رحيل القس بايسلي... رجل ايرلندا وصانع سلامها

14 سبتمبر 2014
الرجل الأقوى والأكثر نفوذاً في ايرلندا الشمالية (فرانس برس)
+ الخط -
غيّب الموت، يوم الجمعة، القس والزعيم السابق للحزب الديمقراطي الوحدوي في ايرلندا الشمالية، إيان بايسلي، عن عمر ناهز 88 عاماً. اضطلع بايسلي بدور رئيسي في عملية السلام في ايرلندا الشمالية، بعد نحو ثلاثة عقود من الاضطرابات الدموية التي شهدها الإقليم والاتحاد البريطاني عموماً.

تسلم بايسلي منصب رئيس وزراء الإقليم في مايو/أيار2007، مع أنه كان من أشد المؤيدين لحل الحكومة على مدى ثلاثة عقود. وجاءت حكومته بمشاركة عدوه اللدود، زعيم الجيش الجمهوري السابق، مارتن ماكغينيس، الذي أصبح نائبه في تلك الحكومة.

ولكنه أعلن استقالته من رئاسة الوزراء وزعامة الحزب في مارس/آذار 2008، ليخلفه بيتر روبنسون في زعامتهما، وليصبح بايسلي بعد ذلك عضواً لمدى الحياة في مجلس الأعيان البريطاني، وذلك خلال رئاسة غوردن براون للحكومة البريطانية السابقة.

ويتهم الايرلنديون المعتدلون بايسلي بإثارة الاضطرابات الدموية التي راح ضحيتها نحو أربعة آلاف شخص في ايرلندا، بسبب نزاعات طائفية بين الجيش الجمهوري الايرلندي والقوميين الايرلنديين وغيرها من الجماعات.

ومع انطلاق شرارة الاضطرابات في 1969، شارك بايسلي في المسيرات التي جابت شوارع ايرلندا، والتي نظمتها ميليشيات مسلحة تطالب بإسقاط الحكومة، بحسب هؤلاء. ولكن بايسلي، نأى بنفسه عن هذه الميليشيات، بعد ارتكابها عمليات إرهابية، نافياً سيطرته عليها.

ولكونه رجل دين خاض غمار السياسة بثقل كبير، يشبهه البعض بزعيم الثورة الإسلامية في إيران، الراحل روح الله الخميني. وجاء هذا التشبيه كذلك بسبب تزعم كنيسته البروتستانية حملة فاشلة ضد تشريع الحكومة البريطانية لقانون يمنح حقوقاً للمثليين في ايرلندا، مما أثار ردود أفعال غاضبة من نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان، فرفعوا ملصقات في شوارع بلفاست تتضمن تشبيهاً له بملالي طهران.

من ناحية أخرى، عرف عن بايسلي بأنه كان يمد يد العون للذين يزورون مكاتبه طلباً للمساعدة، وكان يساعد حتى الذين ينتمون إلى الطائفة الكاثوليكية. ويذكر رفاقه أنه كان يثابر على إقامة الصلوات في داخل قاعات البرلمان، في حال سماعه بمرض أحد معارفه.

ويفسر البعض جنوح بايسلي للسلم وتشكيله الحكومة الائتلافية مع حزب الـ"شين فين" (الجناح السياسي للجيش الجمهوري الايرلندي) بأنها كانت محاولة للتكفير عن إصراره على رفض تشكيل حكومة في ايرلندا لسنوات طويلة.

ولد بايسلي في عام 1926 في بلايميندا في ايرلندا، وبدأ حياته كواعظ في سن 16 عاماً، وأسس كنيسته البروتستانية الخاصة في عمر 25 عاماً. دخل المعترك السياسي في عام 1963، من خلال تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي.

وفي رثائه، قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، عند سماع خبر وفاته: "كان من الشخصيات القوية صاحبة الوزن السياسي الكبير على مدى نصف قرن". وأضاف أن "قرار انضمامه إلى شين فين لتشكيل الحكومة في عام 2007، كان شجاعاً، ولهذا نحن نشعر بالامتنان له. سيتذكر العالم إيان بايسلي بأنه رجل السياسية في ايرلندا الشمالية.... سنفتقده كثيراً". من جانبه، قال عنه خليفته رئيس وزراء ايرلندا الحالي، بيتر روبنسون "لا أعتقد هناك شخصية تملك نفوذاً ووزناً أكثر منه في ايرلندا الشمالية على مدى السنوات الماضية".

وبعد رحيل بايسلي، المكنى بـ"الرجل الضخم"، سيتذكره العالم بأنه كان شخصية متناقضة، محبوبة ومكروهة، محترمة ومخيفة في آن. لكن في النهاية، كان الرجل الذي صنع السلام في ايرلندا الشمالية.

المساهمون