وفي تصريحات صحافية له، قال روحاني إنه من المفترض أن تقدم الأطراف الأوروبية الثلاثة الباقية في الاتفاق، وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مقترحات منح الضمانات خلال الأيام المقبلة، مشدداً على أهمية البلدين اللذين سيزورهما، كونهما استقبلا جولات أساسية من المفاوضات النووية في وقت سابق.
ووصف روحاني الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بالانتهاك الصارخ لهذا الاتفاق، وبأن واشنطن خالفت تعهداً دولياً يضم عدة أطراف، معتبراً أن التفاوض والحوار مع أوروبا في هذه المرحلة له أهميته الخاصة، ورأى أن الدول الخمس التي لا تزال ملتزمة بالاتفاق، تشعر بأهمية استمراره والحفاظ عليه حتى دون واشنطن، وهو ما يعني إدانة للخطوة الأميركية التي خرقت القرار 2231 الأممي، على حدّ قوله.
وذكر الرئيس الإيراني أنه سيبحث في أوروبا المسائل المتعلقة بالتعاون الإيراني – الأوروبي، إلى جانب القضايا التي تخص الاتفاق، كما سيوقع عدداً من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، معتبراً أن تسلم النمسا لرئاسة الاتحاد الأوروبي أخيراً، يفتح المجال لخوض هذا النقاش مع مسؤوليها.
حوار حول الإقليم
وإلى جانب ذلك، أبدى روحاني مرونة في مسألة فتحه حواراً مع المسؤولين الأوروبيين حول مسائل دولية وإقليمية، من قبيل الأحداث في سورية واليمن، دون أن يعطي انطباعاً بأنها ستكون مفاوضات مع الغرب تتعلق بدور إيران في هذه القضايا، فأكد أن بلاده تستطيع أن تلعب دوراً لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، وتستطيع الحوار مع الآخرين لتحقيق هذه الغاية.
أهمية خاصة
من جهته، رأى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، أن زيارة روحاني إلى النمسا وسويسرا في هذه المرحلة تحمل أهمية خاصة، معتبراً أن الرئيس الإيراني وفريقه، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، يتّبعون سياسة تقليل التوتر والتقارب مع الآخرين، مؤكداً أن خيار الدبلوماسية هام للغاية في المرحلة التي تلي الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
إلا أن فلاحت بيشه شدد أيضاً على ضرورة عدم تعليق الآمال كثيراً على الأوروبيين، أو تخيّل أنهم سيكونون قادرين على تأمين مصالح إيران بالشكل الأمثل، داعياً إلى وضع المصالح الإيرانية على رأس الأولويات، وإذا ما تحققت، فمن الممكن أن تستمر البلاد بتعاونها مع أوروبا، على حدّ قوله، لكنه رأى أن نية هؤلاء في الحفاظ على الاتفاق جلية للجميع.
واعتبر أن جولة روحاني قد تحبط المساعي الأميركية، وأن تزامنها واقتراب موعد تقديم حزمة الضمانات الأوروبية لإيران أمرٌ جيد، كما أنها تستطيع أن توجه رسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي، وأن تحارب محاولات عزل إيران، كما قال.
ظريف في مسقط
في جانب متصل، أعلنت الخارجية الإيرانية، في وقت متأخر من ليل الأحد، أن وزيرها محمد جواد ظريف ذهب إلى سلطنة عمان في زيارة غير معلن عنها سابقاً، وذكرت أنه بحث مسائل ترتبط بالعلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، دون أن توضح التفاصيل.
الجدير بالذكر أن مسقط لطالما لعبت دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة، ولطالما أوصلت رسائل متبادلة بين الطرفين في أوقات حساسة للغاية وفي ملفات بالغة الأهمية من قبيل "النووي الإيراني".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد انسحب من الاتفاق النووي في مايو/أيار الماضي، وأعاد فرض العقوبات على إيران، والتي ستدخل حيز التنفيذ العملي في أغسطس/آب المقبل، بعدما انتقد الاتفاق باعتباره ناقصاً، ولا يضبط برنامج إيران الصاروخي، ولا حتى دورها في الإقليم.
وانتقد المجتمع الدولي إلى جانب إيران الخطوة الأميركية، رغم أن أطرافاً أوروبية، وعلى رأسها فرنسا، أبدت تحفظاً حيال الدور الإيراني في المنطقة، وبرنامج إيران الصاروخي، لذا تتخوف طهران من مسألة محاولة جرها إلى طاولة مفاوضات جديدة من خلال دعم فرض حصار عليها مجددا.
ورفض المسؤولون الإيرانيون بشدة مسألة الحوار حول الصواريخ البالستية باعتبارها جزءاً من معادلة الأمن القومي، لكنهم أبدوا مرونة أكثر في مسألة الحوار حول قضايا الإقليم.
كما أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان قد اقترح على طهران أن تدخل في تفاوض مع بلاده، واضعاً شروطاً عدة على الطاولة، رفضتها طهران برمتها باعتبار أنه لا يمكن أساساً الثقة بواشنطن التي خرجت للتو من الاتفاق، كما جاء على لسان مسؤوليها.
وكان روحاني قد زار أوروبا سابقاً بعد توقيع الاتفاق النووي، ووقع صفقات ضخمة خلال زيارة إلى إيطاليا وفرنسا، لا يزال تطبيق بعضها معلقاً بسبب عدم اتصال إيران بالنظام المالي الدولي، وبسبب عرقلة الخزانة الأميركية لمسألة منح التراخيص اللازمة، ما منع حصد إيران لمكتسباتها الاقتصادية مع أوروبا على أكمل وجه، وهو ما تحاول البلاد الحصول عليه حالياً، لتبقى في "الاتفاق النووي"، رغم أنه يقيد نشاطها ويمنع تخصيب اليورانيوم بنسب عالية.