رسائل سريّة

09 يوليو 2016
لا يوم عالمياً للسكان بل مجرّد رسالة (ميناس هايلو/الأناضول)
+ الخط -

في 11 يوليو/تموز الماضي، ولمناسبة اليوم العالمي للسكان، كان للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، رسالة تضاف إلى مجموعة رسائله، والتي لن يذكرها التاريخ على الأرجح. قبل عام، قال إنه "مع فرار نحو 60 مليون شخص جراء النزاعات أو الكوارث، تتعرض النساء والمراهقات بشكل خاص للأذى. ويرتكب المتطرفون، الذين يمارسون العنف، والجماعات المسلحة، انتهاكات فظيعة تفضي إلى صدمات نفسية، والحمل غير المرغوب فيه، والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وغيره من الأمراض".

هذا العام، ربّما تتضمّن رسالته أرقاماً جديدة. قد يحكي عن مأساة المهاجرين غير الشرعيين، واستمرار النزاعات، وضياع مستقبل جيل بكامله. ربّما يطالب الدول بتحمّل مسؤولياتها حيال سكان هذا الكوكب. هي مجرّد رسائل عاطفيّة لا تجمع بين الحبيب ومحبوبته. وشعوب الأرض أو سكانها يتّكلون على الكلمات والآمال والوعود.

بان، بصفته، يبدو حريصاً على جميع الناس. يكتب إليهم رسالة تلو الأخرى. وفي هذا تصغير للمأساة، حتى ليبدو أن الستين مليوناً (الرقم المذكور أعلاه) يعانون بعدما فرغت الجرار من غاز الطهو.

المأساة تختصر الأرقام. يصبح الحديث عن كيفية تعاطي كلّ شخص معها مجرّد تفصيل لا قيمة له. ويعكس الاسم الذي يحمله اليوم العالمي هذا الأمر. سكان وليس ساكناً.

الأمم المتّحدة تؤمن بحق السكان في حياةٍ كريمة. رؤساء الدول يردّدون الأمر نفسه. هذه مجرّد رسائل، تشبه تلك التي كانت تلصقها المنظّمات السريّة على الجدران في الشوارع ليلاً.

الوقت يزيل كلمات الرسائل. وإن كتب بان وغيره رسائل جديدة، إلاّ أنها لا تحمل وعوداً جديدة أو مختلفة. هي وعود قديمة تذوب كلماتها قبل أن تُكتب. لم يعد من قيمة لها إلا في وسائل الإعلام.

كتب على موقع الأمم المتحدة الإلكتروني أن عالماً عدد سكانه سبعة مليارات هو عالم يمثّل تحدياً، وفي الوقت نفسه، فرصة. هذا الرقم له آثاره على الاستدامة والتحضّر وإمكانية الحصول على الخدمات الصحية وتمكين الأطفال. وطالبت الجمعية العامة صندوق السكان بتنظيم نشاطات تهدف إلى إذكاء الوعي بقضايا السكان، بما فيها العلاقة القائمة بينها وبين قضايا البيئة والتنمية.

ربّما تركّز الأمم المتّحدة على الاستدامة والبيئة، إلّا أن عدداً كبيراً من السكّان يبحثون عن حياة أو رسالة حقيقية. لا يحتاجون إلى إحصائيّات. يعرفون أرقامهم. وقبل كلّ شيء، يعرفون أنفسهم. هم بشر، ثم سكّان لهم حقوق. اليوم، تؤذيهم الرسائل. ولا يمكن القول لصاحبها غير المثل الشعبي: "بلّها واشرب ميّتها". لا يوم عالمياً للسكان بل مجرّد رسالة.


المساهمون