استضافت قناة "الجديد" اللبنانية التي تعرض المسلسل السوري "دقيقة صمت" على شاشتها في رمضان الحالي، كاتب العمل، سامر رضوان، في برنامج "فن الخبر". أثارت المقابلة ضجة كبيرة، بسبب تصريح رضوان بأن العمل الذي قدمه هذا العام يحمل آراء سياسية واضحة ضد النظام والسلطة في سورية، مشيراً إلى أنه مطلوب وملاحق من قبل أجهزة الأمن السورية أيضاً، فتعرض بسبب هذه التصريحات لموجة عارمة من التشبيح، نفذها مؤيدو الأسد، وشركاؤه في صناعة العمل.
بعد يوم واحد من تصريح رضوان، وقف ممثلو شركات الإنتاج المساهمة في "دقيقة صمت" أمام الكاميرات، ليبرئوا أنفسهم من سامر رضوان وتصريحاته الإعلامية، كما نشروا بيانات رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ليؤكدوا أن ما صرح به رضوان لا يمثل توجه من تبقى من صناع العمل؛ فصرحت نور أرناؤوط (المديرة العامة لشركة "إيبلا" المساهمة في إنتاج " دقيقة صمت"): "رأي رضوان السياسي لا يمثل رأي الشركة المنتجة أو أي فرد من طاقم العمل مهما كان دوره، من نجوم وتقنيين". لم تكتف أرناؤوط بالتبرؤ من رضوان، وإنما وجهت له الاتهامات باستغلال نجاح عمله الدرامي للترويج لأفكاره السياسية المعارضة للنظام السوري، ولامت أرناؤوط رضوان بسبب تعبيره عن رأيه بالنظام، الذي وصفته بالداعم لعمله الفني، إذ منحه الموافقة لتصوير المسلسل على أرضه.
بدوره، ظهر المنتج صادق الصباح على برنامج "فن الخبر" ليؤكد موقف شركته "الصباح" (ساهمت في إنتاج العمل)، فأكد أنه وشركته لا يوافقان رأي رضوان، كما ذكر بأنه اتفق مع رضوان مسبقاً عن الامتناع عن التعبير عن رأيه السياسي خلال العمل، وقال: "رضوان أخلّ بالشرط".
بدا وكأن الخوف قد دفع بالصباح للإدلاء بتصريحات لا تتناسب مع صورته الإعلامية السابقة، فأكد عن نيته الدخول إلى سوق الإنتاج السوري المحلي، بعد ابتعاده عن سورية لما يقارب ثمانية أعوام، ما أوحى أن اللقاءات المعدة مع منتجي العمل تهدف إلى تلميع صورة النظام السوري، والحديث عن دوره الإيجابي بالإنتاج الفني، من خلال التسهيلات التي يقدمها على مناطق سيطرته لإنتاج الأعمال الفنية، وعن سماحه بالتصوير داخل سجونه والحماية التي وفرها لطاقم العمل، والاحترام الذي يقدمه للعاملين في القطاع الفني، بما في ذلك معارضوه! فبرأت هذه اللقاءات النظام من أي مسؤولية تقع على عاتقه في ما يتعلق باعتقال وملاحقة الفنانين والمفكرين المعارضين.
أما وزارة الإعلام السورية، فأصدرت بياناً رسمياً للرد على رضوان. بدا البيان أكثر وثيقة تفضح آليات الإنتاج الفني والقمع الفكري في سورية؛ فأكد البيان أن المسلسل مُنح الموافقة لتصويره، ولكنها موافقة أولية على التصوير فقط، وكأي عمل فني، فإن هذه الموافقة الأولية لا تعطي الحق لصناع العمل بعرض مسلسلهم، إذ يتوجب عليهم قبل العرض أن يحصلوا على موافقة من الرقابة، لتضمن بأن التعديلات المطلوبة قد أجريت، والتي تتعلق –بحسب البيان- بإظهار دور الدولة والقيادات العليا بالقضاء على الفساد، وأن يتم تصوير تصرفات المسوؤلين الفاسدين على أنها تصرفات فردية ولا تمثل الدولة، وألا يمس العمل بشكله النهائي هيبة الدولة. كما أكد البيان أن الشركة ملزمة بالنص والملاحظات وعليها عدم التلاعب به، وأن أي إيحاء أو تأويل يغير من النص المتفق عليه يعني منع المسلسل.
