01 نوفمبر 2024
رسائل في الماء
استهداف "جهات مجهولة" ناقلتي النفط في بحر عُمان ليس الأول من نوعه، بعد الحادثة التي سبقته بشهر، عندما ضربت انفجارات "مجهولة أيضاً" ثلاث سفن قبالة ميناء الفجيرة في المنطقة نفسها تقريبا. وكذلك فإن آخر استهدافٍ لن يبقى الأخير، ما دام مستوى التوتر في منطقة الخليج العربي مرتفعاً إلى هذا الحد بفعل المواجهة، الصريحة حيناً والمكتومة حيناً آخر، بين الولايات المتحدة وإيران، وبدفع من دولٍ في المنطقة يبدو أنها تفضّل أن تكون المواجهة مباشرة وعملية أكثر، حتى لو أدى ذلك إلى تدحرج كرة النار إلى خارج منطقة الخليج، وهو المرجّح بفعل امتلاك إيران أذرعاً ضاربة في أكثر من مكان في الشرق الأوسط.
قد لا تكون الجهات الفاعلة مجهولة بالمطلق، وخصوصاً إذا ما وضعت الأمور في سياق سياسي معين، مع دراسة حوادث سابقة، كان الفاعلون فيها معلومين. إيران بالتأكيد هي المتهم الأول بالاستهداف الأخير، وكذلك الذي سبق، وخصوصاً أن الضغط المتصاعد على طهران، اقتصادياً بالدرجة الأولى، يحتّم على إيران محاولة تنفيسٍ في مكان ما، وإرسال رسائل إلى الأطراف الإقليمية والدولية بأنها قادرة على قلب الطاولة في أي لحظة، وأنها لا تزال تمتلك أوراقاً لم تلعبها بشكل كامل. بناءً على هذا الاتهام، أو التحليل، يمكن القول إن إيران اختارت مياه الخليج وسيلةً لإيصال الرسائل التي تريدها، وذلك أيضاً له اعتبارات عسكرية واستراتيجية، إذ تدرك طهران أن الاستفزازات في منطقة الخليج لن تقود إلى حربٍ واسعة ليست جاهزة لها، على الأقل على المستوى الاقتصادي، وأن الهجمات ستؤدي الغرض المطلوب منها، وتوصل الرسالة التي يُراد لها أن تصل.
لا تحتاج قراءة الرسالة الإيرانية إلى جهدٍ كثير، وملخصها هو أنّ أمن الخليج ومسار تصدير النفط إلى العالم لن يكون في مأمنٍ، ما دامت طهران تحت هذا الكم من الضغوط السياسية والاقتصادية، وأن إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل لا يحتاج إلا إلى قرار، قد لا يكون موجوداً حالياً، لكنه سيتبلور مع الوقت، في حال وجدت إيران نفسها في وضعية "شمشون والمعبد". وبالتأكيد، فإن أي قرار مثل هذا لن يكون في يد المستوى السياسي الإيراني، فالرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف سيكونان آخر من يعلم. حتى أنه يمكن تصديق المسؤولين السياسيين الإيرانيين الذين خرجوا لإدانة الاستهداف، والتحذير من التلاعب بأمن الخليج، ففي حال كانت إيران منفذة الهجوم الأخير على الناقلتين، فإن قراره سيكون بيد الحرس الثوري الذي لا سلطة للحكومة الإيرانية عليه، إذ إنه يتبع مباشرة للمرشد علي خامنئي. ولعل الأخير تقصّد الرد بشكل مباشر على رسالة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي حملها معه رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، إلى طهران. رد يؤلم ترامب بشكل مباشر، وهو الساعي، منذ وصوله إلى الرئاسة الأميركية، إلى تخفيض أسعار النفط، وخصوصاً بعد ارتفاع الأسعار في الأيام الماضية متأثرة بمخاطر الملاحة في الخليج، وارتفاع تكاليف التأمينات على ناقلات النفط.
هذا السياق التحليلي لاحتمال أن يكون الهجوم في بحر عُمان رسالةً إيرانية إلى الغرب، تدعمه المواقف الدولية التي تبعت ذلك، وفي مقدمتها الصادرة عن ترامب نفسه، والذي أعاد الحديث عن الحوار مع إيران، مرجّحاً رسائل أخرى على غرار "إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل، وإن ليس لوقت طويل"، في وقت كانت دولٌ غربيةٌ أخرى تشير إلى ضرورة ضبط النفس، وتجنب التصعيد في منطقة الخليج، وغيرها من التصريحات التي تحمل طابعاً تهدوياً.
