رحل الرئيس.. وتستمر الدولة

29 يوليو 2019
+ الخط -
رحل الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، في الذكرى 62 لعيد الجمهورية. رحل رئيس جمهورية منتخب من الشعب، رحل في بلده وبين شعبه وفي المستشفى العسكري.
اختلفنا مع السبسي، واجهناه، انتقدناه، سخرنا منه حتى، لكن كله في سبيل الحفاظ على مكتسبات الثورة... كان رجل المرحلة بامتياز، على الرغم من شطحاته وتقلبات مواقفه وتصريحاته. يكفي أنه حمى تونس من حمام دم، أو تكرار المشهد الانقلابي في مصر، عبر ما سمّي الحوار الوطني والتوافق مع حركة النهضة، ووضع أسس لاستمرار الانتقال الديمقراطي.
نقولها بكل تجرّد ومسؤولية، على الرغم من اختلافنا معه، رحم الله الأستاذ الباجي قائد السبسي، إذ يحسب له أنه صمد أمام الإملاءات والإغراءات الخارجية، من أجل وأد المسار الانتقالي. وصمد أمام رموز الثورة المضادة، ومن يدعمهم في الخارج. لقد اتسمت مرحلة حكمه بالحكمة، وأحياناً بالانحياز لابنه ولحزبه. لكن لم يستطع الخروج عن المسار القانوني للدستور والمسار الديمقراطي بسبب يقظة الشعب التونسي.
اللافت للانتباه في المشهد برمته، مات الرئيس، ولم ينزل العسكر إلى الشارع، ولم تحدث مداهمات ولا اعتقالات. وبالتالي بقيت وستظل تونس الاستثناء. ومن هنا رسالة للمتربصين بتونس وأمنها واستقرارها، أنتم شاهدتم الدرس التونسي الجديد، أنتم تابعتم البيان الدستوري رقم 1، والذي ينص وفق الفصل 84 من الدستور أن رئيس مجلس النواب، محمد الناصر، هو رئيس الجمهورية المؤقت مدة لا تقل عن 45 يوماً، وبالتالي لا عزاء لمن كان ينتظر البيان العسكري رقم 1.
نعم حدث في تونس، البلد العربي الصغير، حيث لا وجود لجنرالات على الشاشات ووسائل الإعلام، لا عنف ولا فوضى ولا حظر تجوال يعم الجو العام والمشهد برمته. وها هي الأجواء عادية وتستمر الدولة ومؤسساتها في العمل إلى جانب سلاسة انتقال السلطة سلمياً إلى رئيس مجلس النواب، يعني أنها سلمت لأيادٍ مدنية.
إذا كنا نحتفل بالذكرى 62 لإعلان الجمهورية، فإن العيد اليوم هو عيد للديمقراطية، حيث التسلسل الزمني البسيط لتداول السلطة سلمياً أعطى درساً لدعاة الفتنة والفوضى وأرباب الثورات المضادة: أن تونس عصية عليهم، تونس تمرض ولا تموت.
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
أحلام رحومة (تونس)
أحلام رحومة (تونس)