سورية: الأمان الكاذب

29 يوليو 2017
التفجيرات في إدلب مرشحة للازدياد (أحمد مومر/الأناضول)
+ الخط -

لا شك أن غالبية السوريين يسعون لحل ينهي مسلسل القتل المستمر بحقهم، ويضمن لهم حياة فيها الحد الأدنى من الأمان، بعيداً عن التهديد المستمر بتدمير كل ما بنوه، ويحاولون بناءه من مساكن وبنى تحتية ومرافق خدمية.
وقد شهدت بعض المناطق السورية هذا النوع من الأمان النسبي، إذ ابتعدت الطائرات الحربية عن أجوائها، سواء من خلال "اتفاق تخفيف التوتر"، كما في محافظة إدلب، شمال سورية، أو بسبب تواجد القوات التركية فيها، وبالتالي فرض حظر للطيران في أجوائها، كما في مناطق "غرفة عمليات درع الفرات" في ريف حلب الشمالي.

ولكن ما إن عادت الحياة شبه الطبيعية لدى سكان تلك المناطق، حتى بدأت تظهر مشاكل أمنية من نوع آخر، بعضها أشد خطراً من قصف الطيران. إذ ظهرت في مناطق في محافظة إدلب خلافات بين أكبر فصيلين مسلحين مسيطرين في المنطقة، أدت إلى توتر الأوضاع في المنطقة، منذرة بمجازر قد تودي بحياة العشرات من أبناء تلك المناطق في حال تفاقمت الأوضاع بشكل أكبر. كما شهدت تلك المناطق العديد من التفجيرات بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، أودت بحياة العشرات، وهي مرشحة للازدياد في حال أرادت جهة ما توجيه رسائل إلى جهة، أو جهات أخرى، من خلال استهداف المدنيين. طبعاً هذا بالإضافة إلى التنافس بين الفصائل على إدارة خدمات المواطنين، وخلافات تلك الفصائل في ما بينها على استثمار تلك الخدمات، والذي وصل إلى حد الخلاف على استثمار الأراضي الزراعية التي تقع تحت سيطرة هذا الفصيل أو ذاك، بدعوى أنها غنائم حرب.

أما في مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" فهناك شكل آخر من المشكلات الأمنية، يتمثل بانتشار السرقات والبلطجة على المدنيين بسبب توقف المعارك في تلك المنطقة ووجود السلاح بين أيدي عناصر تلك الفصائل، بالإضافة إلى انتشار السلاح بين أيدي السكان المدنيين، الأمر الذي يبقي مساحة الأمان التي يشعر بها المواطن في أضيق حدودها، ويجعل من الاتفاقات التي تهدف إلى توفير الأمن للمدنيين وسائل لتهديد أمنهم، ولكن بطرق أخرى تصعب السيطرة عليها، ما لم تكن الحلول شاملة وآخذة بعين الاعتبار كل الأسباب التي تؤدي للتوتر، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه هدف لضامني الاتفاقات حتى اللحظة.

المساهمون