سرقة الأعمال الفنيّة.. هل اللصوص هواة مجانين؟

13 مارس 2017
(استعادة لوحة مسروقة لـ رامبرانت، تصوير: فاليري هاش)
+ الخط -

في صباح يوم الخميس 20 مايو/ أيّار 2010، سُرقت خمس لوحات من متحف الفن الحديث في مدينة باريس. قدّرت النيابة مبدئيًا أن قيمة تلك الأعمال بلغت 500 مليون يورو. ثم أعلنت إدارة المتحف أن القيمة التراكمية تبلغ 100 مليون يورو، الأمر الجدير بجذب انتباهنا. الخمس لوحات تعود لبيكاسو، وماتيس، وليجيه، وبراك، وموديلياني.

عرضت كاميرات المراقبة رجلًا بمفرده، ملثّمًا ومرتديًا الأسود، دخل المتحف بعدما كسر نافذةً، ثم قطع اللوحات بواسطة آلة قطع قبل أن يطويها ويرحل. جهاز الإنذار لم يعمل...

والسؤال حول دافع السرقة يجب أن يُطرَح: لماذا قد يسرق أحدهم أعمالًا بهذه القيمة؟ لأنّها، في حقيقة الأمر، تُباع بصعوبة بالغة. وبمجرّد وقوع سرقة مثل هذه، فهي تُسَجّل في قاعدة بيانات المكتب المركزي لمكافحة الاتّجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، ثم تصل إلى الإنتربول الذي يحاول تحديث قائمة الأشياء المسروقة في العالم كلّه بشكل يومي. المسروقات المُسَجّلة على هذه القائمة وصلت إلى 35 ألف قطعة.

نظريًا، يجب على كل دور المزادات مراجعة هذه القائمة قبل عَرض أي شيء للبيع. وفي الدور الكبرى، مثل كريستيز، الدار التي "تستنكر الاتصال بها بعد وقوع أيّ سرقة"، فهناك تأكيد على أنه "من المستحيل تمامًا أن تُباع عندنا أعمال فنيّة مسروقة، فنحن نصوّر كل أعمالنا المعروضة للبيع وعليها رقم متسلسل".

بيد أن وجود أعمال على هذه القوائم لا يمنع من أن تُباع في دور مزادات صغيرة. فهي تُباع بثمنٍ أقل بكثير من ثمن السوق.

يتساءل ستيفان تيفو، أحد ضباط الإنتربول بوحدة الأعمال الفنية، عن دوافع سارق متحف الفن الحديث، لأنه "من الصعب جدًا الاستفادة ماديًا من ذلك وبيع سلع بمثل هذه الشهرة". يرى ستيفان أن تَصنيف لصوص الأعمال الفنيّة أمرٌ شبه مستحيل: "الأمر متغيّر جدًا. هناك سرقات مسلّحة، سرقات في الليل، سرقات في وضح النهار، كما أن الدوافع مختلفة. أحيانًا لا يدري اللصوص مدى صعوبة بيع هذه الأعمال في السوق، وأحيانًا يطلبون فدية".

لطالما اعتقد ستيفان تيفو، بشكل خاطئ، بالأوهام التي عادةً ما يصدّقها الناس، والتي نجدها "في الأفلام": أن تتمّ السرقة بناءً على رغبة هاوِ مجنون بعض الشيء يُريد أن يحتفظ بالعمل لنفسه: "هذا صعب جدًا. إذا أردت وضع اللوحة في صالونك، فهي تكون معروفة إلى الحدّ الذي يجعلك تمتنع عن دعوة أي شخص إلى منزلك، وتضطر بالتالي إلى تخبئتها في صندوق، وهناك لن تستطع حتى النظر إليها".

كما أنه يرفض تمامًا فكرة "البرستيج" أو فكرة التنافس بين اللصوص، "هذا النوع من السرقة معقّد للغاية، وغير مُربح". أمر مُؤسف لمن ينتابهم حنين لآرسين لوبين.

بعيدًا عن سرقة الأعمال الفنيّة بالغة الشهرة، التي يسلّط الإعلام الضوء عليها وأيضًا النادرة، فسوق الاتّجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية مزدهر ويعمل بشكل جيّد للغاية. وفقًا للإنتربول، فحجم هذا الاتجار يأتي، بلا شك، في المرتبة الثالثة خلف المخدرات والأسلحة، وذلك يعود بشكل خاص إلى أنه "في أغلب الأوقات، لا توجد عمليات جرد مستمرة"، كما يقول ستيفان تيفو، "المُلّاك لا يصوّرونها، ولا يعرفون تاريخ الاقتناء، ويُعثَر فقط على 10% من هذه الممتلكلات".

على صعيد الممتلكات متوسّطة القيمة، فإنه من السهل "أن توجَد مرةً أخرى في السوق المشروعة بعد 7 أو 8 وسطاء، بل أقل"، ولا يوجد أيّ شكل من أشكال العقاب، ثم يُضيف "هذه الممتلكات قد تُعرض أيضًا في سوق غير مشروعة ولكنّها عندئذ ستُباع بثمن أقل".

تتضرّر الدول التي تعيش في صراعات مثل العراق أو أفغانستان بكل تأكيد من هذا الاتجار غير المشروع، فضلًا عن الدول التي تضمُّ تراثًا ثقافيًا ضخمًا.

المساهمون