وتراجع الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد من 380 ألف برميل يومياً، إلى نحو 10 آلاف برميل عام 2017، قبل أن يزداد الإنتاج حاليا بواقع اتفاق "جديد" شارف على النهاية، بين نظام الأسد وما تسمى "وحدات حماية الشعب الكردية" التي تسيطر على آبار محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، وهي المنطقة الأغنى والأكثر احتواء للآبار.
وتشير مصادر مطلعة من دمشق إلى أن وفداً رسمياً تابعاً لنظام الأسد "زار المنطقة قبل أيام واتفق مع قيادة وحدات الحماية، وسيتم تنفيذ الاتفاق قريباً"، معتبرة أن وجود القوات الأميركية لن يؤثر على الاتفاق الذي تدخلت قوى إقليمية ودولية لإبرامه بين الأسد والأكراد، على حسب وصف المصادر.
وينص الاتفاق الجديد، بعد إلغاء اتفاق مشابه في يوليو/تموز العام الفائت، على "تولّي حكومة بشار الأسد إدارة المنشآت النفطية التابعة الآن للإدارة الذاتية، وأن تكون عمليات بيع النفط، حصرية بيد حكومة الأسد".
وتكشف المصادر أن "تقارباً اليوم بين نظام الأسد والأكراد، تبلور بعد زيارة مسؤولين من دمشق، لمناطق الحسكة والرقة والقامشلي والطبقة والشدادي، ولقائهم مسؤولين أكراداً شرقي نهر الفرات، للاتفاق حول إدارة ونقل وبيع النفط" لافتة إلى إمكانية تطور العلاقات بين الجانبين لتشهد لاحقاً "بدء صيانة السدود بالمنطقة وصولاً لمصادر المياه التي يسيطر عليها الأكراد، بما في ذلك، سد تشرين شرقي مدينة منبج في ريف حلب".
وفي حين لم تعلن حكومة بشار الأسد، توزيع الحصص التي نص عليها الاتفاق، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن الاتفاق تضمن حصول وحدات حماية الشعب على 75 برميل مازوت مقابل كل 100 برميل نفط خام يستلمه النظام".
وكان النظام السوري قد أبرم في يوليو العام الماضي، اتفاقاً مع "وحدات حماية الشعب الكردية" ينص على تقاسم نفط ثلاثة آبار في محافظة الحسكة، بواقع 65% لنظام الأسد و20% للتنظيم الكردي والباقي "15%" للقوات التي تحمي الحقول، على أن يتكفل نظام الأسد بأجور العاملين بالحقول ومن يحميها، ويمنح التنظيم الكردي مقراً خاصاً ضمن حقول رميلان، أكبر الحقول بالحسكة التي تنتج نحو 40 ألف برميل يومياً، إلا أن مجريات الأرض ودخول القوات الدولية للمنطقة، حال دون تنفيذ الاتفاق وقتذاك.
وكانت قوات النظام السوري قد سلمت بعض المواقع النفطية في الحسكة لحزب الاتحاد الديمقراطي عام 2013، في حين خسرت آبارا ومواقع إنتاج أمام الجيش الحر قبل ظهور تنظيم الدولة "داعش" عام 2014، ليستحوذ على الحصة الكبرى ويتقاسم مناطق الجزيرة السورية المنتجة للنفط مع الأحزاب الكردية، قبل أن تتم هزيمته العام الماضي، لتؤول السيطرة على معظم آبار النفط، للتنظيمات الكردية.
تنقيب روسي
بالسياق ذاته وبالتزامن مع الاتفاق بين نظام بشار الأسد و"وحدات حماية الشعب الكردية" بدأت الشركات الروسية أعمال التنقيب إضافة إلى العمل في المحطات الحرارية لتوليد الكهرباء في سورية
وقالت وزارة الطاقة الروسية إن "الشركات الروسية المهتمة بدأت في العمل على المسار السوري "إس أي غي-إنجينيرينغ و"زاروبيج نفط" و"زاروبيج جيولوجيا" و"تيخبروم إكسبورت" بأعمال الاستكشاف والتنقيب في سورية.
وأضافت الوزارة الروسية خلال بيان سابق لها، أنه في مجال النفط والغاز، بالتعاون مع الشركاء السوريين، تستكشف روسيا إمكانيات استعادة حقول النفط والغاز ومصافي النفط وعناصر البنية التحتية.
كانت وزارة الطاقة الروسية قد وقعت مع نظام بشار الأسد، في يناير/كانون الثاني الماضي، خارطة طريق للتعاون في قطاعي الطاقة والطاقة الكهربائية لعام 2018 وما بعده، تتوخى ترميم وتحديث وبناء منشآت جديدة للطاقة في سورية
بدوره، يقول وزير النفط في نظام الأسد، علي غانم، إن التوجه الحكومي في موازنة عام 2017 الذي تركّز على القطاع الإنتاجي وقطاع الطاقة؛ انعكس على زيادة تنفيذ خطط الوزارات المعنية وخاصة وزارة النفط من خلال زيادة عمليات الحفر والاستكشاف وإعادة تأهيل المنشآت النفطية لتعافي هذا القطاع.
يذكر أن الميزان التجاري النفطي بسورية، بات منذ عام 2012 يشكل عبئاً كبيراً على حكومة الأسد، بعدما تحول من مورد يعود سنوياً بنحو 5 مليارات دولار في المتوسط، هي قيمة تصدير نحو 150 ألف برميل يومياً، إلى مستنزف لموارد الخزينة، بعد تراجع الإنتاج واستيراد نظام الأسد المشتقات النفطية من إيران ليسد حاجة الاستهلاك المحلي المقدرة بنحو 230 ألف برميل مشتقات نفطية يومياً.