سلام على المجهولين

01 أكتوبر 2015
سلام على المظلومين (فرانس برس)
+ الخط -
قبل زيارة عبد الفتاح السيسي إلى الأمم المتحدة أصدر قراراً بعفو رئاسي عن 100 من المعارضين والمحكوم عليهم في قضايا مختلفة، أغلبها انتهاك قانون التظاهر المزعوم، مما أثار حالة من الجدل واللغط بين صفوف الجماهير، فالبعض استقبل الخبر بسعادة بالغة والبعض الآخر استقبله بحالة من الامتعاض، على اعتبار رفضه التام للعفو الرئاسي.


لكن هناك فارقاً كبيراً بين ان تقبل بالعفو وبين ان تقبل بالإفراج عن 100 من المظلومين والذين عانوا الكثير من الانتهاكات المجرمة داخل سجون صاحب العفو.

ومن الذين استقبلوا الخبر بشيء من الترحاب فئتان، فئة من رجالات السيسي وأنصاره، وهؤلاء رحبوا بالخبر باعتباره إنجازاً- يحسب للسيسي قبل الزيارة، باعتباره الأب الحنون، وتم توظيف القرار بالعفو لصالح النظام وداعميه.

أما الفئة الاخرى فهي فئة الثوار وبعض المعارضين، فمنهم على سبيل المثال السياسيين المعارضين لنظام السيسي والذين تواروا خلف الأحداث، اما خوفا واما جبرا، وهؤلاء استخدموا مع القرار عبارات مبالغاً فيها لا تنم الا عن مزايدة على طريقة (نحن هنا)، أما الفريق الآخر من الثوار والذين رأوا في خروج هؤلاء مكسباً للثورة و استمرارها، واعتبروهم إضافة لمعارضة السلطة حتى ولو كان عن طريق مواقع التواصل المختلفة.

أما عن الذين امتعضوا فالحقيقة لا توجد وجاهة في عدم تقبلهم القرار، والحقيقة ايضا أنهم ليسوا اصحاب قرار، فهم أحرار وليسوا سجناء ولم يعانوا من ويلات السجن والقهر والذل. 
والحقيقة الأخرى أن القرار لم يكن من اختيار المفرج عنهم.. اما الذين امتعضوا على اعتبار ان القرار اهتم ببعض الفتيات من ذائعات الصيت، وتجاهل فتيات أخريات من المجهولات من التيارات الأخرى والمسجونات ظلما، فلا عجب ولا اندهاش في ذلك، فهذا هو حال الثورة المصرية منذ 3 يوليو المرير وحتى الآن، وهذا ما صنعته القوى الثورية والتيارات المختلفة، فمنذ ذلك الحين انقسام واختلاف على الحقائق، تسييس متعمد وكامل لمنظومة القيم والاخلاق، فأصبح الثوار فرقاء في الثورة، فرقاء في الظلم، فرقاء في العدل، خصوماً على الانسانية، حتى صارت الثورة من ضعف الى ضعف ومن فرقة الى فرقة، وصار النظام من قوة إلى قوة، ليس بفعله، بل بأيدي الثوار، حتى فقد الشارع الثوري الثقة في الجميع، وانصرف تماما عن الثورة والثوار، رغم ما يكابده من ظلم وغلاء وابتلاء.

فليس لسجين أشقاه القهر والظلم والتعذيب أن يرفض عفوا حتى ولو كان من سجانه.. فمبارك للمفرج عنهم وأهلا بحريتهم التي طالما نادينا بها جميعا، وسلام.. سلام على المظلومين.. وسلام.. سلام على المجهولين.

(مصر)
دلالات
المساهمون