في مقابلة أجراها رشيد طه الذي رحل عنا فجر اليوم، مع مجلة "لو باريزيان" سنة 2006، يقول بطريقة تبدو ساخرة: "في بيتنا الفرنسي وأثناء طفولتي، كنا كلما اشترينا تلفزيوناً أو كنبات جديدة، نترك غلافها عندنا ولا نرميه، لأننا سنعود إلى الجزائر قريباً، وسنحمل معنا كل أغراضنا". عاش رشيد طه الذي ولد في وهران الجزائرية، وهاجر مع عائلته إلى فرنسا وهو في العاشرة من عمره، حياته على "المؤقت" وعلى "خطط العودة إلى الجزائر". 49 عاماً مرّت على وصوله إلى فرنسا، وبقي رشيد طه هناك. أصبح مغنياً شهيراً، وبقيت حياته تتراوح بين "المؤقت" وبين "العودة".
ولد رشيد طه عام 1958 في مدينة وهران الجزائرية، في العاشرة من عمره رحل مع الراحلين إلى فرنسا برفقة والديه. ومنذ وصوله إلى فرنسا علم أن رحلته لن تكون سهلة: "خارج البيت، كانت فرنسا، داخل البيت، كانت الجزائر".
لم يكن رشيد طه يوماً مغنياً سياسياً، هكذا يبدو. لكن كيف يهرب من السياسة، وهو جزائري كبر واحترف الفنّ، بينما كانت يومياته العادية، عبارة عن معارك إثبات للنفس؟ عندما أسس فرقة "كارت دي سيغور" في ثمانينيات القرن الماضي، مع مختار ومحمد أميني وجيروم سافي كان واضحاً أن الفرقة انعكاسٌ للـ"مؤقت" الذي كان يعيشه طه، ومعه عشرات آلاف الجزائريين في فرنسا. عام 1983، هوية الفرقة باتت أكثر وضوحاً، بعد مشاركتها في مسيرة رفض العنصرية في فرنسا، التي شارك فيها آلاف العرب في البلاد، بعد سلسلة أحداث عنصرية أدت إلى مقتل عدد من الشبان المغاربيين أو تعرضّهم لاعتداءات جسدية في فرنسا. تدريجياً بدت معارك الاندماج أكثر واقعية ووضوحاً.
استعادت الفرقة أغنية Douce France) 1986) التي غناها شارل ترينيه أساساً عام 1943 وأهداها لأسرى الحرب الفرنسيين لدى ألمانيا النازية. الرسالة السياسية في استعادة الأغنية في تلك الفترة كانت واضحة، وسرعان ما بات تعامل رشيد طه مع الموسيقى أقرب إلى فعل مقاومة يوميّ. في عام 1993 كانت أغنيته "فوالا فوالا"، التي تزامنت مع تقدّم اليمين الفرنسي المتطرف. تقول كلمات الأغنية: "الدرس لم يكن كافياً/ يجب القول إن الذاكرة اختارت النسيان/ لنطرد الأجانب/ هذا هو علاج الرجال المتحضرين/ لننتبه إنهم يتكاثرون/ بينما أنت تنظر إلى مكان آخر".
ومع ألبومه الأشهر "ديوان" (1998) واستعادته لأغنية "يا رايح" الشعبية للمغني دحمان الحراشي، كان رشيد طه، تماماً كما فعل الدحماني، يتوجّه إلى كل هؤلاء الجزائريين الذين غادروا بلادهم، ويعود مجدداً إلى المؤقت، إلى المسافة الفاصلة بين البلاد وبين فرنسا، بين الانتماء وبين الاندماج.
بعدها بثماني سنوات، أصدر طه "ديوان 2" (2006) الألبوم المهدى إلى ابنه إلياس؛ "كي يعرف من هو، لا أريده أن يجلس بين كرسيين، أريده أن يجلس مرتاحاً على كنبة واسعة، وأن يعرف من أين أتى". لم يبتعد رشيد طه أيضاً عن العلاقة الملتبسة بين فرنسيته وجزائريته. في أغنية "اسمعني يا رفيق"، تبدو الأغنية كمن يتحدّث عن عاشق واقع في غرام فتاة لا يحبها. الفتاة ليست سوى فرنسا، أو هكذا نفهم. فرنسا التي تحتضن ساعة الجزائريين أو المهاجرين ثم ما تلبث أن تخرج كل غضبها وتصبّه عليهم.
