وعلّق القاضي الأشقر في حديث لـ"العربي الجديد" على قرار مجلس التأديب بالقول: "إنه يشكل انتصاراً تاريخياً لحق الناس والموظفين العامين والقضاة بحرية الرأي والتعبير، وانتصاراً لقيم الديمقراطية، وللقضاة بشكل خاص بأن لهم الحق في التعبير عن آرائهم في الشأن العام، ومن حقهم الدفاع عن منظومة الحقوق والحريات، والقاضي مواطن والموظف العام مواطن ومن حقه أن ينتقد وأن يقول بأن هناك خللاً ينبغي معالجته".
وقال الأشقر: "الأغلبية والأقلية في مجلس التأديب اتفقا على ردّ الدعوى حيث دخلت الأغلبية في الموضوع وقالت إن ما ورد في مقالتي يشكل محاولة لتقويم العديد من الاختلالات التي مست مراكز إنسانية ومست حقوق الإنسان".
ورأى الأشقر أنه يمكن التأسيس على القرار بما يتعلق ليس فقط بحق القاضي في التعبير عن رأيه وإنما أيضاً الموظف العام، ما يشكل مساهمة في إصلاح النظام السياسي وإصلاح المؤسسات وتحقيق الشفافية المطلوبة لمكافحة الفساد ووقف انتهاكات حقوق الإنسان"، وقال: "أعتقد أن القرار عند نشره سيكون سابقة تاريخية تنتصر لحقوق الناس والقضاء الفلسطيني".
واعتبر المستشار القانوني لمؤسسة الحق عصام عابدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، القرار بالغ الأهمية وانتصاراً لحرية الرأي والتعبير كحق طبيعي وأساسي، مؤكداً أن من الضروري البناء عليه في دعم حرية الرأي والتعبير، وأن يُبنى عليه في مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية بما يتوافق مع المعايير الدولية.
وجاء في القرار: "باستقراء الذي دوّنه المدعى عليه، نجد أنها لا تخرج عما قرره المشرع في القانون الأساسي للمواطنين كافة في ما يتصل في الحريات العامة وخصوصاً حرية الرأي والتعبير"، وورد فيه أيضاً "أن المشرع حرص على أن يكون عرض الآراء المتصلة بالشؤون العامة وانتقاد أعمال وتصرفات القائمين عليها متمتعاً بالحماية الدستورية التي تقتضيها النظم الديمقراطية".
وحول حرية الموظف العام في النقد، جاء في القرار: "النقد البناء ضمانة لسلامة البناء الديمقراطي، ولا حظر على الموظف العام في أن ينشر عن طريق وسائل النشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني ما يراه اعوجاجاً، أو أن يتظلم من عسف إدارته أو القائمين على إدارة الشؤون العامة في الوطن وقضي كذلك أن انتقاد القائمين بالعمل العام وإن كان مريراً يظل متمتعاً بالحماية التي كفلها الدستور بحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بمضمون الحق لهذه الحرية".
وأعطى القرار القاضي حقاً في إبداء رأيه بالشأن العام كغيره من المواطنين، واعتبر القرار مقال القاضي الأشقر أنه لم يعبر عن موقف سياسي أو حزبي منحاز لجهة دون أخرى، بل عبّر عما جال بخاطره في ما اتصل بعمل وقرارات الحكومة السابقة، لا سيما ما اتصل بالحقوق والحريات العامة منتقداً، ما رآه عسفاً أو ظلماً أو مساً بهذه الحرية، معتبراً القرار أن الأشقر قد مارس حقه الذي كفله القانون الأساسي باعتباره مواطناً حتى لو شغل منصباً قضائياً طالما لم يخدش أو يذم، واستند القرار إلى القانون الأساسي الفلسطيني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.
ومن الملاحظ أن الرأي المخالف لقرار الأغلبية ذهب أيضاً إلى أن اتصال مجلس التأديب بالدعوى غير وارد، حيث تساءلت ناصر الدين: "هل يملك رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي إحالة المستدعى ضده لمجلس التأديب دون توصية من قاضي التحقيق الذي قام بتوجيه تنبيه له؟".
وكان الرئيس السابق لمجلس التأديب القضائي القاضي عبد الله غزلان، قد تنحى في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن النظر في الدعوى التأديبية بحق زميله الأشقر، قبل انعقاد أولى جلسات المجلس التأديبي، بسبب ارتباط المسألة بحرية الرأي والتعبير التي كان غزلان نفسه قد قدمت ضده دعوى تأديبية بسبب مقالات له.
وكان مجلس القضاء الأعلى الانتقالي قد أحال قضية الأشقر على المجلس التأديبي وبدأت إجراءات المجلس التأديبي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فيما كان مجلس القضاء الأعلى السابق قد أحاله على التحقيق بشهر إبريل/ نيسان الماضي، على خلفية مقال على موقع وكالة وطن المحلية انتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان بعهد حكومة رامي الحمدالله السابقة.
وكان مجلس التأديب القضائي قد أجّل في العشرين من الشهر الماضي، جلسته إلى اليوم، من أجل اتخاذ القرار في السير بالدعوى التأديبية بعدما تقدم النائب العام المساعد خطياً برده على الدفوع الشكلية التي أثارها الأشقر في جلسة سابقة.