اقــرأ أيضاً
إلا أن ما ذكره رضوان بالفيديو الأخير، والذي بدا كمحاولة يائسة لجمع صفوف المعارضة والموالين المتذمرين من "فساد" النظام، لم يفلح بوقايته من الانتقادات، بل انضم لمنتقديه ثلة من المعارضين، الذين بدؤوا ينتقدونه بمنشوراتهم باعتباره "متخاذلاً ومتنكراً للثورة السورية"، وإن كانت هذه الاتهامات تبدو ثقيلة وغير منصفة لرضوان، الذي تمسك بآرائه السياسية رغم أن كفة النظام هي التي رجحت، وأن المعارضة السورية لم تهتم بإنتاج أعمال فنية ترد بها على بروباغندا النظام.
اقــرأ أيضاً
لا يمكن أن نصغر من شأن رأي رضوان السياسي، حتى وإن بدت المسلسلات التي يكتبها لا تمثل طموحات المعارضة السورية بالأعمال الدرامية، وحتى وإن بدا توصيفه لمسلسل "دقيقة صمت" بأنه مسلسل معارض غير منطقي لحد ما، بسبب تشابهه مع الكثير من المسلسلات التي أنتجتها ماكينة بروباغندا النظام، التي جمعت بشخصياتها ما بين المسؤول الفاسد والمسؤول الجيد، الذي سينتصر غالباً في النهاية ويعطي انتصاره رؤية طوباوية عن الواقع السوري. لكن، لنعد إلى نقطة البداية، إلى اللقاء الذي أشعل شرارة الحرب على رضوان، إنه لقاء أنجز على قناة "الجديد" للترويج للمسلسل الذي تعرضه على شاشاتها، وقد تم توصيف رضوان قبل إدلائه بأي تصريح بـ"الكاتب المعارض"، وبدا الحديث بمجمله أشبه بالترويج للمسلسل؛ وهو ترويج يستقطب الجمهور السوري بجميع أطيافه، المؤيدين والمعارضين لحكم الأسد على حدٍ سواء. فهل من الممكن أن نصف ما حدث مع رضوان بأنه "فرقعة إعلامية" خرجت عن السيطرة؟ أم أن ما حدث ليس سوى صورة كاريكاتورية فاضحة، تعكس واقع الفن السوري، في ظل الخوف من بطش النظام، والرغبة بالبقاء في ظله وفي سوقه الإنتاجية؟
بعد يوم واحد من تصريح رضوان، وقف ممثلو شركات الإنتاج المساهمة في "دقيقة صمت" أمام الكاميرات، ليبرئوا أنفسهم من سامر رضوان وتصريحاته الإعلامية، كما نشروا بيانات رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ليؤكدوا أن ما صرح به رضوان لا يمثل توجه من تبقى من صناع العمل؛ فصرحت نور أرناؤوط (المديرة العامة لشركة "إيبلا" المساهمة في إنتاج " دقيقة صمت"): "رأي رضوان السياسي لا يمثل رأي الشركة المنتجة أو أي فرد من طاقم العمل مهما كان دوره، من نجوم وتقنيين". لم تكتف أرناؤوط بالتبرؤ من رضوان، وإنما وجهت له الاتهامات باستغلال نجاح عمله الدرامي للترويج لأفكاره السياسية المعارضة للنظام السوري، ولامت أرناؤوط رضوان بسبب تعبيره عن رأيه بالنظام، الذي وصفته بالداعم لعمله الفني، إذ منحه الموافقة لتصوير المسلسل على أرضه.
بدوره، ظهر المنتج صادق الصباح على برنامج "فن الخبر" ليؤكد موقف شركته "الصباح" (ساهمت في إنتاج العمل)، فأكد أنه وشركته لا يوافقان رأي رضوان، كما ذكر بأنه اتفق مع رضوان مسبقاً عن الامتناع عن التعبير عن رأيه السياسي خلال العمل، وقال: "رضوان أخلّ بالشرط".
