زيتون مايوركا

16 مارس 2019
خوان ميرو/ إسبانيا
+ الخط -

ما إن وصلتُ كتالونيا، واكتشفت قليلها الممتع، حتى توكّلت على الله، وسافرت عدة مرات إلى جزيرة مايوركا.

بعد هذا، قررت قبول أي دعوة لها علاقة بالجزيرة، لأن الرحلة الوجيزة ستساعدني على التفكير في كوني صرت أباً وأماً لنفسي الآن. وذلك بعدما جرى ما يجري للناس، ففقدت الاثنين، سابقاً، على حين بغتة، لأدفنهما في تراب بلادي، وآتي بلاد الناس المحترمين هذي، يتيماً مزدوجاً فارغ اليدين.

وبعدما صرت أعتمد على حالي، من الألف إلى الياء.

ففي أرياف مايوركا، ثمة شيء ما أمومي يتبدى لك في محيّا الهواء الأليف، وفي الناس، وفي شجر الزيتون بالخصوص، وفي نشيد أولاد المدارس، وفي الغيمة الحمراء فوق الكنيسة، وفي قرص الشمس الذي يلاحقك أينما تُغيّر الاتجاه.

والحق، أن كل هذا، هو ما كان متوقعاً من الجزيرة بالعَشَم.

كما آمل، وأنا راجع للبيت، أن تكون الرحلة أيضاً نقطة البداية للتحقيق في لغز العائلة السري الذي حدث أثناء النكبة:

لمَ لم يقاتلوا بفؤوسهم دبابات المحتلين؟

هل كانوا طيوراً زاحفة؟

لا أستطيع أن أحس بأي شيء آخر إلا ويفسد، سوى تلك اللحظات. لحظاتهم التي أوصلتني لهذه اللحظات.

دراما تحتاج إلى عمل مكثف كي تُسترجع، ليفهم المرء أن ما وراءه وما أمامه وما بينهما، هو محض خسران في خسران.

أعرف الآن فقط، أن جمال مايوركا يذكرني بالأجمل منه: بلادي!

المساهمون