زوجتا وندسور الجزائري ومرحهما

29 يناير 2015
من المسرحية
+ الخط -

في سينوغرافيا بسيطة وعملية، وتستطيع الإيحاء بفضاء مديني أرستقراطي، تتحرّك أحداث مسرحية "نساء المدينة" التي أنتجها "مسرح قسنطينة"، وتقدّم عروضاً لها في أكثر من محافظة جزائرية هذه الأيام.

الحكاية ليست سوى مغامرة يخوضها السيد جون فولستاف (يقوم بدوره شاكر بولمدايس) في مدينة "ويندسور"، مدفوعاً برغبته في امتلاك قلوب نسائها، طمعاً في ثرواتهن، من خلال ممارسة جملة من الحيل التي يقترحها المقام.

تمهيد يضع المُشاهد أمام حالة إنسانية، تملك من الذكاء ما يجعله لا ينتبه إلى وجودها في واقعه، حتى أنه لا يصدق ضحاياها. وهو الواقع الذي يضاعف الفضول لديه منذ بداية العرض. فضول المشاهد وفضول السيد فولستاف نفسه، وهو يتسلّق خطته بحذر كبير. يدّعي السيد أنه فارس نبيل من البلاط الملكي، في إشارة قوية إلى أن المؤسسة الحاكمة ذات نفوذ في المدينة، ويعدّ مجرد الانتساب إليها طريقاً معبّداً إلى قضاء الحاجات.

تنطلي حيلة الرجل المغامر على كثير من أهل المدينة، لكنها تفشل عند عتبة امرأتين ذكيتين، تحملهما فطنتهما إلى اكتشاف الحيلة، فتقرران الانتقام من النبيل المزيّف. هنا تعلن الفطنة الأنثوية عن نفسها، في مواجهة احتيال الرجل، ونجحت مخرجة العمل شهيناز نغواش في الذهاب بحوار الاثنين إلى طرح الأسئلة المتعلقة بجوانب الخبث والنبل في الذكاء الإنساني.

تتحول الحكاية إلى فرصة للمرح لدى المرأتين، فتعمدان إلى إطالتها، رغم أنهما كادتا أن تفشلا في بعض المفاصل، قبل أن توقعا بالمحتال في المصيدة. لكنها حكاية من النوع الذي لا ينتهي بسقوط البطل، فتتواصل من خلال الأسئلة التي تتولّد عن المشاهدة/ الاستماع. حركة الممثلين كانت حرة على الخشبة، ولعب الجسد دوره، مستغلاً إيحاءات الألبسة التي تتعدد هوياتها.

مناخات العرض مستمدة من نص "زوجتا وندسور المرحتان" لشكسبير، لكنها كانت جزائرية بامتياز، ذلك أن عملية الإخراج اشتغلت على النص الأصلي بالانتقاء والتحوير، حتى لم تبق منه إلّا المفاصل الإنسانية القابلة للإسقاط على جميع الثقافات. وبرّرت المخرجة نغواش اختيارها لأجزاء محددة من العمل بأن الفعل المسرحي يستهدف جمهوره منذ البداية، وعليه فهو مطالب بمراعاة خصوصيات هذا الجمهور وهواجسه.

نغواش، التي تخوض أول تجربة إخراجية لها، قالت لـ"العربي الجديد": "عمدتُ إلى تكييف النص الأصلي للمسرحية، فتخلّيت عن الشخصيات الثانوية، وحذفت بعض المشاهد، وغيّرت من إيقاع الحوار كي ينسجم مع الإيقاع الجزائري وهو يتواصل مع نفسه ومع الآخرين".

المساهمون