يبدو أن حالة الاقتصاد الأوكراني، التي تدهورت بسبب النزاع الدائر في البلاد وبلغت عتبة إعلان الإفلاس، ستترك ظلالها على الاقتصاد الروسي وهو ليس في أحسن حالاته اليوم، فيما لا يستبعد أن تستخدم موسكو ديونها على أوكرانيا كورقة ضغط سياسية، وهي التي تعرضت لعقوبات شديدة بسبب موقفها من النزاع الأوكراني.
وكانت أوكرانيا قد أعلنت رسمياً أنها ستمتنع عن تسديد الديون الخارجية. ورغم أن الديون الحكومية الروسية على أوكرانيا لا تتعدى 3 مليارات دولار، وهي ليست مصدر قلق، ولكن ما يقلق المسؤولين الروس هو الديون التجارية التي تبلغ 25 مليار دولار.
وتطالب الحكومة الروسية أوكرانيا باستعادة قيمة سندات الخزينة المستحقة، التي اشترتها من الحكومة الأوكرانية في العام2013، والبالغة قيمتها 3 مليارات دولار.
وأعلن مسؤولون روس أن روسيا لا تعد دائناً رسميا لأوكرانيا وهي لا تنوي جدولة المليارات الثلاثة أو تمديد فترة سدادها.
ويلاحظ أن خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بهذا الشأن، كان متساهلاً، فقد نقلت وكالة " إنترفاكس" عن زعيم الكرملين قوله أثناء اجتماعه بالحكومة الروسية: "إننا من فترة طويلة نملك حق المطالبة بالسداد العاجل لهذه الأموال، فوفقاً لشروط اتفاقنا إذا ما تجاوز الدين العام الحكومي الأوكراني 60% من الناتج الإجمالي المحلي، يحق لنا استرداد الأموال. إلا أننا بناء على طلب شركائنا الأوكرانيين لا نستغل هذا الحق، ولا ننوي زيادة تأزيم الوضع الاقتصادي لشركائنا وجيراننا المأزوم من دون ذلك".
وأضاف بوتين، مبدياً استغرابه من تصريحات رسمية أوكرانية حول الامتناع عن تسديد الديون: " تتناهى إلينا تصريحات المسؤولين عن أنهم يبحثون احتمال عدم إعادة القروض، التي استدانتها قيادة البلاد السابقة، فتظهر لدينا رغبة في معرفة نوايا شركائنا، وأود لو أكلف وزير المالية بإجراء الاستشارات اللازمة في هذا الشأن".
وكان وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، قد أفاد في الجلسة إياها بأن روسيا في حال رأت إخلالاً بالالتزامات التي قطعتها أوكرانيا على عاتقها حينما وظفت روسيا أموالها في سندات الخزينة الأوكرانية فإنها ستلجأ إلى المحكمة. لكنه استدرك أن أوكرانيا لم تفعل بعد ما يستوجب ذلك، قائلاً: "الدفعة الأخيرة تم تسديدها في فبراير/شباط من العام الجاري، والدفعة المقبلة ينبغي سدادها في العشرين من يونيو/حزيران، وهي تعادل 75 مليون دولار. ولذلك، فليس هناك إخلال بشروط العقد بعد".
في حين عبّر رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، عن مخاوف أخرى، لافتاً إلى أن ما يقلق روسيا لا يقتصر على مصير الدين السيادي، إنما يتعداه إلى الديون التجارية التي تبلغ حوالى 25 مليار دولار، فقال، بحسب ما نقلته وكالة "تاس" عنه: "هذا في الواقع إعلان إفلاس مع إعلان قوة قاهرة تطال الالتزامات ذات الصلة. وفي هذه الحالة، فسيكون على الدولة الروسية والبنوك التجارية الروسية الرد بالشكل المناسب".
وكان البرلمان الأوكراني قد اعتمد قانوناً أحالته إليه الحكومة يسمح بفرض حظر على سداد الدين الخارجي، أي بالامتناع عن سداد الدين المستحق لجهات خارجية، علماً بأن القانون الجديد سيبقى ساري المفعول لمدة عام.
ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر في الحكومة الأوكرانية أن الديون المستحقة في السنوات الأربع المقبلة تبلغ حوالى 30 مليار دولار، بينما نشر البنك المركزي الأوكراني معطيات تفيد بأن الدين الخارجي الأوكراني اليوم يعادل 70% من الناتج المحلي الإجمالي ( حوالى 50 مليار دولار)، وأنه يمكن أن يبلغ مع حلول العام المقبل 93%.
وقد نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية عن أرسيني ياتسينيوك، رئيس وزراء أوكرانيا، قوله أثناء اجتماع الحكومة:" لم نعد قادرين على تسديد هذه الديون. ونرجو من الدائنين الخارجيين الاستماع إلى الحكومة الأوكرانية وجدولة الديون، وفق الشروط التي تقترحها حكومة أوكرانيا".
