رسالة من الرئاسة الجزائرية: الانتخابات في موعدها وبوتفليقة سيترشح في الوقت المناسب

15 ديسمبر 2018
انتخابات الرئاسة الجزائرية في إبريل/نيسان المقبل (العربي الجديد)
+ الخط -
نشرت صحيفة حكومية تتبع الرئاسة في الجزائر، افتتاحية نقلت رسالة مفادها أنّ الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في إبريل/نيسان المقبل، ستجري في موعدها المقرر، وذكرت أنّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "سيعلن عن الترشح في الوقت المناسب".

وذكرت صحيفة "المجاهد" الرسمية التي تتبع الرئاسة، في افتتاحية نشرتها في عدد الخميس، أنّ "الانتخابات الرئاسية ستجرى كما هو مقرر في إبريل/نيسان المقبل"، وأكدت بشكل جازم أنّ "رئيس الدولة، الذي ستنتهي عهدته في هذا التاريخ، قد تمّت دعوته لإكمال مهمته، وبالتالي يكون المرشح لأهم التشكيلات السياسية والنقابات ومنظمات أرباب العمل والمنظمات الجمعوية".

وتابعت الصحيفة أنّ "بوتفليقة حريص على احترام المواعيد الدستورية والاستحقاقات الانتخابية"، وكتبت "إذا كان الرئيس لم يقدّم إجابته لدعاة ترشحه إلى الآن بسبب تقديره أنّ الوقت ما زال مبكراً، فإنّه في المقابل، لم يتجاهل الموعد الانتخابي الذي يعني بالنسبة له احترام سيادة الشعب الجزائري، وبالتالي فإنّ الصندوق هو الوحيد الذي بإمكانه أن يفصل في هذه المنافسة التعددية".

وما يزال الغموض مخيماً على المشهد السياسي في البلاد، خصوصاً في ما يتعلّق بمسألة ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة أو عدمه، رغم تودّد أحزاب الموالاة التي سبق أن أعلنت عن دعوته إلى الترشّح باسمها.

وقالت "المجاهد"، إنّ "الخطاب الرسمي الذي تمثّله الأغلبية الرئاسية، يتميّز بوضوح تام، بخصوص الاستحقاق المقبل"، مضيفة أنّ "أنصار الرئيس، ممثلين في التحالف الرئاسي الذي يتكوّن من أربع تشكيلات سياسية كبرى، أو الجبهة الوطنية للأحزاب الرئاسية التي تشكّلت مؤخراً، تحضّر لهذا الموعد وتقوم بالتعبئة".

ومن المقرر أن يجتمع، الاثنين المقبل، قادة أحزاب التحالف الرئاسي؛ وهم: رئيس الحكومة أحمد أويحيى بصفته الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، ورئيس البرلمان معاذ بوشارب بصفته المنسق العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، وعمارة بن يونس رئيس "الحركة الشعبية الجزائرية"، وعمار غول رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، وذلك لمناقشة الخطوات السياسية اللازمة تمهيداً للاستحقاق الانتخابي، ومناقشة مقترح عقد ندوة لتأمين "إجماع وطني".

وبحسب الصحيفة الرسمية "المجاهد"، فإنّ مبادرة عقد ندوة بهدف الإجماع الوطني، "لا علاقة لها لا بافتراض تأجيل الانتخابات ولا بالتمديد للرئيس بوتفليقة"، موضحة أنّ المبادرة "تندرج في إطار التحضير للرئاسيات الذي يتم على مستويين، هما وضع حصيلة لإنجازات الرئيس، وبناء جبهة داخلية قوية تضمن الإجماع الواسع".


غير أنّ الصحيفة ذكرت، في الوقت عينه، أنّ "مبادرة إنشاء هذه الجبهة تعود للرئيس نفسه الذي دعا إليها في الذكرى الـ62 لاندلاع الثورة التحريرية، بهدف تحصين الجزائر من المخاطر الخارجية ومواجهة المناورات السياسوية الداخلية".

وينسف هذا التقدير جملة من السيناريوهات التي تطرحها قوى المعارضة السياسية التي تذهب في اتجاه الدعوة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، على أساس توافقات واشتراطات سياسية بتنحي بوتفليقة من الحكم وعقد ندوة وفاق وطني وحكومة إصلاحات.

وفي هذا الإطار رأت افتتاحية الصحيفة الحكومية، أنّ "قوى المعارضة تبث افتراضات ليس إلا"، معتبرة أنّه "إذا أرادت أطراف أن تبث افتراضات تسوقها على أساس أنّها حقائق، فإنّ ذلك يدخل في إطار استراتيجية زرع الارتباك، ولا يمثل إلا تسويقاً رديئاً يفضح فقداناً كبيراً للثقة في النفس"، بحسب قولها.

وكانت قوى سياسية معارضة تبنّت مواقف مستجدة من ملف الانتخابات الرئاسية، واقترحت تأجيل الانتخابات بشروط كحركة "مجتمع السلم" (الإخوان المسلمين)، التي اشترطت للقبول بتأجيل الانتخابات، "توافقات سياسية بشأن إنجاز إصلاحات سياسية جادة، خلال فترة سنة كاملة ولو بدون الرئيس الحالي، تتعلّق بتوازن النظام السياسي، وإنهاء عهد الصلاحيات الرئاسية المضخمة، وحكومة تنبثق من البرلمان تكون صاحبة قرار وصلاحيات، وتعديل قانون الانتخابات واستحداث صلاحيات للهيئة الوطنية المستقلة تتولّى تنظيم الانتخابات".


ومن الواضح أنّ بالونات الاختبار السياسي التي أطلقتها الرئاسة، خلال الأسابيع الأخيرة، عبر  إشاعة نقاش حول تأجيل الانتخابات الرئاسية، أو التمديد للرئيس بوتفليقة، خارج الإطار الدستوري، وعقد ندوة وفاق وطني على غرار ندوة عام 1994، كشفت بالنسبة للفريق الرئاسي طبيعة المواقف الجدية للأطراف السياسية الفاعلة في الساحة، فيما يخصّ احترام الدستور والاستحقاقات الانتخابية، فضلاً عن استدراجها نحو نقاش سياسي.

وتُعتبر الافتتاحية التي نشرتها الصحيفة الحكومية "المجاهد" المقرّبة من الرئاسة، رسالة من الرئاسة الجزائرية، بعدم وجود أي دواعٍ تفرض على السلطة تأجيل الانتخابات أو الخوض في خيارات غير دستورية، بغض النظر عما إذا كان بوتفليقة سيترشح لولاية رئاسية خامسة تكون في شكل تمديد لحكمه، وهو الاحتمال الأبرز في ظل وجود حزام سياسي يدعم هذا الخيار، أو تقديمه خليفة له في انتخابات إبريل/نيسان المقبل، باحتمال أقل.

وتعدّ "المجاهد"، وهي صحيفة أُنشئت منذ ثورة التحرير (1954-1962)، واحدة من بين أربع صحف تملكها الحكومة، لكنّها تمثل الصحيفة الرسمية الأولى للرئاسة في الجزائر، وفي الغالب تعبّر افتتاحياتها عن الموقف الرسمي للدولة، بالرغم من أنّها صحيفة ضعيفة التوزيع والمبيعات، وتعتمد بشكل رئيسي على اشتراكات المؤسسات الحكومية والدوائر الرسمية.