشرى لربيع يأتي. اليأس أكلنا جميعاً، والتعب نال منا، والشعوب تئنّ أكثر مما كانت عليه، والحكام يتصلبون في مواقعهم، وحتى من استبدل منهم جاء نظير له يستنسخ ما كان عليه أحياناً. لكنّنا تحركنا، وعرفنا المقلب الآخر للموت... عرفنا الحياة فعوقبنا مجدداً بالموت على معرفتنا. وبهذا وبغيره سوف يأتي الربيع إلى وطننا العربي الكبير، وسيكون كما تبشر به أغنية خالد الهبر: "يا وطن الحزن الممزوج بأحلام الفقراء... يا حكايات الجراح في ليالٍ قاتمة... يا ترانيم المحبة... سوف يأتيك الربيع... سوف يأتي كالأغاني زارعاً في كلّ جرح وردة مثل الأماني... سوف يأتي، خبّرتني حلوة كانت هنا... سوف يأتي خبّرتني أغنيات العاشقين".