بدا وكأن الخوف قد دفع بالصباح للإدلاء بتصريحات لا تتناسب مع صورته الإعلامية السابقة، فأكد عن نيته الدخول إلى سوق الإنتاج السوري المحلي، بعد ابتعاده عن سورية لما يقارب ثمانية أعوام، ما أوحى أن اللقاءات المعدة مع منتجي العمل تهدف إلى تلميع صورة النظام السوري، والحديث عن دوره الإيجابي بالإنتاج الفني، من خلال التسهيلات التي يقدمها على مناطق سيطرته لإنتاج الأعمال الفنية، وعن سماحه بالتصوير داخل سجونه والحماية التي وفرها لطاقم العمل، والاحترام الذي يقدمه للعاملين في القطاع الفني، بما في ذلك معارضوه! فبرأت هذه اللقاءات النظام من أي مسؤولية تقع على عاتقه في ما يتعلق باعتقال وملاحقة الفنانين والمفكرين المعارضين.
أما وزارة الإعلام السورية، فأصدرت بياناً رسمياً للرد على رضوان. بدا البيان أكثر وثيقة تفضح آليات الإنتاج الفني والقمع الفكري في سورية؛ فأكد البيان أن المسلسل مُنح الموافقة لتصويره، ولكنها موافقة أولية على التصوير فقط، وكأي عمل فني، فإن هذه الموافقة الأولية لا تعطي الحق لصناع العمل بعرض مسلسلهم، إذ يتوجب عليهم قبل العرض أن يحصلوا على موافقة من الرقابة، لتضمن بأن التعديلات المطلوبة قد أجريت، والتي تتعلق –بحسب البيان- بإظهار دور الدولة والقيادات العليا بالقضاء على الفساد، وأن يتم تصوير تصرفات المسوؤلين الفاسدين على أنها تصرفات فردية ولا تمثل الدولة، وألا يمس العمل بشكله النهائي هيبة الدولة. كما أكد البيان أن الشركة ملزمة بالنص والملاحظات وعليها عدم التلاعب به، وأن أي إيحاء أو تأويل يغير من النص المتفق عليه يعني منع المسلسل.
لكن منتجي العمل قاموا بتهريب المواد المصورة إلى خارج سورية ليعرض على شاشات عربية، بحسب بيان وزارة الإعلام، لتعطي انطباعاً بأن تصوير العمل الفني في سورية هو جرم إن لم يسر وفق الضوابط الصارمة، وأن كل ما يعد من أعمال فنية بالداخل يخضع لذات الرقابة ويؤدي نفس المهام والأهداف. كما ذكرت وزارة الإعلام، في نهاية بيانها، أن الكاتب سامر رضوان، غير مطلوب للأمن السياسي بسبب أفكاره ونشاطه الفني والفكري كما يدعي، بل بسبب دعوى قضائية من قبل شخص مجهول، اتهمه بالسرقة والخطف، وكأن معارضة النظام فنياً ليست جريمة! ناقض البيان بالبند الأخير نفسه، بسبب ما بينه بالبنود السابقة من ممارسات قمعية يمارسها النظام على الفنانين داخل سورية.
وبعد هذه الحرب الشرسة، التي شنها النظام على سامر رضوان، بالاستعانة بشركائه في العمل، أطل رضوان مجدداً على الشاشة من بوابة فيديو الـ "سيلفي"؛ وحاول أن يصوغ لغة متماسكة يجمع بها صفوف الشارع السوري المشتتة ما بين مؤيد ومعارض، من خلال إيجاد عدو لغوي مشترك: هو الفساد. بدا كأنه يرغب هو أيضاً بأن يبرّئ نفسه من تهمة المعارضة، من خلال تعاطيه مع الثورة السورية كمرحلة عابرة، وأنه هو والواعون من الطرفين لديهم اتفاق ضمني على تجاوز ما حدث. كما رد بالفيديو أيضاً على بيان وزارة الإعلام، وأكد أن التهمة المنسوبة إليه قد تمت تبرئته منها بمحاكم النظام السوري نفسه، وأن السبب الوحيد الذي يجعله يعيش خارج سورية هو أنه مطلوب للأمن السياسي.إلا أن ما ذكره رضوان بالفيديو الأخير، والذي بدا كمحاولة يائسة لجمع صفوف المعارضة والموالين المتذمرين من "فساد" النظام، لم يفلح بوقايته من الانتقادات، بل انضم لمنتقديه ثلة من المعارضين، الذين بدؤوا ينتقدونه بمنشوراتهم باعتباره "متخاذلاً ومتنكراً للثورة السورية"، وإن كانت هذه الاتهامات تبدو ثقيلة وغير منصفة لرضوان، الذي تمسك بآرائه السياسية رغم أن كفة النظام هي التي رجحت، وأن المعارضة السورية لم تهتم بإنتاج أعمال فنية ترد بها على بروباغندا النظام.