لقمان، أحد العمال المياومين (يتم تشغيلهم بواسطة متعهد) في مؤسسة كهرباء لبنان، تعرض لحادثة عمل، كلّفت طبابته أكثر من 16 ألف دولار، إلا أن أحداً لم يلتفت إليه. فشركة كهرباء لبنان، بحسب لقمان، أرسلته إلى المتعهد (وسيط بين الشركة والعامل)، والمتعهد أرسله إلى الشركة، وهكذا دواليك. إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فأيام الغياب المرضية حسمت بالكامل من راتبه.
الحادثة هذه نتج منها عطل دائم في قدم لقمان، وحاجة دائمة للعلاج، وحتى الآن لم يعوض أحد خسارة لقمان، بل بالعكس تماماً، بعد الغياب المتكرر عن العمل نتيجة الحادثة، احتاج لعديد من الوسائط كي يعود مجدداً.
لقمان ليس الوحيد، حسن أيضاً كان مياوماً في المؤسسة ذاتها، تعرض لصعقة كهربائية خلال تأدية عمله، وهو حتى الآن يعاني من توقف 30% من عمل عضلات يده. كان من المفترض أن يأخذ تعويضاً من شركة التأمين إلا أن ذلك لم يحدث. يؤكد حسن أن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المياومون في العمل، إذ بالرغم من الضمان المؤقت الذي يحظون به اليوم فإنهم لا يشعرون بالاستقرار والثقة "ضماننا الآن مؤقت مع الشركة وفق اتفاقية تمت بغطاء سياسي، ولكن حين ينتهي الاتفاق ماذا سيحصل لي؟ هناك الكثيرون مثلي، نحن أصحاب حق وعليهم توظيفنا في المؤسسة".
هذان نموذجان من آلاف العمال الذين تنتهك حقوقهم يومياً في المؤسسات والإدارات العامة في لبنان. قصصهم كقصة إبريق الزيت، بدأت منذ أوائل التسعينيات ومستمرة حتى يومنا هذا. هؤلاء يعملون بظروف وشروط أقرب إلى الرق، ويندرجون تحت أسماء عدّة "غب الطلب، مياوم، جباة الإكراء، عمال متعهد، عمال فاتورة"، إلا أن جميع هذه التسميات لها وجه واحد، يدل على مأساة العمال الذين يعانون الانتقاص من حقوقهم. هذا عدا عن القلق الدائم المترتب من عدم استقرارهم الوظيفي وغياب الدعم النقابي.
إذ تستعين مؤسسة الكهرباء بمتعهدين، تدفع لهم ملايين الدولارات، ليؤمنوا لها عمال "غب الطلب"، بغية التهرب من إدخال العمال إلى الضمان الاجتماعي، والتهرب من التوظيف كون المياومين ينتمون بغالبيتهم، إلى طائفة مختلفة عن طائفة الوزراء المتعاقبين. إلا أن هذا النمط غير محصور فقط بمؤسسة كهرباء لبنان، بل هو متفشٍّ في أغلبية المؤسسات والإدارات العامة التي تستخدم ذرائع متعددة لوقف التوظيف وعدم ملء المراكز الشاغرة.
ومن خلال دراسة أنجزها المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، تبين أن أعداد المياومين تتجاوز في بعض المؤسسات ضعفي ونصف عدد الموظفين الدائمين، ففي مصلحة مياه لبنان الجنوبي (عدد الموظفين الدائمين 243 عاملاً، أما المياومون فعددهم 985 عاملاً، أي ما نسبته 242%) وفي مؤسسة كهرباء لبنان %128، في بلدية صيدا بلغت نسبة المياومين إلى الموظفين الدائمين 130% وأيضا في مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان 125%".
وبالرغم من التفاوت بين أوضاع المياومين من مؤسسة إلى أخرى، فإن السمة العامة عدم وجود ضمان ولا منح مدرسية أو تعويضات. هذا ما يؤكده رئيس المرصد أحمد ديراني ويشرح أن "لعبة المياومين" هي نتيجة لعاملين، الأول هو السياسة النيوليبرالية التي تهدف في سياستها إلى إضعاف القطاع العام والقضاء عليه، بحجّة ترشيق الإدارة أو ترشيد الإنفاق، أما العامل الثاني فهو سياسة المزرعة التي تعتمد على المحاصصة المذهبية والحزبية، وتحويل المؤسسات والإدارات العامة إلى ساحة لبناء النفوذ السياسي عبر التوظيف والاستزلام.
من جهته، يقول جاد، وهو مياوم في مؤسسة الكهرباء: "حين تحصل حادثة عمل لأحد منّا ونتضرر، لا أحد يسأل عن طوائفنا، اليوم يسألون لأننا نريد حقنا في التثبيت الوظيفي، هل يعلمون كم شهيد قضى في المؤسسة، وكم شخص حسم من راتبه لأنه نقل إلى المستشفى؟ هل يعرف أحد طائفة هؤلاء أو طائفة الذين أصيبوا بإعاقات؟".
