وتعد منطقة "الأزهر" بوسط القاهرة، من أكثر المناطق التي يتم فيها عرض الأغطية الشتوية، فهي ملجأ للشراء سواء من قبل الأهالي أو المقبلين على الزواج؛ بسبب رخص أسعارها، مقارنة بالأسواق الأخرى، فضلاً عن توفير جميع الأشكال والألوان المناسبة لكل شرائح المجتمع.
واكتفى بعض الأهالي بالفرجة فقط لكون الأسعار ارتفعت ما بين 50 و100% عن العام الماضي، مما أدى لتراجع حجم الإقبال، حيث سجل سعر البطانية الشعبية الأقل جودة ما بين 100 و200 جنية، والتي كانت تبدأ أسعارها العام الماضي من 40 جنيهاً. وتشتهر ببيع تلك الأنواع من البطاطين منطقة وكالة البلح.
ويتراوح سعر البطانية متوسطة الجودة بين 250 و350 جنيهاً، أما البطاطين مرتفعة الجودة فيتراوح سعرها ما بين 500 و700 جنيه، وأسعار البطاطين المستوردة وصلت هذا العام إلى ما بين 1900 و2000 جنيه، حسب وزن وخامة كل واحدة منها، فيما سجل سعر اللحاف الفايبر المصري بين 180 و650 جنيهاً، بدلاً من 450 جنيهاً، واللحاف المستورد ما بين 1200 و 1500 جنيه، مقارنة بـ 800 إلى 900 جنيه، العام الماضي.
الجمعيات الخيرية
وتسبب ارتفاع أسعار أغطية الشتاء، خلال هذا العام، بابتعاد الجمعيات الأهلية والخيرية ورجال الأعمال، عن شراء البطاطين، خاصة الشعبية منها، لتوزيعها على المحتاجين والفقراء، وهو ما أكد عليه الحاج صالح محمد أحد تجار البطاطين بمنطقة وكالة البلح بالقاهرة، مشيراً إلى أنّه كل عام، وخلال هذه الأيام بالتحديد من دخول الشتاء وما قبلها، كانت عربيات النقل الثقيل تقوم بتحميل مئات البطاطين المتوسطة والشعبية، وتوزيعها على الفقراء فى القرى والأرياف والمناطق الشعبية والنائية، تحت شعار "لست وحدك" و"التدفئة للجميع" بدعم وتمويل من أهل الخير، حتى لا يترك الفقير ومتوسط الدخل بدون غطاء.
وأوضح أنّ البطانية الواحدة التي كانت تباع بما بين 40 و50 جنيهاً العام الماضي، وصل سعرها إلى أكثر من مائة جنية في العام الحالي، وهو ما أدى إلى العزوف عن الشراء أو الشراء بكميات محدودة وبسيطة، لافتاً إلى أنّ أصحاب محلات البطاطين قرروا هذا العام تخفيض نسبة شراء البطاطين من مصانع المحلة الكبرى.
واعترف أصحاب محلات المفروشات بمنطقة الأزهر، بحالة الكساد والركود والديون المتراكمة عليهم لتجار الجملة والمطلوب سدادها، فضلاً عن السيولة المالية المطلوب توفيرها، سواء للعمالة التي لديهم أو فواتير الكهرباء والضرائب وغيرها من متطلبات حياتهم.
وأكد أسامة إبراهيم وهو تاجر، لـ"العربي الجديد"، "كنا ننتظر دخول فصل الشتاء بفارغ الصبر كل عام، لكون هناك حركة فى بيع المفروشات والأغطية الشتوية بأنواعها وأشكالها المختلفة، لكن جاءت الأسعار هذا العام مخيبة للجميع سواء للتجار أو للمستهلكين، فضلاً عن الظروف والحالة الاقتصادية الصعبة للمواطنين، والنتيجة توقف عملية البيع".
وأشار إلى أنه "لدينا شيكات وإيصالات أمانة مطلوب دفعها لتجار الجملة والمصانع، والحبس أو الدفع، كما لدينا متطلبات من مرتبات عمالة وضرائب وكهرباء ومعيشة لأسرنا، ولكن ليس لدينا ما ندفعه".
ويلفت فوزي ناصح وهو صاحب محل، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "أسعار البطاطين زادت 100% عن أسعار العام الماضي، وسعر كل بطانية يختلف من حيث النوع والجودة والوزن، وإذا كانت البطانية مستورد أو من صنع محلي".
وأوضح أنّ "المقبلين على الزواج من المفترض أن يترددوا على المحلات لشراء احتياجاتهم، ولكن هناك من يحضر للفرجة فقط، ويفضل القسط في المحلات الموجودة بجوار محل إقامتهم، وهناك من يشتري ولكن بكميات محدودة جداً".
ولفت أحمد سكر هو تاجر بطاطين، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "العشرات من مصانع البطاطين بمحافظة الغربية شمال القاهرة توقفت عن العمل خاصة البطاطين الشعبية التي تعد الأقل سعراً، لوجود عدة معوقات أصابت الصناعة بالشلل والركود، من بينها وقف خطوط توزيع إنتاج البطاطين لجميع المحافظات من وجه بحري وقبلي والقاهرة؛ بسبب قلة الشراء خلال فصل الشتاء، إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والخامات المستمر، وزيادة أسعار النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود"، مطالباً الحكومة بـ"التدخل لإنقاذ مثل تلك الصناعات التي لها دور في حل مشكلة البطالة".
للفرجة فقط
ويكتفي الأهالي بالفرجة فقط، أو شراء بطانية واحدة، وهناك من اشترى بطانية من الأنواع الأقل سعراً، حيث أكدت وفاء محمد وهي ربة منزل تستعد لزواج ابنتها أنّها "فوجئت بأسعار المفروشات والبطاطين هذا العام"، مؤكدة أنّ سعرها في سوق الجملة مثل منطقة الأزهر ربما يكون أقل من سعر أسواق التجزئة الأخرى، ولكن تبقى مرتفعة هذا العام.
ولفتت إلى أنها قامت بشراء عدد من البطاطين والمفروشات العام الماضي لابنتها الكبرى، بأقل بكثير من العام الجاري، مؤكدة أنها أمام ذلك سوف تشتري بالتقسيط من المنطقة التي تعيش فيها بدلاً من سوق الجملة.
وعبر محمد تجاني وهو موظف، عن أسفه لغلاء أسعار البطاطين، قائلاً: "بلاها بطاطين ونكتفي بما لدينا من وسائل تدفئة موجودة من السنوات الماضية".
وحمّل تجاني التجار وأصحاب المصانع المسؤولية عن ارتفاع الأسعار هذا العام، موضحاً أن المستهلك كان يشتري 3 و5 من البطاطين كل عام "دلوقتي مفيش الكلام ده"، واكتفت فاطمة السيد وهي ربة منزل، بشراء بطانية واحدة من البطاطين الأقل مستوى، إضافة إلى ما لديها من العام الماضي، مؤكدة أن "الأسعار نار العام الحالي، خاصة وأن كل الأسعار وصلت إلى الضِعف في البطاطين".
وتقول أماني محمود وهي معلمة، إنّ "أسعار المفروشات وأجهزة التدفئة مرتفعة عن أي عام مضى، والغلاء طاول كل شيء هذه الأيام وليس فقط الدفايات الكهربائية، والبطاطين"، مستنكرة عدم زيادة المرتبات رغم ما تشهده البلاد من موجة غلاء.
ويقول خليل محروس وهو سائق سيارة أجرة، إنه ذهب لشراء بطاطين من أجل تجهيز ابنته استعداداً لحفل زفافها، فوجد ارتفاعاً كبيراً في أسعار المفروشات وصل إلى الضعف تقريباً، موضحاً "لم أستطع شراء سوى بطانية واحدة، ودفايتين، وأنا أنتظر فربما تنخفض الأسعار".
الأسعار نار
من جانبه، يقول محمود محمد وهو تاجر مفروشات "زادت أسعار البطاطين والدفايات واللحاف الفايبر للضعف، مقارنة بأسعار السنة الماضية".
ويوضح أنّ سعر البطانية يتراوح ما بين 550 جنيهاً للمقاس الصغير، و1200 للمقاس الكبير، واللحاف الفايبر المستورد ما بين 650 جنيها للمقاس الصغير، و1250 جنيهاً للمقاس الكبير.
ويضيف "يتراوح سعر اللحاف المحلي ما بين 250 جنيهاً و680 جنيهًا، ويشهد السوق إقبالاً أكبر على الدفايات التي تبدأ أسعارها من 35 جنيها وحتى 250 جنيهاً، حسب المقاس والنوعية".
