ولتنفيذ هذا المخطط، بمساندة إيران وروسيا، أرسلت قوات النظام لجنة مشتركة تضم ممثلين عنها وعن الأهالي في بلدة كفرنبودة، التي يجب أن تمرّ بها لتنفيذ مخططها، مهمتها تهديد سكان البلدة، وذلك بعد أيام من القصف العنيف عبر الطيران السوري والروسي على ريف حماة. وأشارت هذه اللجنة إلى نية قوات النظام قصف البلدة واقتحامها عسكرياً في حال لم يسمح مقاتلو المعارضة بدخول قوات النظام إلى البلدة والمرور منها إلى مدن ريف إدلب الجنوبي. وقد أدى هذا الإشعار إلى نزوح جميع سكان البلدة البالغ عددهم خمسين ألفاً. واتخذ بعضهم من العراء بيوتاً، في حين فضّل بعضهم الآخر النزوح إلى ريف إدلب الجنوبي.
اقرأ أيضاً: عين روسيا على حماة السورية
وتتبع بلدة كفرنبودة لمنطقة السقيلبية في شمال غربي حماة وتبعد عن الأخيرة بحوالى 50 كيلومتراً. كما تقع شرق مدينة أفاميا بنحو 10 كيلومترات. وتعد محطة ربط بين المنطقة الساحلية والمنطقة الشمالية والشرقية.
وفي السياق، يؤكد قائد تجمع ألوية وكتائب العزة، الرائد جميل الصالح، أن "بلدة كفرنبودة خالية من السكان الآن، فقد نزح جميع المدنيين منها بعد تهديدهم من قبل النظام بوجوب السماح بالمرور لقواته باتجاه الهبيط إلى خان شيخون". ويوضح الصالح لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من هذا الأمر هو "حصار مدينتي اللطامنة وكفرزيتا وإجبار مسلحي المعارضة على تركهما".
ويشير إلى أن "النظام يريد بذلك السيطرة على كافة قرى ريف حماة الشمالي، بمساعدة من الروس وإيران وحزب الله، وبالتالي تأمين محافظة حماة وإقامة خط دفاعي قوي للنظام يفصل من خلاله قوات المعارضة في الشمال عن وسط سورية وغربها ويمنعها من التقدم مستقبلاً".
وسيحقق دخول النظام إلى الهبيط ثم إلى مدينة خان شيخون حصاراً من كافة الجهات للمناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في ريف حماة الشمالي، ممثلة بمدينتي كفرزيتا واللطامنة وبلدتي كفرنبودة والزكاة. ولذلك يدرك النظام أن أسهل السبل لضمان ريف حماة الشمالي هو هذا الطريق، بدلاً من الدخول في حرب مفتوحة على مدن وبلدات الريف الشمالي.
ومن الواضح أن حشد النظام للسيطرة على ريف حماة الشمالي يأتي بطلب روسي، في ظل سعي الروس إلى جعل حماة مركز ثقل عسكري لهم كونها تقع في وسط البلاد وإحدى مدن "سورية المفيدة". وقد أنشأت القوات الروسية الأسبوع الماضي مركزاً لقواتها العسكرية البرية في معسكر الفروسية، الواقع بين حيي الصابونية وجنوب الملعب في مدينة حماة، مع رفع علم روسيا في أعلى المبنى. وتسعى روسيا إلى مدّ سيطرتها الاستراتيجية وتحقيق الإشراف الإداري والعسكري على حماة.
في المقابل، تبدو قوات المعارضة السورية مدركة أكثر من أي وقت مضى لمساعي النظام فتح جبهات عدة في هذا الوقت، وخصوصاً في ظل الغارات الروسية المتواصلة على المدن، وما توفره له من غطاء جوي مفتوح، ناهيك عن الدعم العسكري المقدم خلال الفترة الماضية. وهو ما قد يعطي النظام فرصة لمحاولة استعادة المناطق التي خسرها.
وفي السياق، يؤكد قائد تجمع ألوية وكتائب العزة، الرائد جميل الصالح، أنّ "كافة الفصائل جهّزت نفسها لمنع النظام من السيطرة على المنطقة". بدوره، يوضح المقدم فارس بيوش، قائد لواء فرسان الحق التابع لـ"الجيش السوري الحر"، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قوات المعارضة "قامت بتعزيز خطوطها الدفاعية ريثما يتم تجهيز خطة للعمل الهجومي، فنحن لسنا في حالة دفاع منذ بداية الثورة وإنما دائماً في حالة هجوم على قوات النظام"، مشيراً إلى أن "النظام غير قادر على تنفيذ خطته".
بدوره، يقول مراسل مركز حماة الإعلامي، محمد الصالح، المتواجد في المنطقة التي تنوي قوات النظام اقتحامها، لـ"العربي الجديد"، إن هناك "مئات من مقاتلي المعارضة منتشرين من بلدة كفرنبودة غرباً إلى مدينة خان شيخون شرقاً مروراً بالهبيط واللطامنة وكفرزيتا"، مشيراً إلى أن النظام طلب الدخول إلى كفرنبودة مروراً بالهبيط إلى خان شيخون من دون معارك، لكن مقاتلي المعارضة رفضوا.
وكان "جيش النصر"، الذي ينشط في ريفي حماة وإدلب، ويتألف من ستة عشر فصيلاً، أهمها "لواء صقور الجبل، تجمع العزة، حركة الفدائيين السوريين، الفرقة 101 وجبهة الإنقاذ المقاتلة"، قد أعلن بدوره عن "رفضه دخول جيش النظام إلى بلدة كفرنبودة".
وتعهّد "جيش النصر"، في بيان مصور بُثّ على موقع "يوتيوب"، مساء أول أمس، "بالدفاع عن أرضنا وعرضنا، ومنع أي محتل من جيش بشار أو محتل إيراني أو روسي من الدخول إلى تراب بلدنا"، متوعداً "الروس والإيرانيين بمحرقة في ريف حماة الشمالي".
اقرأ أيضاً: حرب "مقدسة" على ملايين السوريين