إلى جانب الديون السيادية المباشرة، هناك خسائر كبيرة يتوقع أن يتكبدها المستثمرون الأجانب في أوكرانيا. إلا أن الأخيرين ليسوا بصدد إهمال استحقاقاتهم. ففي هذا الشأن، نقلت وكالة "إنترفاكس-أوكرانيا" عن وزير العدل الأوكراني، أنطون يانتشوك، تأكيده أن المستثمرين الأجانب لجأوا إلى المحاكم الدولية لاستعادة 170 مليار غريفين (8.2 مليارات دولار). وأفاد الوزير الأوكراني بأن المستحقات التي يطالب بها المستثمرون بمجملها تراكمت بين 2014 و2015، أي في فترة الأزمة مع شرق البلاد الانفصالي ومع روسيا.
تهاوي الاقتصاد الأوكراني
الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من عام، وانفصال بعض أقاليم البلاد الصناعية بحكم الواقع عن المركز، وتوتر العلاقات مع روسيا، وتوقف التبادل التجاري والتكامل الصناعي معها في معظم الحالات..ذلك وسواه أدى إلى شلل في الإنتاج الصناعي الأوكراني وتراجع عام في ناتج الدخل المحلي ينذر بإعلان إفلاس البلاد، الأمر الذي يتخوف منه دائنو أوكرانيا، فيما تقدّر خسائر روسيا المتوقعة بمليارات الدولارات، وهي ليست بصدد السكوت عنها.
مؤشرات مقلقة
تراجع الإنتاج الصناعي في أوكرانيا، في أبريل/نيسان الماضي، بنسبة 21.7 بالمائة، وفقا لما أعلنته إدارة الإحصاء المركزية الأوكرانية. وتمت الإشارة على موقعها الرسمي إلى أن هذه المعطيات لا تشمل القرم وسيفاستوبول اللتين ضمتهما روسيا ربيع العام الفائت، ولا منطقة دونباس حيث تدور العمليات العسكرية ضد الانفصاليين، علما بأن أي نمو لم يسجل في أي من القطاعات الاقتصادية بين أبريل/نيسان 2014 وأبريل/نيسان 2015.
وكانت وكالة موديز للتصنيف قد أعلنت في الخامس عشر من مارس/آذار الماضي عن تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لأوكرانيا من "س آ آ 3" إلى "س آ"، مبقية على توقعات سلبية بشأنها. وأفادت الوكالة إياها بأن العامل المحدد في تخفيض تصنيف أوكرانيا الائتماني السيادي، هو احتمال تكبد دائنيها الخارجيين من القطاع الخاص خسائر، نتيجة خطة إعادة جدولة معظم سندات الخزينة التي أصدرتها الحكومة وباعتها.
وفي السياق نفسه، أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز في العاشر من أبريل/نيسان الماضي عن تخفيض تصنيف أوكرانيا طويل الأجل على التزاماتها بالعملة الصعبة من "سي سي سي" إلى "سي سي"، الذي يعني درجة مخاطرة عالية في القروض، مع توقعات مستقبلية سلبية.
وكانت أوكرانيا قد أعلنت رسمياً أنها ستمتنع عن تسديد الديون الخارجية. ورغم أن الديون الحكومية الروسية على أوكرانيا لا تتعدى 3 مليارات دولار، وهي ليست مصدر قلق، ولكن ما يقلق المسؤولين الروس هو الديون التجارية التي تبلغ 25 مليار دولار.
وتطالب الحكومة الروسية أوكرانيا باستعادة قيمة سندات الخزينة المستحقة، التي اشترتها من الحكومة الأوكرانية في العام2013، والبالغة قيمتها 3 مليارات دولار.
وأعلن مسؤولون روس أن روسيا لا تعد دائناً رسميا لأوكرانيا وهي لا تنوي جدولة المليارات الثلاثة أو تمديد فترة سدادها.
ويلاحظ أن خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بهذا الشأن، كان متساهلاً، فقد نقلت وكالة " إنترفاكس" عن زعيم الكرملين قوله أثناء اجتماعه بالحكومة الروسية: "إننا من فترة طويلة نملك حق المطالبة بالسداد العاجل لهذه الأموال، فوفقاً لشروط اتفاقنا إذا ما تجاوز الدين العام الحكومي الأوكراني 60% من الناتج الإجمالي المحلي، يحق لنا استرداد الأموال. إلا أننا بناء على طلب شركائنا الأوكرانيين لا نستغل هذا الحق، ولا ننوي زيادة تأزيم الوضع الاقتصادي لشركائنا وجيراننا المأزوم من دون ذلك".