عاش رشيد طه حياته جزائرياً وفرنسياً، رغم أنه لم يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية: "عندما كنت أرى هؤلاء الذين حصلوا على جنسية وبقوا مواطنين من الدرجة الثانية أتأكد أنني لا أريد ذلك".
ولد رشيد طه عام 1958 في مدينة وهران الجزائرية، في العاشرة من عمره رحل مع الراحلين إلى فرنسا برفقة والديه. ومنذ وصوله إلى فرنسا علم أن رحلته لن تكون سهلة: "خارج البيت، كانت فرنسا، داخل البيت، كانت الجزائر".
لم يكن رشيد طه يوماً مغنياً سياسياً، هكذا يبدو. لكن كيف يهرب من السياسة، وهو جزائري كبر واحترف الفنّ، بينما كانت يومياته العادية، عبارة عن معارك إثبات للنفس؟ عندما أسس فرقة "كارت دي سيغور" في ثمانينيات القرن الماضي، مع مختار ومحمد أميني وجيروم سافي كان واضحاً أن الفرقة انعكاسٌ للـ"مؤقت" الذي كان يعيشه طه، ومعه عشرات آلاف الجزائريين في فرنسا. عام 1983، هوية الفرقة باتت أكثر وضوحاً، بعد مشاركتها في مسيرة رفض العنصرية في فرنسا، التي شارك فيها آلاف العرب في البلاد، بعد سلسلة أحداث عنصرية أدت إلى مقتل عدد من الشبان المغاربيين أو تعرضّهم لاعتداءات جسدية في فرنسا. تدريجياً بدت معارك الاندماج أكثر واقعية ووضوحاً.
استعادت الفرقة أغنية Douce France) 1986) التي غناها شارل ترينيه أساساً عام 1943 وأهداها لأسرى الحرب الفرنسيين لدى ألمانيا النازية. الرسالة السياسية في استعادة الأغنية في تلك الفترة كانت واضحة، وسرعان ما بات تعامل رشيد طه مع الموسيقى أقرب إلى فعل مقاومة يوميّ. في عام 1993 كانت أغنيته "فوالا فوالا"، التي تزامنت مع تقدّم اليمين الفرنسي المتطرف. تقول كلمات الأغنية: "الدرس لم يكن كافياً/ يجب القول إن الذاكرة اختارت النسيان/ لنطرد الأجانب/ هذا هو علاج الرجال المتحضرين/ لننتبه إنهم يتكاثرون/ بينما أنت تنظر إلى مكان آخر".
ومع ألبومه الأشهر "ديوان" (1998) واستعادته لأغنية "يا رايح" الشعبية للمغني دحمان الحراشي، كان رشيد طه، تماماً كما فعل الدحماني، يتوجّه إلى كل هؤلاء الجزائريين الذين غادروا بلادهم، ويعود مجدداً إلى المؤقت، إلى المسافة الفاصلة بين البلاد وبين فرنسا، بين الانتماء وبين الاندماج.
بعدها بثماني سنوات، أصدر طه "ديوان 2" (2006) الألبوم المهدى إلى ابنه إلياس؛ "كي يعرف من هو، لا أريده أن يجلس بين كرسيين، أريده أن يجلس مرتاحاً على كنبة واسعة، وأن يعرف من أين أتى". لم يبتعد رشيد طه أيضاً عن العلاقة الملتبسة بين فرنسيته وجزائريته. في أغنية "اسمعني يا رفيق"، تبدو الأغنية كمن يتحدّث عن عاشق واقع في غرام فتاة لا يحبها. الفتاة ليست سوى فرنسا، أو هكذا نفهم. فرنسا التي تحتضن ساعة الجزائريين أو المهاجرين ثم ما تلبث أن تخرج كل غضبها وتصبّه عليهم.
عاش رشيد طه حياته جزائرياً وفرنسياً، رغم أنه لم يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية: "عندما كنت أرى هؤلاء الذين حصلوا على جنسية وبقوا مواطنين من الدرجة الثانية أتأكد أنني لا أريد ذلك".