03 يوليو 2019
سليماني وابن سلمان
اسم سُلَيْمَان في اللغة العربية تصغيرٌ لاسم سَلْمَان، ومثلُهُما حُسَيْن وحَسَن، أو أُسَيد وأَسَد، أو كُلَيْب وكَلْب، أو سوى ذلك مما يقول اللغويون إنه يقوم مقام الوصف، وقد يفيد التحقير أحياناً، غير أن استدراكات الواقع على معاني الكلام في الراهن السياسي تجعل من غير اليسير عليك أن تحدّد الأصغر، أو الأحقر، إن شئت، حين تُضاف ياءٌ في نهاية الأول، ثم يُقَارن مع ابن الثاني، وليس مع الثاني نفسه، كأن تقول مثلا سُلَيْمَاني وابنُ سَلْمَان، أو حُسَيْني وابن حَسَن، أو أسَيْدي وابن أَسَد، أو كُلَيْبي وابن كَلْب
على أي حال، تلك مقدمة قد تكون "زائدةً كذباب على المائدة" وفق تعبير محمود درويش، لولا أنها تتيح الانتقال من مقارنة الأسماء ودلالاتها إلى مقارنة الأفعال وجرائرها، في سيرة رجليْن يشغلان الناس منذ سنين عديدة، أولهما قائد ما يسمى فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، أما الثاني فولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وليس يُغْني التذرّع بتشابه الأسماء لفظاً هنا، عن دافع آخر أهم، لوضع سليماني وابن سلمان تحت المجهر معاً، مفاده شراكتهما المستمرة، على ما بين بلديهما من عداوةٍ معلنة، في إشعال حروبٍ دمرت بلدان الجوار، وشرّدت ملايين الناس عن بقعةٍ جغرافية تمتد من سورية إلى اليمن، مروراً بالعراق.
يبلغ الجنرال الإيراني نحو ستين سنة، قضى ثلثيها مقاتلا في حروبٍ مع العرب، وتحت حجّة التصدي للإرهابيين التكفيريين المدعومين من السعودية، خاضت المليشيات المذهبية التي يشرف عليها معارك ضارية إلى جانب نظام بشار الأسد ضد الثورة السورية، كما ارتكبت جرائم قتل مروّعة بحق العراقيين المناوئين للهيمنة الإيرانية على بلادهم.
أما الأمير السعودي البالغ أربعا وثلاثين سنة، فلم يعرف ميادين القتال قط، على الرغم من توليه منصب وزير الدفاع في بلاده، وجاءت تجربته الأولى في هذا المضمار بإعلان "عاصفة الحزم" على اليمن تحت شعارات مواجهة انقلاب الحوثيين على الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي حربٌ أدت إلى إدخال هذا الجزء من شبه جزيرة العرب في ما تصفها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية يعرفها العالم.
ثمّة بين الرجلين أيضاً نقاط التقاء أخرى، قد تبدو ظاهرياً نقاط افتراق، وأخطرها أن سليماني الذي يرفع جندُه شعار الموت لأميركا، قد استطاع بفضل تواطئها أو تخاذلها بعدما احتلت العراق، أن يقود توسيع الهيمنة الإيرانية عملياً إلى قلب الحلم بإحياء الإمبراطورية الفارسية الغابرة، بينما استأنف ابن سلمان سيرة ارتماء آل سعود في أحضان أميركا التي لم تنفكّ عن ابتزاز أموالهم بحجة حماية الدولة السنية الأهم في العالم، من خطر أطماع آيات الله الشيعة.
واستطراداً في نقاط الالتقاء المغطاة بغربال الاختلاف، ظلت القدس التي استخدمها سليماني اسماً لقواته، مجرد علامةٍ تجاريةٍ للتهديدات اللفظية بإزالة إسرائيل عن الخريطة، وطبعاً من دون إطلاق رصاصةٍ في سبيل تحريرها، بينما صار الصمت على تهويدها مجرد جزء من مقدم الثمن الذي لم يتورّع ابن سلمان عن دفعه في صفقاتٍ شبه معلنة مع الأميركيين، نظير مساعدته على الوصول إلى كرسي الحكم.