وكان وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، قد أفاد في الجلسة إياها بأن روسيا في حال رأت إخلالاً بالالتزامات التي قطعتها أوكرانيا على عاتقها حينما وظفت روسيا أموالها في سندات الخزينة الأوكرانية فإنها ستلجأ إلى المحكمة. لكنه استدرك أن أوكرانيا لم تفعل بعد ما يستوجب ذلك، قائلاً: "الدفعة الأخيرة تم تسديدها في فبراير/شباط من العام الجاري، والدفعة المقبلة ينبغي سدادها في العشرين من يونيو/حزيران، وهي تعادل 75 مليون دولار. ولذلك، فليس هناك إخلال بشروط العقد بعد".
في حين عبّر رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، عن مخاوف أخرى، لافتاً إلى أن ما يقلق روسيا لا يقتصر على مصير الدين السيادي، إنما يتعداه إلى الديون التجارية التي تبلغ حوالى 25 مليار دولار، فقال، بحسب ما نقلته وكالة "تاس" عنه: "هذا في الواقع إعلان إفلاس مع إعلان قوة قاهرة تطال الالتزامات ذات الصلة. وفي هذه الحالة، فسيكون على الدولة الروسية والبنوك التجارية الروسية الرد بالشكل المناسب".
وكان البرلمان الأوكراني قد اعتمد قانوناً أحالته إليه الحكومة يسمح بفرض حظر على سداد الدين الخارجي، أي بالامتناع عن سداد الدين المستحق لجهات خارجية، علماً بأن القانون الجديد سيبقى ساري المفعول لمدة عام.
ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر في الحكومة الأوكرانية أن الديون المستحقة في السنوات الأربع المقبلة تبلغ حوالى 30 مليار دولار، بينما نشر البنك المركزي الأوكراني معطيات تفيد بأن الدين الخارجي الأوكراني اليوم يعادل 70% من الناتج المحلي الإجمالي ( حوالى 50 مليار دولار)، وأنه يمكن أن يبلغ مع حلول العام المقبل 93%.
وقد نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية عن أرسيني ياتسينيوك، رئيس وزراء أوكرانيا، قوله أثناء اجتماع الحكومة:" لم نعد قادرين على تسديد هذه الديون. ونرجو من الدائنين الخارجيين الاستماع إلى الحكومة الأوكرانية وجدولة الديون، وفق الشروط التي تقترحها حكومة أوكرانيا".
تهاوي الاقتصاد الأوكراني
الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من عام، وانفصال بعض أقاليم البلاد الصناعية بحكم الواقع عن المركز، وتوتر العلاقات مع روسيا، وتوقف التبادل التجاري والتكامل الصناعي معها في معظم الحالات..ذلك وسواه أدى إلى شلل في الإنتاج الصناعي الأوكراني وتراجع عام في ناتج الدخل المحلي ينذر بإعلان إفلاس البلاد، الأمر الذي يتخوف منه دائنو أوكرانيا، فيما تقدّر خسائر روسيا المتوقعة بمليارات الدولارات، وهي ليست بصدد السكوت عنها.
مؤشرات مقلقة
تراجع الإنتاج الصناعي في أوكرانيا، في أبريل/نيسان الماضي، بنسبة 21.7 بالمائة، وفقا لما أعلنته إدارة الإحصاء المركزية الأوكرانية. وتمت الإشارة على موقعها الرسمي إلى أن هذه المعطيات لا تشمل القرم وسيفاستوبول اللتين ضمتهما روسيا ربيع العام الفائت، ولا منطقة دونباس حيث تدور العمليات العسكرية ضد الانفصاليين، علما بأن أي نمو لم يسجل في أي من القطاعات الاقتصادية بين أبريل/نيسان 2014 وأبريل/نيسان 2015.
وكانت وكالة موديز للتصنيف قد أعلنت في الخامس عشر من مارس/آذار الماضي عن تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لأوكرانيا من "س آ آ 3" إلى "س آ"، مبقية على توقعات سلبية بشأنها. وأفادت الوكالة إياها بأن العامل المحدد في تخفيض تصنيف أوكرانيا الائتماني السيادي، هو احتمال تكبد دائنيها الخارجيين من القطاع الخاص خسائر، نتيجة خطة إعادة جدولة معظم سندات الخزينة التي أصدرتها الحكومة وباعتها.
وفي السياق نفسه، أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز في العاشر من أبريل/نيسان الماضي عن تخفيض تصنيف أوكرانيا طويل الأجل على التزاماتها بالعملة الصعبة من "سي سي سي" إلى "سي سي"، الذي يعني درجة مخاطرة عالية في القروض، مع توقعات مستقبلية سلبية.