روسيا تقرأ فوز "مرشحها" إلى البيت الأبيض بتشكيك مبكر

16 نوفمبر 2016
زادت شعبية ترامب عن كلينتون في روسيا(فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -
"وقّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على مرسوم تعيين دونالد ترامب مفوضاً في دائرة أميركا الشمالية الفيدرالية". بمثل هذه التغريدات تفاعل مستخدمون روس على شبكات التواصل الاجتماعي مع فوز المرشح الجمهوري، الذي وصفته منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، بأنه "دمية بوتين". وفي الأيام التالية لفوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، بدا الخطاب الإعلامي والرسمي في روسيا مرحباً، إذ أعرب قادة روسيا عن أملهم في تحسين العلاقات والتعاون في مختلف الملفات، بما فيها الأزمة السورية ورفع العقوبات المفروضة على روسيا والاعتراف بضمها شبه جزيرة القرم.

ويقول إعلامي موالٍ للكرملين، في برنامج أسبوعي أذيع مساء الأحد، "من هو شعوبي، هيلاري أم ترامب؟ كانت هيلاري تكذب مستخدمة كلمات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تحدث ترامب عن خلق الوظائف وأرواح الجنود الأميركيين واحترام المحاربين القدماء وخفض الضرائب وتطوير البنية التحتية وبناء جسور وطرق جديدة". ويرى الإعلامي أن فوز ترامب جاء نتيجة "الانهيار الطبيعي للبنية السياسية والبيروقراطية العاجزة عن البقاء"، مشيراً إلى أن ناخبي ترامب هم "من يعملون ويدفعون الضرائب، ويربون أطفالاً، ويذهبون إلى الكنيسة، ولا يهتمون كثيراً بالمغامرات العسكرية الخارجية". وخصص نحو 40 دقيقة من حلقة البرنامج للإشادة بترامب، ورفضه "إملاءات البنتاغون" وآفاق تحسن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في عهده، والتوقعات بملاحقة كلينتون بتهمة الفساد والإفصاح عن أسرار الدولة.

من جانب آخر، شككت الأوساط الليبرالية والأكاديمية في روسيا في جدية خطط ترامب لاستعادة العلاقات مع موسكو ومدى واقعيتها، محذرة من تكرار الإحباط الذي عاشه العالم في السنوات التي تلت انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة في العام 2008. ويقول الرئيس الفخري لمجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي، سيرغي كاراغانوف، في مقال بموقع مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، "جاء باراك أوباما إلى البيت الأبيض ببرنامج جيد، إلا أنه فشل بسبب عدم استعداد المجتمع لدعم برنامج موحد ما، وأميركا منقسمة جدا". ويضيف "تحدث ترامب في برنامجه الانتخابي كثيراً عن الحوار مع روسيا، لكن يجب الإدراك أن قسماً هاماً من النخبة الأميركية يكره روسيا"، و"لكن الأهم أن ترامب ليست لديه خطط جادة حيال روسيا. يجب إجراء الحوار مع الولايات المتحدة، وربما يمكن تحسين العلاقات بعض الشيء، إلا أن الأهم لروسيا هو مواصلة سياستها بصرف النظر عن وصول ترامب إلى السلطة". ويرى كاراغانوف أن "مهمة جعل روسيا بلداً عظيماً تقتضي بالدرجة الأولى مكافحة الفساد بحزم، وإجراء إصلاحات اقتصادية تضمن نمواً اقتصادياً فعالاً".

من جهته، يشير كاتب مقال، نشر في موقع مركز "كارنيغي" في موسكو، إلى أن الدعاية الروسية كانت تدعم ترامب بقوة، ولكن أملاً في أن يتم "خطف" فوزه في نهاية المطاف. ويوضح أنه "كان يتم تقديم المنافسة بين كلينتون وترامب كحدث أهم من حملة انتخابات مجلس الدوما الروسي التي لم يتولّ التلفزيون تغطيتها كثيرا"، مشيراً إلى أنه كان يتم تقديم ترامب وكأنه "فتى بسيط يواجه سياسيين مخادعين وشركات كبرى تنهب البلاد". ويضيف "كانت الحيلة تكمن في أنه كان يتم بالتوازي إعداد المشاهدين الروس لمنع فوز ترامب، وهو بالطبع فتى تابع لنا والشعب الأميركي البسيط يؤيده، لكنه سيتم خطف الفوز". ويعتبر كاتب المقال أن "الفوز المسروق" كان سيأتي دليلاً جديداً على أن "عيوب النظام الانتخابي الروسي أمر طبيعي نظراً لوقوع الاحتيال والتزوير في كل مكان". ويحذر من أنه في حال عدم وفاء ترامب بوعوده "أمام الناخبين الروس" في ما يتعلق بإلغاء العقوبات وتقسيم مناطق النفوذ مع موسكو، فسيعتبر المجتمع داخل روسيا ذلك بمثابة "خطأ الكرملين في السياسة الخارجية".

وكانت روسيا قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية البلد الوحيد الذي زادت فيه شعبية ترامب عن كلينتون، إذ حظي المرشح الجمهوري بتأييد 33 في المائة من الروس مقابل 10 في المائة فقط لكلينتون، وفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "وين/غالوب العالمية". وركز الخطاب الإعلامي الروسي على أن كلينتون تأتي من داخل مؤسسة الحكم في الولايات المتحدة ("إستبلشمنت")، وسبق لها أن أفشلت "إعادة إطلاق" العلاقات مع موسكو في العام 2009، عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية، وذلك مقابل الإشادة ببراغماتية ترامب التي يشبه فيها بوتين، ونجاحه في مجال الأعمال.