ولكن ذلك لا يمنع أن تبادل الرسائل سيستمر، وأن رداً قد يكون يتحضر على "الرسالة الإيرانية"، من دون التدحرج إلى حرب، وصندوق البريد سيكون دائماً المنطقة العربية.
قد لا تكون الجهات الفاعلة مجهولة بالمطلق، وخصوصاً إذا ما وضعت الأمور في سياق سياسي معين، مع دراسة حوادث سابقة، كان الفاعلون فيها معلومين. إيران بالتأكيد هي المتهم الأول بالاستهداف الأخير، وكذلك الذي سبق، وخصوصاً أن الضغط المتصاعد على طهران، اقتصادياً بالدرجة الأولى، يحتّم على إيران محاولة تنفيسٍ في مكان ما، وإرسال رسائل إلى الأطراف الإقليمية والدولية بأنها قادرة على قلب الطاولة في أي لحظة، وأنها لا تزال تمتلك أوراقاً لم تلعبها بشكل كامل. بناءً على هذا الاتهام، أو التحليل، يمكن القول إن إيران اختارت مياه الخليج وسيلةً لإيصال الرسائل التي تريدها، وذلك أيضاً له اعتبارات عسكرية واستراتيجية، إذ تدرك طهران أن الاستفزازات في منطقة الخليج لن تقود إلى حربٍ واسعة ليست جاهزة لها، على الأقل على المستوى الاقتصادي، وأن الهجمات ستؤدي الغرض المطلوب منها، وتوصل الرسالة التي يُراد لها أن تصل.
لا تحتاج قراءة الرسالة الإيرانية إلى جهدٍ كثير، وملخصها هو أنّ أمن الخليج ومسار تصدير النفط إلى العالم لن يكون في مأمنٍ، ما دامت طهران تحت هذا الكم من الضغوط السياسية والاقتصادية، وأن إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل لا يحتاج إلا إلى قرار، قد لا يكون موجوداً حالياً، لكنه سيتبلور مع الوقت، في حال وجدت إيران نفسها في وضعية "شمشون والمعبد". وبالتأكيد، فإن أي قرار مثل هذا لن يكون في يد المستوى السياسي الإيراني، فالرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف سيكونان آخر من يعلم. حتى أنه يمكن تصديق المسؤولين السياسيين الإيرانيين الذين خرجوا لإدانة الاستهداف، والتحذير من التلاعب بأمن الخليج، ففي حال كانت إيران منفذة الهجوم الأخير على الناقلتين، فإن قراره سيكون بيد الحرس الثوري الذي لا سلطة للحكومة الإيرانية عليه، إذ إنه يتبع مباشرة للمرشد علي خامنئي. ولعل الأخير تقصّد الرد بشكل مباشر على رسالة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي حملها معه رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، إلى طهران. رد يؤلم ترامب بشكل مباشر، وهو الساعي، منذ وصوله إلى الرئاسة الأميركية، إلى تخفيض أسعار النفط، وخصوصاً بعد ارتفاع الأسعار في الأيام الماضية متأثرة بمخاطر الملاحة في الخليج، وارتفاع تكاليف التأمينات على ناقلات النفط.
هذا السياق التحليلي لاحتمال أن يكون الهجوم في بحر عُمان رسالةً إيرانية إلى الغرب، تدعمه المواقف الدولية التي تبعت ذلك، وفي مقدمتها الصادرة عن ترامب نفسه، والذي أعاد الحديث عن الحوار مع إيران، مرجّحاً رسائل أخرى على غرار "إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل، وإن ليس لوقت طويل"، في وقت كانت دولٌ غربيةٌ أخرى تشير إلى ضرورة ضبط النفس، وتجنب التصعيد في منطقة الخليج، وغيرها من التصريحات التي تحمل طابعاً تهدوياً.
ولكن ذلك لا يمنع أن تبادل الرسائل سيستمر، وأن رداً قد يكون يتحضر على "الرسالة الإيرانية"، من دون التدحرج إلى حرب، وصندوق البريد سيكون دائماً المنطقة العربية.