روني برومان: "مروان البرغوثي مانديلا فلسطين"

19 ابريل 2015
برومان يتسلم جائزة لويز ويس عام 1993 (Getty)
+ الخط -

ولد الكاتب روني برومان في إسرائيل، ويُعدّ من اليهود الفرنسيين القلائل (إلى جانب المفكر إدغار موران والراحل ستيفان هيسل والديمغرافي إيمانويل تود) الذين يجهرون بمواقف سياسية وأخلاقية تتعارض مع مواقف إسرائيل وكل صهاينة العالم. وقد برزت مواقفه من خلال مؤلفاته، ومنها، كتاب جمعه مع المفكر الصهيوني العنصري ألان فينكلكروت. وقد تعرّض جراء مواقفه هذه، للاتهامات والانتقادات. في العام 2014، أشرف برومان على إصدار كتاب "بيان من أجل الفلسطينيين".

دافع برومان عن "دولة واحدة بدل دولتين" في حديثه إلى صحيفة "سيني الشهرية" الساخرة يوم الأربعاء (1 نيسان 2015)، معترفاً بأنّ انتصار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجديد "أربك الكثير من الذين يردّدون أنّ الإسرائيليين قبلوا، منذ فترة طويلة، فكرة "دولتان لشعبين"". 
 

ورأى برومان أنّ لا شيء يمكنه تغيير المعادلة في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني سوى "نهاية الدعم الدولي لإسرائيل الذي بدأ يضعف سنة بعد أخرى"، معتبراً أنّ الأمر لم يعد مسألة افتراضية. وأشار إلى أنّ إسرائيل موجودة في جنوب إفريقيا منذ ثمانينات القرن الماضي، ووصفها بـ"الشريك المزعج". لافتاً إلى أنّ "وقاحتها وأكاذيبها نفدت حتى لدى الولايات المتحدة، حليفها الوثيق". واعتبر أنّ العنف الذي تمارسه واستراتيجية الاحتلال شوّها صورتها، ولم يعد لها حليف حقيقي سوى "(الرئيس الفرنسي السابق نيكولا) ساركوزي، ثم (الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا) هولاند". واعتبر برومان أنّ نقطة الذروة كانت في زيارة هولاند إلى إسرائيل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، "ونرى هولاند ونتنياهو وهما يغنّيان "الحياة وردية"، وهي صورة تدفع المرء لإدانتها".

اقرأ أيضاً: "الاعتراف بدولة فلسطين" في قلب البرلمان الفرنسي


حرص برومان على التذكير بأشياء يحاول العرب أنفسهم تناسيها، ومنها، "أعرف جيداً أنّ رابين هو الذي قال "كَسّروا عظام الأطفال العرب"، أثناء الانتفاضة الأولى، ولكنّه أدرك فيما بعد، أنّ العصا والبندقية ليستا الوسيلتين الوحيدتين للتواصل مع الفلسطينيين، وأدخل في المجتمع الإسرائيلي فكرة أنّ الفلسطينيين يمثلون مجتمعاً سياسياً يجب التحاور معه. وهذا بحد ذاته ثورة صغيرة". ورأى أنّ أوّل رئيس وزراء لاسرائيل، ديفيد بن غوريون، كان واعياً من وجود مجتمع فلسطيني سيتحتم على أحفاده التعايش معه، وهو ما يفسر قوله الشهير، "لو كنتُ زعيماً عربياً، ما كنتُ لأوقّع أبداً اتفاقاً مع إسرائيل". 

وعلى الرغم من الجو الخانق في إسرائيل، رأى برومان أملاً متبقيّاً في "المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية- الفلسطينية التي تنجز عملاً خارقاً، بالإضافة إلى اليهود الإسرائيليين الذين منحوا أصواتهم للقائمة الموحدة، معتبراً أنّ "ليس كل المجتمع الإسرائيلي مُخدَّراً، ولكن هذا لا يمثّل سوى بضعة آلاف من البشر".