وتبقى بين سليماني وابن سلمان اختلافاتٌ فعلية، منها أن أولهما، وعلى الرغم من سيرته الطافحة بالدم، أذكى بكثير من أن يرتكب جريمة مروعة وغبية كالتي يُشتبه أن الثاني أصدر أمر ارتكابها بحق الصحافي جمال خاشقجي، ومنها كذلك أن الجنرل الإيراني لا يظهر أمام الكاميرات سوى في ميادين المعارك، وينتصر، على عكس ولي العهد السعودي الذي قيل إنه أعلن "عاصفة الحزم" قبل نحو أربع سنوات، وغادر لقضاء شهر العسل، ثم فشل في تحقيق أي إنجاز، وباتت صورته الأشهر هي التي يقف فيها ضاحكاً ببلاهة إلى جانب الرئيس الأميركي المستغرق علناً في حساب ما حمل إليه زائره من مليارات.
على أي حال، تلك مقدمة قد تكون "زائدةً كذباب على المائدة" وفق تعبير محمود درويش، لولا أنها تتيح الانتقال من مقارنة الأسماء ودلالاتها إلى مقارنة الأفعال وجرائرها، في سيرة رجليْن يشغلان الناس منذ سنين عديدة، أولهما قائد ما يسمى فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، أما الثاني فولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وليس يُغْني التذرّع بتشابه الأسماء لفظاً هنا، عن دافع آخر أهم، لوضع سليماني وابن سلمان تحت المجهر معاً، مفاده شراكتهما المستمرة، على ما بين بلديهما من عداوةٍ معلنة، في إشعال حروبٍ دمرت بلدان الجوار، وشرّدت ملايين الناس عن بقعةٍ جغرافية تمتد من سورية إلى اليمن، مروراً بالعراق.
يبلغ الجنرال الإيراني نحو ستين سنة، قضى ثلثيها مقاتلا في حروبٍ مع العرب، وتحت حجّة التصدي للإرهابيين التكفيريين المدعومين من السعودية، خاضت المليشيات المذهبية التي يشرف عليها معارك ضارية إلى جانب نظام بشار الأسد ضد الثورة السورية، كما ارتكبت جرائم قتل مروّعة بحق العراقيين المناوئين للهيمنة الإيرانية على بلادهم.
أما الأمير السعودي البالغ أربعا وثلاثين سنة، فلم يعرف ميادين القتال قط، على الرغم من توليه منصب وزير الدفاع في بلاده، وجاءت تجربته الأولى في هذا المضمار بإعلان "عاصفة الحزم" على اليمن تحت شعارات مواجهة انقلاب الحوثيين على الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهي حربٌ أدت إلى إدخال هذا الجزء من شبه جزيرة العرب في ما تصفها الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية يعرفها العالم.
ثمّة بين الرجلين أيضاً نقاط التقاء أخرى، قد تبدو ظاهرياً نقاط افتراق، وأخطرها أن سليماني الذي يرفع جندُه شعار الموت لأميركا، قد استطاع بفضل تواطئها أو تخاذلها بعدما احتلت العراق، أن يقود توسيع الهيمنة الإيرانية عملياً إلى قلب الحلم بإحياء الإمبراطورية الفارسية الغابرة، بينما استأنف ابن سلمان سيرة ارتماء آل سعود في أحضان أميركا التي لم تنفكّ عن ابتزاز أموالهم بحجة حماية الدولة السنية الأهم في العالم، من خطر أطماع آيات الله الشيعة.
واستطراداً في نقاط الالتقاء المغطاة بغربال الاختلاف، ظلت القدس التي استخدمها سليماني اسماً لقواته، مجرد علامةٍ تجاريةٍ للتهديدات اللفظية بإزالة إسرائيل عن الخريطة، وطبعاً من دون إطلاق رصاصةٍ في سبيل تحريرها، بينما صار الصمت على تهويدها مجرد جزء من مقدم الثمن الذي لم يتورّع ابن سلمان عن دفعه في صفقاتٍ شبه معلنة مع الأميركيين، نظير مساعدته على الوصول إلى كرسي الحكم.
وتبقى بين سليماني وابن سلمان اختلافاتٌ فعلية، منها أن أولهما، وعلى الرغم من سيرته الطافحة بالدم، أذكى بكثير من أن يرتكب جريمة مروعة وغبية كالتي يُشتبه أن الثاني أصدر أمر ارتكابها بحق الصحافي جمال خاشقجي، ومنها كذلك أن الجنرل الإيراني لا يظهر أمام الكاميرات سوى في ميادين المعارك، وينتصر، على عكس ولي العهد السعودي الذي قيل إنه أعلن "عاصفة الحزم" قبل نحو أربع سنوات، وغادر لقضاء شهر العسل، ثم فشل في تحقيق أي إنجاز، وباتت صورته الأشهر هي التي يقف فيها ضاحكاً ببلاهة إلى جانب الرئيس الأميركي المستغرق علناً في حساب ما حمل إليه زائره من مليارات.