زيارة سلفاكير للخرطوم: وقف دعم المتمردين وأنابيب النفط أولوية

06 نوفمبر 2014
استغرق لقاء البشير وسلفاكير أقل من ساعة (إبراهيم حميد/الأناضول)
+ الخط -

أنهى رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، أمس الأربعاء، زيارة إلى الخرطوم. العنوان العريض للزيارة التي كانت مقررة لساعات فقط قبل أن يضطر إلى تمديها ليوم إضافي نتيجة عطب في الطائرة التي أقلته، كان الحرب في جنوب السودان والنفط، فضلاً عن إرسال رسالة دبلوماسية تقول إن هناك حوارا جارٍ بين البلدين، ولا سيما في ظل الحرب الباردة بينهما والاتهامات المتبادلة بدعم وإيواء المعارضة المسلحة للطرفين.

وتؤكد مصادر لـ"العربي الجديد" أن الزيارة تطرقت بشكل مباشر إلى اتهامات جوبا المتكررة للخرطوم بدعم نائب رئيس الجمهورية السابق في جنوب السودان وزعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، لوجستياً ومادياً واحتضان جهازه التنفيذي. وهو الأمر الذي ظلت الخرطوم تنفيه بشدة.

وتلفت المصادر إلى أن ملف النفط كان حاضراً بين البشير وسلفاكير، موضحةً أن جوبا طالبت الخرطوم بعدم اتخاذ قرار إغلاق خط أنابيب النفط بسبب عدم الجدوى الاقتصادية من استمرار التصدير للخرطوم، ولا سيما بعد تراجع إنتاج النفط الجنوبي نتيجة سيطرة المتمردين على حقول نفطية في ولاية الوحدة وتعطيلها، فضلاً عن إقدام حكومة جوبا على إغلاق بعض الآبار لهروب العاملين منها خوفاً من الحرب.

وتشهد دولة جنوب السودان حرباً أهلية منذ منتصف ديسمبر/ كانون الثاني الماضي أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص وتسببت في نزوح نحو 1.5 مليون نسمة يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية، كما تهدد المجاعة الدولة الفتية.

وعقد سلفاكير مباحثات مغلقة مع البشير امتدت لأقل من ساعة. ودخل المسؤولون الذين كانوا ضمن وفده الرفيع في اجتماعات منفصلة مع نظرائهم من الوزراء السودانيين.

وعقب انتهاء المباحثات، تلا وزيرا الخارجية السوداني علي كرتي ونظيره الجنوب السوداني برنابا بنيامين، بياناً حمل مواقف مكررة ظلت حاضرة في جميع البيانات التي صدرت في اجتماعات سابقة جمعت البشير بسلفاكير، فضلاً عن اجتماعات خاصة باللجنة السياسية الأمنية برئاسة وزيري دفاع البلدين.

ويشير البيان إلى توجيهات الرئيسين بتفعيل اللجان المشتركة بين البلدين والخاصة بتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع التي وقعتها الدولتان في سبتمبر/أيلول 2012 في أديس أبابا. وتضمّن البيان حثّ اللجنة السياسية الأمنية على استئناف اجتماعاتها الشهر الجاري لحسم قضية تحديد الخط الصفري والمنطقة العازلة بين البلدين. وهو ما ظلّت الخرطوم تتهم جوبا بالمماطلة فيه. كذلك تطرق إلى تفعيل آليات مراقبة وقف الإيواء والدعم لمعارضة الطرفين.

وبالنظر إلى تصريح سلفاكير في المطار قبيل مغادرته الخرطوم، والذي قال فيه إن لديه "رغبة قوية في إقامة علاقة توأمة مع الخرطوم تساعد عبرها الدولتان بعضهما البعض في المصاعب الاقتصادية والأمنية والسياسية"، فقد لخّص رئيس جنوب السودان زيارته في بند واحد وهو طلب مساعدة الخرطوم في الأزمة التي لحقت ببلاده، ولا سيما أن اتهامات حكومته للخرطوم تؤكد أن لدى جوبا قناعة بوجود أصابع للنظام السوداني في استمرار الحرب. وبالتالي فإن على سلفاكير أن يغلق تماماً ثغرة الخرطوم لضمان الوصول للسلام، على اعتبار أن التطورات أثبتت وجود جنرالات داخل مجموعة مشار لا يسيطر عليها الأخير قد تكون الخرطوم خلفها. وهي من تعمد لخرق أي اتفاق سياسي يتوصل إليه مشار.

ويرى رئيس مركز دراسات السلام في جوبا، لوكا بيونق، أن زيارة سلفاكير للخرطوم "إخراج دبلوماسي لطمأنة شعبي البلدين إلى أن هناك حواراً في ظل الحرب الباردة بين الطرفين والمنطلقة من الاتهامات المتبادلة بدعم المعارضة المسلحة ضد الدولتين". كما أشار إلى أنّ للزيارة دلالات مهمة لجوبا التي تسعى إلى وقف دعم الخرطوم لمشار. لكنه لفت إلى أنه "إذا لم يعالج الطرفان القضايا الأساسية فلن تكون هناك فائدة للزيارات التي ستمثل مجرد مسكنات، لأن المطلوب من الرئيسين جدية في استقرار الدولتين باعتبار أن كل طرف يؤثر في الآخر".

وشدد بيونق على أن الوضع في الجنوب أصبح أكثر تعقيداً بسبب الحرب الدائرة في مناطق البترول، والتي أثرت في إنتاجيته بصورة واضحة.

وأوضح أن "تلك القضية أخذت الجزء الأكبر من المباحثات التي تمت بين الطرفين باعتبار أن تدنّي إنتاجية النفط سيكون لها عواقب في ما يتعلق بفاعلية استخدام خط أنابيب الخرطوم وجدواه الاقتصادية مع أهمية استمرار التصدير بالنسبة لجوبا، وهو الأمر الذي يمكن أن تستغله الخرطوم للتضييق على حكومة جنوب السودان لتحقيق مكاسب سياسية".

كذلك أشار إلى أن الرئيس الجنوب السوداني، يريد أن يضع الخرطوم في صورة المسودة الجديدة التي اقترحتها "الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا" (إيغاد) لإنهاء الحرب في بلاده، والتي جرت بشأنها مشاورات مع عدد من رؤساء دول المنظمة أخيراً في جوبا، ولم يكن البشير بينهم. وينتظر أن يوقّع ميارديت مع مشار على مسودة الاتفاق الذي يحمل تنازلات من جوبا بشأن القضايا العالقة. وهو ما يتطلب من جوبا التنسيق، ولا سيما مع الخرطوم، بشأن قضية السلام. وتشمل التنازلات بحسب مصادر "العربي الجديد" الموافقة على مقترح منصب رئيس الوزراء بصلاحيات محددة، الأمر الذي كانت ترفضه جوبا بشدة، فضلاً عن إقرار النظام الفدرالي.