اقرأ أيضاً: سورية الأفغانية
ومنذ بدء التصعيد العسكري الروسي ضدّ قوات المعارضة، عبر دعم النظام وإنشاء قاعدتين جوية وبحرية، أعلنت المعارضة أنها لن تكون لقمة سائغة في وجه هذا التدخل، وعبرت عن نموذج تنفيذ هذا التهديد عبر معركة قرب دمشق سيطرت من خلالها على عشرات المواقع، بينها الأوتوستراد الدولي وقيادة الأركان الاحتياطية، وفي معركة استباقية بدأتها في ريف اللاذقية عبر الهجوم على مواقع تحمي قمة النبي يونس، أعلى قمة في جبال اللاذقية والهدف الأبرز للنظام السوري.
ثم جاء استهداف "جيش الإسلام"، الجمعة، طائرة شحن روسية داخل مطار حميميم في ريف جبلة محملة بدبابات روسية بصواريخ غراد عيار 40 بعيدة المدى، بناء على معلومات وصلت لجهاز الاستخبارات العسكري في "جيش الإسلام"، وتأكيد الفصيل المعارض على تحقيق خسائر كبيرة في العتاد والعدة، لتكون بمثابة أول تهديد مباشر على أن تواجد روسيا في سورية لن يكون بهذه السهولة، وتوجيه رسالة مبكرة للروس للتفكير ملياً قبل عملية الشروع في تدخل عسكري خارج إطار القانون الدولي.
اقرأ أيضاً: جيش الإسلام يعلن عن فتح طريق دمشق- حمص الدولي
اللافت في الأمر، أنّ قوات المعارضة تملك ورقة مفتوحة لاستهداف الروس في سورية، سواء كانوا مدنيين أم عسكريين، وهو ما يؤكده رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، هيثم المالح، لـ"العربي الجديد"، بالقول إن استهداف الروس في سورية، سواء كانوا مدنيين أم عسكريين، هو هدف مشروع للثورة، بناء على معاهدة جنيف، مبيّناً أن "الروس والإيرانيين جاؤوا من بلادهم إلى سورية من غير قرار دولي، ولذلك هم غزاة، ووجودهم غير شرعي، وبالتالي فالأفراد منهم مدنيون وعسكريون هدف مشروع للثوار، وقتلهم في إطار الدفاع عن النفس يعتبر عملاً مشروعاً؛ ففي معاهدة جنيف: الذي يأتي مع المحتل يعتبر هدفاً مشروعا ولو كان مدنياً".
ويوضح المسؤول القانوني في الائتلاف أن "ما يجري في سورية عبارة عن ثورة شعب ضد النظام، وبالتالي هذا موضوع داخلي لا يجوز لأي دولة أخرى أن تتدخل إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي، ووجود روسيا وإيران في سورية عبارة عن عملية غزو، والنظام لا يملك استدعاء أي دولة للدخول إلى سورية من أجل محاربة الشعب. والنظام الذي يطلق النار على شعبه هو نظام غير شرعي".
تدخل لحماية إيران
وحول دلالات التدخل الروسي في سورية، أكد المالح أن "تدخل روسيا هو لمساندة إيران، وليس لمساندة النظام؛ فالنظام لم يعد له سيطرة على الأرض، فهو لا يسيطر سوى على 18 في المائة من مساحة سورية. وخلال الزيارة التي قام بها، الشهر الماضي، أبلغ قائد فيلق القدس قاسم سليماني القيادة الروسية بناء على طلب من القيادة الإيرانية أن إيران لن تتخلى عن دمشق وضواحيها"، مضيفاً أن "إيران بوضعها الحالي، ورغم أنها رمت بكل ثقلها، تتراجع مع النظام وحزب الله على الأرض؛ لذا جاء تدخل الروس للحفاظ مبدئياً على منطقة نفوذ الساحل، أو ما يسمى منطقة العلويين، وإفساح المجال أمام إيران للمزيد من الضغط في دمشق وضواحيها".
وقال المالح حول الاستفادة التي قد تحصل عليها روسيا إذا تدخلت لمصلحة إيران، إن "هناك تقاسم نفوذ بين إيران وروسيا، فالأخيرة مدركة أن بشار الأسد لن يستمر في سورية، وهي تريد أن تحافظ على موطئ قدم في الساحل السوري، من أجل حماية قواعدها في الساحل، واستمرارها في مياه البحر المتوسط، فهي تهتم بمصالحها وتريد أن تعود إلى الساحة الدولية كلاعب سياسي، ومصلحتها في البقاء في سورية كونها الإطلالة الوحيدة على البحر المتوسط".
وذكر عضو الائتلاف أن "تواجد روسيا في سورية ليس جديداً، فهناك 35 ألف خبير صواريخ، و100 ألف روسي مع عائلاتهم، والآن زاد هذا التدخل في الساحل".
من خلال التحرك الروسي الأخير، من المحتمل أن تستخدم روسيا ورقة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بهدف تبرير تدخلها العسكري، ولكن يتطلب ذلك موافقة الولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل، وهو ما عكفت روسيا على تنفيذه من خلال طمأنة الولايات المتحدة إلى أن هذا التحرك هو دفاعي، وأنها مستعدة للكشف عنه. يأتي ذلك بالتزامن مع ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الخميس، نقلاً عن موظفين رفيعي المستوى، أن واحداً من الأهداف الرئيسية التي يسعى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى تحقيقها خلال لقائه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتمثل في الوصول إلى تفاهمات تضمن تفادي أي اشتباك بين القوات الروسية العاملة في سورية، وبين سلاح الجو الإسرائيلي.
وقال المالح في هذا السياق، إن "التحرك الروسي نحو سورية سوف يتم من باب محاربة الإرهاب، فالولايات المتحدة أعطت ذريعة لروسيا وإيران بأن محاربة داعش هو أمر مشروع، وروسيا لديها مشروع لمحاربة (داعش) مع الأسد وإيران مع دول أخرى تنضم إليهم، والتدخل سيكون بناء على طلب من النظام، خصوصاً أن وزير الخارجية، وليد المعلم، قد أشار قبل يومين إلى أنّ دمشق ستطلب من موسكو التدخل إذا اقتضت الضرورة".