ويعلل محمد سبب زيادة الإقبال على شراء الدفايات، بسبب مناسبة أسعارها لمتوسطي الدخل الذين لا يستطيعون شراء البطاطين لارتفاع أسعارها، مستطرداً، "الدفاية هي وسيلتهم لمواجهة برودة الشتاء".
ويوضح أنّ ارتفاع أسعار النقل "النايلون" بسبب رفع الدعم عن الوقود وارتفاع سعر الدولار بعد تعويم الجنيه من أهم أسباب ارتفاع أسعار المفروشات، إضافة إلى احتكار كبار التجار لهذه السلع.
حالة ركود
وبسبب حالة الركود التي تضرب الأسواق، يفكر علي عوض وهو صاحب محل مفروشات، في غلق محله، أو تغيير نشاطه "إذا استمر هذا الوضع طويلاً مع عدم إقبال الناس على الشراء بسبب ارتفاع الأسعار"، مضيفاً، "مفيش حتى الآن زباين اشترت بطاطين ودفايات لأن السوق نايم".
ويرجع خالد ضعف حركة البيع إلى انخفاض المستوى المادي للناس، قائلًا: "قلة الفلوس خلت الناس تشتري بالقسط، حركة البيع ضعيفة وحركة التداول في التجارة ضعيفة جدًا، أول مرة من عشر سنين الفترة دي تكون نسبة المعروض كتير والبيع قليل، منتجات وموديلات كتيرة موجودة في السوق مكنتش موجودة من عشر سنين ولكن البيع ضعيف"، وخالد يعمل في هذا المجال منذ 25 عامًا.
أما أحمد الذي يعمل في المجال منذ 14 عامًا، فقال: "الأسعار كل يوم في زيادة، ولا يوجد إقبال على شراء المنتجات عمومًا، والأسعار كل يوم تتضاعف بالنسبة للمنتجات المستوردة أما بالنسبة للمنتجات المصرية فالأسعار بتزيد بـ10 أو20 جنيهاً في القطعة الواحدة، وده بيفرق مع الزبون".
وأكد أنّ موسم الشتاء ليس له تأثير على ارتفاع الأسعار قائلًا: "الموسم ملهوش علاقة بارتفاع الأسعار، الأسعار بترتفع بسبب ارتفاع الدولار، وهي ثابتة طول السنة لأنه مرتبط بجهاز العرائس أكثر من ارتباطه بمواسم البرد أو الحر، والأغلبية العظمى للمنتجات 80٪".
أما عن تنوع المنتجات والكلمات المنتشرة في السوق مثل "المنتجات السورية" و"المنتجات التركية"، فقال "عرفة" أحد أصحاب محلات المفروشات في ذات المنطقة: "مفيش منتجات سورية أو تركية كل المنتجات الموجودة في السوق هي خامات مستوردة من الصين، ولكن بتكون موديله وتقفيله تركي أو سوري، ولا يوجد أي منتج مستورد من تركيا، وتختلف الأسعار على حسب الماركة أو النوع والتقفيل، وفي المجمل أسعار الألحفة والبطاطين تتراوح بين 450 إلى 900 جنيه، والأسعار واحدة في الصيف والشتاء لأنه جهاز عروسة بيتم شراؤه في الصيف والشتاء وأي فصل في السنة".
وقال أبو حبيبة الذي يعمل في السوق منذ 20 عامًا: "المنتجات بنسبة 100٪ مصرية متقفلة هنا في مصر، والمنتجات المسماة بالتركي والسوري هي منتجات فرز أول وليس بها أخطاء في الصناعة أو الخياطة، ولكن التجار يطلقون عليها "تركي وسوري". وفى الحقيقة ولا تركيا ولا سورية فيها الشغل ده، والخامات كلها مصرية والفرق في نوع القماش والمقاس، وأسعار البطاطين واحدة في الصيف والشتاء، والشتاء بتزيد الكميات فيه عن الصيف، قبل كده كانت العروسة بتشتري 10 قطع ودلوقتي بتشيل 3 أو 4 بالعافية".
وتختلف البطاطين المستوردة حسب بلدها، فأغلى الأنواع الإسباني والكوري ويتراوح سعرها بين 1300 جنيه حتى 1900 جنيه، تليها البطاطين الليبي والتركي ويصل سعرها إلى بين 900 و1200 جنيه، بحسب سعد.