سجّاد عباس... الفن كوسيلة احتجاج

20 مارس 2016
رسم في مبنى مواجه للبرلمان العراقي (العربي الجديد)
+ الخط -
حين أنجز الفنان العراقي، سجاد عباس، عمله التجهيزي على واجهة مبنى أمام البرلمان العراقي، كان يتوقع النتيجة سلفاً من قبل السلطات. العين المراقبة الضخمة التي رسمها على جدار أحد الأبنية المقابلة لمبنى البرلمان الرسمي أخافت النواب، فأزيلت، فورًا، بعد أربعة أيام. لم تكن فكرة الرسم مضلّلة. إنّها واضحة تماماً مثل الشعار الذي كُتِبَ أسفل العين باللهجة العراقية: "أكدر اشوفك" (أي: أستطيع رؤيتك). فأراد عبّاس أن يوصل رسالة، وهي أن مبنى البرلمان مراقب بعينٍ دقيقة، إنها عين الشعب. هذا العمل، ليس أول عمل لسجاد. فالشاب المتخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد، شارك في معارض عديدة، وعمل في السينما و"الأنيميشن" (التحريك). ولكن، ولعه في الغرافيتي هو ما دفعه إلى الجدران.

بدايات تعرف سجاد على هذا الفن كانت غير عادية. إذْ لم يكتشف الغرافيتي عبر الجدران نفسها، تلك التي تطوف عليها رسوم وشعارات الغضب والاحتجاج في العراق. لكنه اكتشف الغرافيتي من خلال مجلات كمال الأجسام، ومجلات تخص المؤسسة العسكرية. يومها، كان لا يزال سجّاد مغموراً بالتجريب، وواجهته صعوبات عدة. يقول سجاد في مقابلة مع "العربي الجديد"، بأن عدم توافر المواد الأولية في العراق لتنفيذ الأعمال، هو أول ما يجده فنان الغرافيتي حاجزاً أمامه. تحايل على الموقف، فاستعان بأدوات بديلة وبسيطة، كالورق المقوى والبخاخات السوداء ومشارط لقص الورق. لا ينكر الشاب الذي لا يزال يتعامل مع الفن كوسيلة احتجاج، خوفه أثناء تنفيذ أعماله على الجدران المُهملة من الاعتقال. فملاحقته بتسطير مذكرات توقيف بتهمة الإرهاب ضده ستكون سهلة. صار يُطلَق على سجاد لقب "بانكسي العراق"، تيمناً بالفنان العالمي، بانكسي. لكن سجاد يفضل أن يكون نفسه، يشبه مجتمعه ويتمرد عليه، ويحكي باسم شعبه ومظلوميته. فـ"الفن عليه أن يكون قريباً من الناس”، كما يقول.

إقرأ أيضاً:الموسيقي الذي عذب زوجته عازفة البيانو حتى الموت

لا تقتصر أفكار سجاد وفنه على الـ"غرافيتي" فقط، وإنما تسري على كل ما يمت للفنون البصرية بصلة، وبشكل خاص فن التحريك (الأنيميشن)، إذ يطمح إلى تأسيس شركة إنتاج له. فبالنسبة له، لا بد من وجود "أنيميشن عراقي"، يتحدث بلهجة أهل المنطقة ويعكس هواجسهم ومشكلاتهم وتطلعاتهم، وهو ما دفعه إلى صناعة فيلم "سوبرمان العراق"، وهو فيلم أنميشن قصير باللهجة العراقية، يتحدث عن طفل يحاول صناعة جهاز لينقذ والده من سجن أبو غريب، كاشفاً من خلال سرده البصري عن سوء المعاملة والتعذيب، التي يتعرض لها السجناء خلف القضبان، آملاً بإنقاذ والده من ذلك المكان التعيس.


وعلى الرغم من الصعوبات الأمنيّة، وما يواجهه سجاد من انتقادات في الشارع، فإنه مستمر بجولاته الليليّة لتنفيذ الأعمال الفنيّة على جدران المُدن العراقية، مؤكّداً، أن "العمل الفني ليس وسيلة لتغيير سلطة معينّة، بل إنه أسلوب نقاش للمشكلات، بطريقة ذكيّة وملهمة، وبإمكانه تحريك شيء ما داخل الناظر اليه، وهو ما يدفع الأخير، ربما، ليغير السلطة".

إقرأ أيضاً:فن الشارع... أداة تحرر واحتجاج


المساهمون