رفاهية المفلسين

01 يوليو 2018
من المتوقع أن تبدأ التظاهرات قريباً بتونس (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -
في تونس، ازدادت أسعار البنزين والحليب وستتبعها قريباً أسعار الكهرباء والنقل. كما ازدادت الضرائب والرسوم وتأخرت رواتب الموظفين والمتقاعدين. إنه إفلاس غير معلن وبلا أفق للحل، وسيتحول من دون شك إلى موجة اضطرابات اجتماعية مع هذه المواجهة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، النقابة الأكبر في البلاد.

وخلال هذا الأسبوع، سيأتي فريق صندوق النقد الدولي إلى تونس، ليرى إذا كان التلميذ قد أدى واجباته بالشكل المطلوب، فقد قرر الأستاذ أن يراقب عمل الحكومة كل ثلاثة أشهر، وينظر ما إذا كانت تطبق التعليمات كما أوصى بذلك، مسلطاً سيفه على البلاد. ولم يخطئ أحد النقابيين عندما وصف الحكومة بـ"التلميذ النجيب للصندوق"، الذي كلما مرّ على أرضٍ أفسدها وأحرقها وخلّف الخراب من بعده.

ومع ذلك، لا ينتبه التونسيون بما يكفي لأزمتهم وللخناق المفروض عليهم، ولا يعي كثيرون إفلاس بلدهم واقترابه من الهاوية، ويمعنون في معارك وهمية وهامشية، توقيتها خاطئ ومضمونها خاطئ وأسلحتها خاطئة وتداعياتها كارثية بالتأكيد، إذا لم تجد من يحجّمها سريعاً فقد تحرق البلد وتزيد من مشاكله التي لا تنتهي.

وصبّ عدد من الناس غضبهم على نبيل معلول، مدرب المنتخب التونسي لكرة القدم، ليس لأنه خسر مباراة في كأس العالم، لكن لأنه قرأ الفاتحة قبلها. وصارت قضية الناس فاتحة المنتخب لا خبزهم. كما وظف بعض المشاركين في أربعينية الراحلة ميّة الجريبي المناسبة في خلافاتهم السياسية بإثارتهم ضجة بسبب مشاركة زعيم النهضة راشد الغنوشي. كذلك ستشهد البلاد في الأيام المقبلة صداماً إيديولوجياً جديداً بسبب تقرير لجنة الحريات والمساواة الفردية، وما تضمنه من ملفات تتعلق بالميراث والحريات الجنسية وغيرها من القضايا التي يمكن أن تحرق أي نقاش لا يملك أصحابه حداً أدنى من الهدوء والسكينة والموضوعية، وبدأ بعد تهديدات وعنف لفظي نتمنى ألا يتحول إلى عنف مادي. والسؤال: هل يملك التونسيون رفاهية هذه النقاشات، وهل يعي الداعون إليها خطورتها، وهل نسوا أم تناسوا بنود الدستور حول هذه المواضيع، أم أن توقيت طرحها في هذا الوقت بالذات مقصود؟
المساهمون