كشف مصدر مطلع في أمانة لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري أن "وزارة المالية أخطرت اللجنة رسمياً، أمس الأول الخميس، بزيادة مخصصات موازنة البرلمان من مليار و550 مليون جنيه (نحو 98 مليون دولار) في السنة المالية 2019-2020، إلى مليار و750 مليون جنيه (نحو 111 مليون دولار)، في مشروع الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2020-2021، بزيادة قدرها 200 مليون جنيه، وذلك بهدف رفع بدلات النواب عن حضور الجلسات العامة واجتماعات اللجان النوعية".
وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إن الزيادة الجديدة في موازنة مجلس النواب "من شأنها رفع إجمالي ما يتقاضاه النائب شهرياً إلى نحو 40 ألف جنيه (نحو 2500 دولار)، مع العلم أن قطاعاً عريضاً من النواب يتغيبون بصفة دائمة عن حضور اجتماعات اللجان والجلسات، انشغالاً بأعمالهم الخاصة". وأشار إلى أن تلك المخصصات "تمثّل مخالفة صريحة لقانون مجلس النواب، والذي نص على عدم تجاوز إجمالي ما يتقاضاه النائب الـ 20 ألف جنيه شهرياً".
ووصف نائب الزيادة الجديدة بأنها مقدمة لعدد من القوانين والتشريعات التي يريد النظام السياسي تمريرها من دون ضجيج، أو إثارة الرأي العام. وقال النائب، وهو أحد المنتمين إلى كتلة "25/30"، إن الزيادة تأتي في إطار الرشى المالية المقنعة، التي اعتادت الحكومات المتعاقبة تقديمها للنواب، الذين يفترض أنهم يمثلون مصالح الشعب، حتى يمرروا قوانين وتشريعات ترهق كاهل هذا الشعب، بلا معارضة حقيقية، وهي تضمن بذلك، أي الحكومة، عدم تحدثهم عن قضايا مثل انخفاض الأجور، وارتفاع أسعار السلع، والخدمات، لأنها تهددهم بشكل مبطن بالكشف عما يتقاضاه النواب في الإعلام، الذي يقع بدوره تحت سيطرة النظام، وأجهزته المخابراتية والأمنية.
ويحظى النواب في مصر بالعديد من الامتيازات العينية، بخلاف ما يحصلون عليه من بدلات، مثل حصولهم على تذاكر مجانية لرحلات الطيران الداخلية، واشتراك سفر مجاني في الدرجة الممتازة في هيئة السكك الحديدية، علاوة على تحمّل موازنة البرلمان تكاليف إقامتهم في فنادق ذات تصنيف "5 نجوم" طيلة أيام انعقاد الجلسات العامة، وتسديد العديد من الاشتراكات والخدمات الأخرى عوضاً عنهم. وبحسب المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الزيادة في موازنة البرلمان للعام المالي الجديد "تستهدف في المقام الأول زيادة بدلات أعضاء المجلس، من دون تحسين رواتب الموظفين فيه، على عكس ما يروجه رئيس البرلمان علي عبد العال، من أن أي زيادة تذهب لصالح العاملين في المجلس"، مبيناً أن "رواتب الموظفين لم تشهد أي زيادات على مدار العامين الماضيين، إلا في نطاق محدود للغاية، ويقتصر على دائرة كبار العاملين".
وشهدت موازنة الدولة للعام المالي الحالي 2019-2020 زيادة قدرها 151 مليون جنيه في موازنة مجلس النواب الموالي للرئيس عبد الفتاح السيسي، مقارنة بموازنة العام المالي 2018-2019، والتي بلغت ملياراً و400 مليون جنيه، بزيادة قدرها 300 مليون جنيه عن موازنة 2017-2018، في إطار إرضاء الحكومة "للنواب المتورطين في تمرير العديد من التشريعات المخالفة للدستور". وتضاعفت موازنة مجلس النواب أكثر من ثلاث مرات منذ انعقاد البرلمان الحالي في 10 يناير/كانون الثاني 2016، إذ كانت تبلغ 508 ملايين جنيه فقط في موازنة العام المالي 2014-2015، زيدت بنحو 92 مليون جنيه في موازنة 2015-2016، ثم بنحو 221 مليون جنيه في 2016-2017، و279 مليون جنيه في موازنة العام المالي 2017-2018.
وكان رئيس البرلمان قد زعم أن "80 في المائة من الزيادة المقررة في موازنة البرلمان السنوية تذهب لصالح رواتب العاملين فيه، من دون أن تطاول مكافآت أو بدلات النواب"، في الوقت الذي أوقف فيه التعيينات نهائياً في مجلس النواب منذ توليه مهامه قبل أكثر من أربع سنوات، والتي شهدت وصول نحو 20 في المائة من العاملين للسن القانوني، وإحالتهم إلى التقاعد، بحسب المصدر.
وقال الرئيس السابق لائتلاف الأغلبية البرلمانية، محمد زكي السويدي، في لقاء على فضائية "دي إم سي"، المملوكة للاستخبارات، قبل عامين، إن "إجمالي ما يحصل عليه النائب شهرياً يُقدر بنحو 27 ألف جنيه شهرياً، مشمولاً بجميع البدلات"، وهو ما مثل اعترافاً منه بمخالفة القانون. وادعى السويدي، آنذاك، أن "مصر تعد من أقل الدول التي تمنح مكافآت لأعضاء البرلمان". وينعقد مجلس النواب على مدار ثلاثة أيام فقط كل أسبوعين، إلا أن رئيسه يرفع الجلسة لعدة مرات خلال الانعقاد الواحد، ولمدة تقل عن دقيقة واحدة في أغلب الأحيان، حتى يرفع من قيمة البدلات التي يحصل عليها النواب، في حين أن أغلب الأعضاء يوقّعون إلكترونياً مع بداية الجلسة، ثم يغادرون مبنى البرلمان عائدين إلى أعمالهم، في مخالفة للمادة 103 من الدستور، والتي تشترط تفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية. وعلى ذلك تُصرف كل البدلات المقررة للنواب من دون استثناء، على الرغم من عدم مشاركتهم عملياً في فعاليات المناقشة أو التصويت على التشريعات.