رسائل حماس "الثلاثية"

12 نوفمبر 2014

أثار القصف الإسرائيلي على الأحياء السكنية في غزة (11أكتوبر/2014/أ.ف.ب)

+ الخط -

"ثلاث جهات مسؤولة عن تعطيل إعمار غزة.. الاحتلال والرئيس، عباس، ووكالة الأونروا، وعليهم جميعاً أن يتحملوا مسؤولية هذا التعطيل". هذا ما كتبه، حرفيّاً، الناطق باسم حركة حماس، فوزي برهوم، على صفحته في "فيسبوك"، مساء الخميس، السادس من نوفمبر/تشرين ثاني الجاري. والمتتبع للأحداث، أخيراً، يجد أن حركة حماس فعلاً، حاولت إيصال رسائل قوية للجهات الثلاث، إسرائيل والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووكالة أونروا، تمثلت في التالي:

إسرائيل، تم إطلاق صاروخ من قطاع غزة، على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية له، مساء الجمعة (01-11) وعلى الرغم من أن حركة حماس الحاكمة للقطاع لم تتبنَ المسؤولية عن إطلاقه، لكن، يُعتقد أنها من يقف وراءه، وربما قد تكون غضت الطرف عمّن أطلقه، بغرض تحذير الحكومة الإسرائيلية، وإيصال رسالة قوية لها، بأنها في حال استمرت في فرض الحصار، وتعطيل إعادة الإعمار، لن تحظي بالأمن. ويبدو أن الرسالة وصلت إلى الحكومة الإسرائيلية التي أسرعت إلى إغلاق معبريها مع غزة، كرم أبو سالم التجاري، وبيت حانون "إيرز"، للأفراد مدة يومين.

الرئيس عباس، لوحظ، في الفترة الأخيرة، أن حركة حماس شنت هجوماً غير مسبوق، على الأقل منذ فترة طويلة، على محمود عباس، حيث هاجمه قادة بارزون فيها، منهم عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، بشدة في تصريحات عدة، حملته المسؤولية عن معاناة قطاع غزة، لعدم إعطائه الأوامر لحكومة التوافق ببدء عملها في غزة، وتسلّم المعابر التجارية، ودفع رواتب الموظفين، وصرف الموازنات التشغيلية للمرافق الحكومية في القطاع. وتبع هذا الهجوم، إعلان وزارة الداخلية في غزة، (تديرها حماس) الأحد (09/11) أنها لن توفر الأمن لمهرجان ذكرى الرئيس الراحل، ياسر عرفات، في غزة، والذي كان مقرراً، أمس الثلاثاء، مما دفع حركة فتح إلى إلغائه.

وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين "أونروا": شنت حركة حماس، أخيراً، هجوماً شرساً ضد آلية الوكالة، لإدخال مواد البناء للقطاع، وبدأ، أولاً، بتصريحات أطلقها قادة بارزون في الحركة، منهم، عضو المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق، الذي قال إن حركته لم توافق على "الآلية المذكورة". كما نظمت الحركة، ظهر الأربعاء، (05/11) مسيرة كبيرة أمام المقر الرئيس للأمم المتحدة، وألقى القيادي فيها، صلاح البردويل، كلمة، هاجم الوكالة فيها بشدة.

وتنص آلية الأمم المتحدة لإدخال مواد البناء للقطاع على نشر مراقبين، وكاميرات مراقبة داخل متاجر بيعها، وتقديم المتضررين المهدمة منازلهم طلبات للحصول على مواد البناء، وهو ما انتقدته بشدة شبكة المنظمات الأهلية والحقوقية، معتبرة أن الآلية ستطيل أمد إعادة الإعمار إلى 20 عاماً.

ويبدو أن الرسالة وصلت إلى "أونروا"، فقد سارع روبرت تيرنر، مدير عملياتها، روبرت تيرنر، لعقد لقاء صحافي مع ممثلي وكالات الأنباء الثلاثاء (04/11)، للدفاع عن "الآلية"، ولشرح خطوات تنوي الوكالة تنفيذها لإغاثة المتضررين.

ووصلت رسائل حركة حماس "الثلاثية" السابقة إلى الجهات المعنية، ونعتقد أنها قد تنجح في "حلحلة" الأمور، لكن، بشكل محدود، فقد تقبل وكالة "أونروا" بتعديل آلية إدخال مواد البناء وتوزيعها، وربما لن تمانع إسرائيل في زيادة كميات مواد البناء المدخلة إلى غزة، وقد يصدر الرئيس، عباس، قرارات عدة تساهم في تخفيف معاناة سكان القطاع. لكن، لن تكون النتائج سوى عملية "تنفيس" محدودة، لم تستمر طويلاً، وستعود الأمور إلى سابق عهدها.

أصبح "اللعب" في غزة "على المكشوف"، فلن تكون هناك إعادة إعمار حقيقية، سوى بتسليم حركة حماس الحكم كاملاً (بمعنى الكلمة)، وتتنازل عن "سلاحها". وحتى يتحقق هذا المطلب، "شبه المستحيل"، ستظل غزة تحوم في منطقة رمادية، بين الحياة والموت، وستتواصل معاناة سكانها المستمرة منذ سبع سنوات، وعلى مشرديها جمع أكبر كمية ممكنة من الحطب، لأن شتاءً بارداً وقاسيّاً ينتظرهم.

EE1D3290-7345-4F9B-AA93-6D99CB8315DD
ياسر البنا

كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة