سلفاكير وتشكيلات جيش جوبا.. الحرب العرقية تلوح في الأفق

25 ابريل 2014
سلفاكير يحيط نفسه بمجموعة من "الدينكا" (getty)
+ الخط -

أثارت قرارات رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، يوم الأربعاء، بإعفاء عدد من قادة "الجيش الشعبي"، بينهم رئيس هيئة الأركان، جيمس هوث، وتعيين آخرين مقرّبين منه ويتحدرون من قبيلته نفسها، ومسقط رأسه في ولاية بحر الغزال، تساؤلات عديدة، ولا سيما أنّها تتزامن مع اشتداد وتيرة الحرب في الدولة الجديدة، واتّساع رقعة العمليات العسكرية مع تقدُّم المتمرّدين بقيادة نائب الرئيس المقال، رياك مشار.

يتحدّر غالبية المبعدين من قبيلة النوير التي ينتمي إليها زعيم التمرد رياك مشار. أما الخلفاء الجدُد، فجذورهم من قبيلة الرئيس الحالي. وبالنظر إلى توقيت التعديلات التي جاءت بعد هزائم لحقت بالجيش الحكومي، وإعادة سيطرة المتمردين على مدينة بانتيو في ولاية الوحدة، ذات الثقل القبلي للنوير، وانسحاب الجيش الشعبي من مقاطعة ميوم، فإن ذلك يؤشر إلى أن جوبا مقبلة على حرب عرقية، على الرغم من محاولات رفض الحكومة وقادة المتمردين تصويرها كذلك.

وكشفت مصادر مقرَّبة من رئيس هيئة الأركان المقال، جيمس هوث، لـ"العربي الجديد"، أن الرجل تفاجأ، كما الشارع الجنوبي، بتلك القرارات، وأشارت إلى أنه "حتى إعلان إعفائه عبر إذاعة البيان في التلفزيون الحكومي، كان يباشر مهامه كالمعتاد". وذكرت المصادر أن هوث ذهب، صباح الخميس، إلى مقرّ القيادة العامة لتسليم مهامه إلى خلفه الجديد بول ملونغ.

الخلفاء الجدد

دفعت التعديلات الجديدة في قادة الجيش الشعبي، بصديق الرئيس سلفاكير الشخصي، وحافظ أسراره وموضع ثقته، بول ملونغ، إلى منصب رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي. ويتحدّر الرجل من قبيلة الدينكا، مسقط رأس الرئيس. وإلى جانب مهامه حاكما لولاية شمال بحر الغزال، كُلّف ملونغ بقيادة الجيش الحكومي لمواجهة المتمردين في ولاية جونقلي، التي لم يكن قد وصل منها إلى جوبا حتى عصر الخميس.

أما جيمس هوث، فيُعتبَر من القادة المحبوبين داخل "الجيش الشعبي"، وهو من قيادات الحركة الشعبية التاريخيين، ويُعَد من المجموعة التي يطلق عليها "أولاد قرنق"، في إشارة إلى المقربين من زعيم الحركة الراحل جون قرنق، التي تضم، فضلاً عنه، "مجموعة السبعة" الذين أطلق سراحهم أخيراً، إضافة للأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، الذي يمثل حالياً أمام محكمة خاصة في قضية المحاولة الانقلابية التي اتهم بها إلى جانب رياك مشار و"مجموعة السبعة". وعند اندلاع الحرب منتصف ديسمبر/كانون الأول، سرت شائعات عدة بإعفاء الرجل.

ويُعَد القادم الجديد إلى منصب رئيس الاستخبارات، مريال ماج، الذي انتقل من الشرطة التي ترقى فيها حتى رتبة عميد، من الشخصيات التي تحظى بثقة الرئيس، كما تعود أصوله إلى القبيلة نفسها، ومسقط رأس سلفاكير أيضاً.

ويقول الخبير المتخصص في قضايا دولة جنوب السودان، علاء الدين بشير لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس سلفاكير، بتلك القرارات، يتحسب لأمرين: الأول عسكري، والثاني سياسي. ويوضح بشير أن المعيار العسكري يتعلق بتحسين أداء "الجيش الشعبي" في الجبهات التي شهدت خسائر، وخصوصاً أن الجيش الحكومي تلقّى عدداً من الضربات من قبل المتمردين. أما من الناحية السياسية، فيرى بشير أن "تداعيات التمرد خلقت هزة سياسية في الجنوب، وأصبح هناك انتقادات داخلية ودولية، وبلبلة كبيرة داخل الحزب الحاكم، الأمر الذي دفع بسلفاكير إلى إحاطة نفسه بمجموعة من قبيلة الدينكا، يتحدرون من مسقط رأسه، ممن يدينون له بالولاء الشخصي لمواجهة أي تداعيات، من انقلابات عسكرية أو مؤامرات أو ضغوط دولية".

ويستنتج بشير من إقالة رئيس الاستخبارات، ماج بول، قراراً عقابياً، باعتبار أن الرجل يتقلد رئاسة اللجنة العسكرية المشتركة مع السودان، في ظلّ الاتهامات التي توجّهها جوبا إلى الخرطوم بدعم المتمرّدين.

ويتوقع بشير أن تعمّق تعيينات سلفاكير، الانقسامات في الدولة الجديدة، وأن تأخذ بُعداً خطيراً في ما يتعلق بوحدتها التي تعاني من الهشاشة أصلاً. ويلفت إلى أن الخطوة من شأنها أن تفرز استقطاباً حاداً، تكون نتائجه اتساع الحرب، واشتعالها بشكل عرقي، وقال:"الأمر الذي سيُصَعِّب الوصول إلى حلول سلمية عبر التفاوض". ويذكّر بشير بأن الحرب القبلية التي اندلعت في جنوب السودان، مطلع تسعينيات القرن الماضي، وقبل انفصاله عن السودان، بين "الحركة الشعبية" بقيادة الراحل جون قرنق، وقائد المتمردين الحالي رياك مشار، راح ضحيتها عدد أكبر بكثير ممّن قُتلوا في الحرب بين الجنوب والخرطوم.

المساهمون