إقرأ أيضا: مخاطر ليبيا: العمال ضحايا إرث القذافي والفوضى
الحادثة هذه نتج منها عطل دائم في قدم لقمان، وحاجة دائمة للعلاج، وحتى الآن لم يعوض أحد خسارة لقمان، بل بالعكس تماماً، بعد الغياب المتكرر عن العمل نتيجة الحادثة، احتاج لعديد من الوسائط كي يعود مجدداً.
لقمان ليس الوحيد، حسن أيضاً كان مياوماً في المؤسسة ذاتها، تعرض لصعقة كهربائية خلال تأدية عمله، وهو حتى الآن يعاني من توقف 30% من عمل عضلات يده. كان من المفترض أن يأخذ تعويضاً من شركة التأمين إلا أن ذلك لم يحدث. يؤكد حسن أن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها المياومون في العمل، إذ بالرغم من الضمان المؤقت الذي يحظون به اليوم فإنهم لا يشعرون بالاستقرار والثقة "ضماننا الآن مؤقت مع الشركة وفق اتفاقية تمت بغطاء سياسي، ولكن حين ينتهي الاتفاق ماذا سيحصل لي؟ هناك الكثيرون مثلي، نحن أصحاب حق وعليهم توظيفنا في المؤسسة".
هذان نموذجان من آلاف العمال الذين تنتهك حقوقهم يومياً في المؤسسات والإدارات العامة في لبنان. قصصهم كقصة إبريق الزيت، بدأت منذ أوائل التسعينيات ومستمرة حتى يومنا هذا. هؤلاء يعملون بظروف وشروط أقرب إلى الرق، ويندرجون تحت أسماء عدّة "غب الطلب، مياوم، جباة الإكراء، عمال متعهد، عمال فاتورة"، إلا أن جميع هذه التسميات لها وجه واحد، يدل على مأساة العمال الذين يعانون الانتقاص من حقوقهم. هذا عدا عن القلق الدائم المترتب من عدم استقرارهم الوظيفي وغياب الدعم النقابي.
إذ تستعين مؤسسة الكهرباء بمتعهدين، تدفع لهم ملايين الدولارات، ليؤمنوا لها عمال "غب الطلب"، بغية التهرب من إدخال العمال إلى الضمان الاجتماعي، والتهرب من التوظيف كون المياومين ينتمون بغالبيتهم، إلى طائفة مختلفة عن طائفة الوزراء المتعاقبين. إلا أن هذا النمط غير محصور فقط بمؤسسة كهرباء لبنان، بل هو متفشٍّ في أغلبية المؤسسات والإدارات العامة التي تستخدم ذرائع متعددة لوقف التوظيف وعدم ملء المراكز الشاغرة.
ومن خلال دراسة أنجزها المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، تبين أن أعداد المياومين تتجاوز في بعض المؤسسات ضعفي ونصف عدد الموظفين الدائمين، ففي مصلحة مياه لبنان الجنوبي (عدد الموظفين الدائمين 243 عاملاً، أما المياومون فعددهم 985 عاملاً، أي ما نسبته 242%) وفي مؤسسة كهرباء لبنان %128، في بلدية صيدا بلغت نسبة المياومين إلى الموظفين الدائمين 130% وأيضا في مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان 125%".
وبالرغم من التفاوت بين أوضاع المياومين من مؤسسة إلى أخرى، فإن السمة العامة عدم وجود ضمان ولا منح مدرسية أو تعويضات. هذا ما يؤكده رئيس المرصد أحمد ديراني ويشرح أن "لعبة المياومين" هي نتيجة لعاملين، الأول هو السياسة النيوليبرالية التي تهدف في سياستها إلى إضعاف القطاع العام والقضاء عليه، بحجّة ترشيق الإدارة أو ترشيد الإنفاق، أما العامل الثاني فهو سياسة المزرعة التي تعتمد على المحاصصة المذهبية والحزبية، وتحويل المؤسسات والإدارات العامة إلى ساحة لبناء النفوذ السياسي عبر التوظيف والاستزلام.
من جهته، يقول جاد، وهو مياوم في مؤسسة الكهرباء: "حين تحصل حادثة عمل لأحد منّا ونتضرر، لا أحد يسأل عن طوائفنا، اليوم يسألون لأننا نريد حقنا في التثبيت الوظيفي، هل يعلمون كم شهيد قضى في المؤسسة، وكم شخص حسم من راتبه لأنه نقل إلى المستشفى؟ هل يعرف أحد طائفة هؤلاء أو طائفة الذين أصيبوا بإعاقات؟".
إقرأ أيضا: مخاطر ليبيا: العمال ضحايا إرث القذافي والفوضى