يستطيع روني برومان أن يفاجئ محدثه بأفكار تسير عكس التيار السائد. يرى أنّ الأمل في إسرائيل ربما سيأتي من اليمين، مشيراً إلى موقف رئيس الدولة الحالي روفن ريفلين، الذي زار أخيراً كفر قاسم، التي شهدت مجزرة في العام 1956 على يد شرطة الحدود اليهودية. ويعتبر ريفلين "أول رئيس إسرائيلي يدين هذه الجريمة الرهيبة، ويعتبر الفلسطينيين مكوّناً أساسياً للمجتمع الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً: الفصائل الفلسطينية ترفض العودة للمفاوضات

ينظر برومان إلى الجمود الحاصل، الآن، في المفاوضات، معيداً سبب الجمود إلى ما سمّاه "الطابع العنفيّ لحركة حماس وتبعية السلطة الوطنية الفلسطينية للسلطة الإسرائيلية"، ورؤية إسرائيل للقوّة، كوسيلة وحيدة لحلّ المشكل الفلسطيني، معتبراً أنّ هذه الرؤية تشبه الخطاب العنصري الذي ساد جنوب أفريقيا في ثمانينات القرن الماضي، ويرى أنّ الحل هو مروان البرغوثي، "يمكن لنا مقارنته بنيلسون مانديلا".

يُعتبر البرغوثي شخصية من الطراز الرفيع. يتقاسم وبرومان الرؤية  السياسية نفسها، والشجاعة الجسدية والشرعية المستمدَّة من النضال. كان البرغوثي، في الانتفاضة الأولى، زعيماً للتنظيم، وصمد أمام دعوات التشدد، حين اعتبر أن الإسرائيليين ليسوا فقط أعداء بل جيران، سيُفرض التفاوض معهم يوماً ما. ومثل مانديلا، يمتلك البرغوثي تنظيماً سياسياً جديّاً، ولم يتخلَّ أبداً عن الكفاح المسلح من دون السقوط في الإرهاب الأعمى. ومثلما تعلم مانديلا لغة الأفريكانير، تعلَّم البرغوثي العبرية في السجن".

يعترف برومان بأنّ الزمن يتغيّر، وأنّ معاناة الاحتلال تدفع الشعب للتشدد،  بقوله "لا أجعل من الشخصيات السياسية المحرِّكَ الكبير للتاريخ. لكن في لحظة ما، توجد بعض الشخصيات التي تُجسّد دينامية ما، وعلينا أن نجعل من مروان البرغوثي مانديلا اليوم".

لا تحظى كل أفكار برومان بشعبية كبيرة وخصوصاً "دولة واحدة لشعبين". "كنتُ أدافع في السابق، خلال تسعينات القرن الماضي حتى بداية الألفية الثانية، عن فكرة دولتين، لكن الاستيطان الذي قضم الضفة، يهدّد بإشعال حرب أهلية. ومن الوهم الطوباوي، تخيّل إخلاء المستوطنات. ولهذا، ومن وجهة نظر الاقتصاد والعنف، فإنّ الدولة الواحدة والتفاهمات في الداخل، أصبحت أكثر واقعية من إخلاء المستوطنين".

وجّه برومان انتقاداً لاذعاً للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، وعاب عليه حملته ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي صوَّت عليها البرلمان الفرنسي، واعتباره أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية عمل معاد للسامية.

وانتقد حضور شخصيات سياسية فرنسية في العشاء السنوي الذي نظّمه المجلس التنفيذي للمؤسسات اليهودية، "لنتخيل عشاء ينظّمه المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يأتي فيه رئيس الجمهورية (ومعه نصف الحكومة) لتبرير سياسته الخارجية، خصوصاً في العالم الإسلامي. ثمة من سيرى في الأمر فضيحة جمهورية، وسيكون على حق. بعد أشهر فقط من مجزرة غزة، التي أيّدها المجلس اليهودي، خلال فترة قصيرة، ها هم مسؤولو المجلس يوزّعون النقاط الجيدة والسيئة، ويجعلون من أنفسهم أساتذة "الفضيلة الجمهورية". لا أشرح لنفسي لماذا تقبل الحكومات الفرنسية المتعاقبة، المثول أمام هذه المحكمة التي تأسست بشكلٍ ذاتي".       

المساهمون