رفيقي الشنفرى

20 فبراير 2020
(عدنان أوزار)
+ الخط -

رفيقي الشنفرى

الشنفرى
يا رفيقي ذا الشفتين الغليظتين
وجعي كبير في هذا الخريف
ويربطني مثل ثُريّا مقيّدة بالسلاسل في جبلٍ يذبل
أتمنّى أن تشارك بدلًا عنّي في عكاظ
ليُدَوّي شِعْرُك مثل السّهام التي تصوّبها نحو بني سلامان
وليقتنص لسانُك الطويل المشقوق نابغة بني ذبيان
أعلمُ أنك عدّاء جيد
وأن الصبر الذي في نَفَسِكَ
يهدم تلال الرمال واحدة تلو أخرى
أنت تلحق بالخيول العاديات، وتجعل ذيولها كالجدائل
ومن المستحيل أن يصل أحدٌ قبلك إلى زعفران الطائف
لا تبالِ بهم، سوف تُسْكِتُهُم معلّقةُ قبيلتنا
لقد وجدنا اثني عشر نبعًا هذا الصيف
وكتبنا اثنتي عشرة قصيدة
سأعطيك جَمَلِي العارف بالإيقاع
عُدّ خطواته وأنتَ تصف الليالي
ولا تنس أنّ كلَّ أربع خطواتٍ بإيقاعٍ

الشنفرى
يا رفيقي ذا الشفتين الغليظتين
في وجهك بثورٌ من حصىً سيّال
وقلبك متوهّج مثل هَزَجٍ في سماء الصحراء
طيف الحبيب يبرق في عينيك
ويعكس دِمَنَ أطلالنا
في الرحلات الطويلة الخالية من الماء
أتمنّى أن تشارك في عكاظ هذا الخريف
ليُدوّي شعرك مثل السهام التي تصوّبها نحو بني سلامان
بسِحْرِك الجسور، وتشبيهاتك التي لا يتصوّرها عقل
عندما يحفظ أشعارَك قسُّ بن ساعدة

ومن أجل أن أهديك السيف الذي رويتُه من عرقي
سوف أنزعه من تحت إبطي،
وأعلّق وردةً مُخيفةً - لها عينا قِطٍّ ورأسه! - على خيمة المحبوب.


■ ■ ■

أغنية عصمت البقّال

لو لم أشرب عرقًا في الصباح
كنتُ سأذهب إلى سلانيك
إن لم يكن من الميناء
سيكون من "أوتشماك دارا"
كنتُ سأذهب بالتأكيد، مستقلًا سفينة بضائع في وقت الضحى
لو لم أشرب عرقًا في الظهيرة
كنت سأذهب إلى سلانيك
إن لم يكن من "داغ يولو"
سيكون من "لاب سيكي"

كنتُ سأذهب بالتأكيد، ملوّحًا بيدي للسحاب الفارغ
لو لم أشرب عرقًا في المساء
كنتُ سأذهب إلى سلانيك
إن لم يكن مع الرياح الشمالية الشرقية
سيكون مع الرياح الشمالية الغربية
كنتُ سأذهب بالتأكيد، مختلطًا بتراب الرخام

لو لم أشرب عرقًا في الليل
كنتُ سأذهب إلى سلانيك
إن لم يكن من كروم العنب
سيكون من درب التبانة
كنتُ سأذهب بالتأكيد، برأس غير ثمل
إلى أول سَكْرةٍ في ملاعب الصبا.


■ ■ ■


وداعًا للوحدة

أتيتُ إلى نهاية الوحدة أيضًا،
خنجر الكآبة في ظهري،
ودون أن يُغرس فيّ، دائمًا ما يجعلني أمشي مُهدَّدًا.
لا أعرف كيف ولماذا سلكتُ هذا الطريق،
لهذه الحالة بداية بالتأكيد؛
أنا أيضًا في نهاية المطاف، أُلقي بي من درّاسة،
طرتُ بلا مهبط من خلف الخيال الذي يُقال عنه امرأة.
لكنّ الحياة الغنجة هي التي خدعتني،
ومع ذلك، لا يمكنني أن أقول إن هذا التصوّر العميق والأرض
قد منحاني شيئًا،
في نخاعي يجف الطوب اللبني الذي قطعتُه بخطوط الطول،
ووجعه يصيب وجهي.
آه، إنه ليس وداعًا ولا طاعونًا أو وبالًا!
ليس رحيلًا، إنه التشتت مع عقلي المُترّب وذاكرتي.
لتنته هذا الأشعار، وهذا الكتاب
وهذا البرج الانطوائي
إذا كان قاتل الإنسان هو الخيال
فإنّ جسده لن يصل إلى أي شاطئ.


■ ■ ■


أغاني الطريق

(الأغنية الخامسة)

وجودي الذي هو روح الطرقات
ماذا يُحمَل منه أثقل من القلب؟
الأمواج تحمل بحرًا كاملًا
هائجةً مثل خيول مجوَّعة…
إذا قلتُ أحمله هكذا أيضًا،
ظننتُ أنني مررتُ عبر البحار،
واجتزت تلك الجبال
مرّة أخرى… مثل الراعي الآخر في مرعاي… وفي موجاتي
مهما قلتُ كم هو شجيّ
لا يمكنني أن أشرح حالي الرحّال.
من وحدة إلى وحدة
يُغلق بابٌ ويُفتح باب
صرت أحلم من جديد
بأن أصل سابحًا إلى الضفّة الأخرى
في البحر الذي بداخلي.


■ ■ ■


الأمطار

(شيّدوا بيتًا في الموطن الجديد
وانتظروا أوّل مطرٍ)

أفكّر في أوّل مطر:
ينبغي أن تكون ذكراه على قرميد البيت الذي وُلدت فيه.
كلّ برودة تثير فضولي؛
اختفاء اليمام فجأة،
صوت المطر يرفرف من إقليم إلى إقليم
مثل السحاب المهاجر…
كأن شقائق النعمان بلا حقل ترتجف،
ومرّة أخرى من إقليم إلى إقليم
هذا الأحمر الذي يفكّر في حلم الحياة الطويل
هو ذاك القرميد…
كلّ غموض هو شك بالنسبة لي
قبل كلّ مطر
تأتي ظلال غابات مهجورة.
أفزع وأسألهم
عن الأغاني الشعبية التي نسيتها سلالتي.
هل يمكن للإنسان وهو يهاجر أن يحمل معه كلّ أغانيه الشعبيّة،
وأن يحمل صوت المطر،
وآخر صوت وقع أقدام في موطنه القديم، أنصتَ إليه لأول مرة، وجُنَّ...؟
أفكّر في أوّل مطر،
وفي حياتي الجديدة التي بدأت مع غضب القطرات.


* Adnan Özer أحد أبرز الشعراء الأتراك المعاصرين. وُلد في مدينة تاكرداغ التركية سنة 1957، درس الصحافة في جامعة إسطنبول، وعمل في عددٍ من الصحف والمجلّات التركية؛ من بينها مجلّة "غينداش" التي رأس تحريرها في التسعينيات. يستلهم في شعره التراث التركي، ومن إصداراته الشعرية: "الأسلحة النارية" (1981)، "حشرجة الموت" (1982)، "توقُّف الرياح" (1985)، "خريطة الزمان" (1991)، "قصائد الوداع" (1998)، "أغاني الطريق" (2016).

** ترجمة عن التركية أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير

المساهمون