رجال أعمال تونس يقترحون إلغاء ورقة نقدية لمحاربة السوق السوداء والتهريب

28 أكتوبر 2017
تونس تمر بأزمة سيولة (فرانس برس)
+ الخط -
يضع المهتمون بالشأن الاقتصادي ورجال أعمال في تونس، الأوراق النقدية من فئة الخمسين ديناراً (20.8 دولاراً) في قفص الاتهام، مطالبين بسحبها لإجبار المهربين على كشف أموالهم المتداولة في الاقتصاد الموازي.

ودعت رئيسة اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوي، إلى سحب الورقة النقدية من فئة 50 ديناراً من السوق، مشيرة إلى أن "هذه العملية من شأنها أن تكشف العديد من المتهربين والمهربين الذين يتعاملون بهذه الورقة أساساً"، وفق تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية "وات" نهاية الأسبوع الماضي.

ويعد تغيير العملة أو سحب الأوراق النقدية الكبيرة من الحلول التي يطرحها الاقتصاديون للحد من السيولة المتداولة في السوق السوداء، مؤكدين أن هذا الإجراء سيمكن الدولة من توفير سيولة مهمة وإجبار المهربين على الدخول تدريجياً في الاقتصاد الرسمي.

وتشير بيانات لاتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال)، إلى أن المعاملات نقداً تصل إلى 11 مليار دينار سنوياً (4.5 مليارات دولار)، في الوقت الذي تعاني فيه البنوك التونسية من شح في السيولة يعادل 9 مليارات دينار.

وكان البنك المركزي قد كشف أخيراً عن المستوى الكبير للمعاملات النقدية في البلاد، داعياً إلى اتخاذ إجراءات للحد من التعامل نقداً.

وتعتمد خطة المركزي التونسي التي دعا كل الأجهزة المالية إلى الاندماج فيها، على التقليص من التعامل نقداً في الاقتصاد وتطوير أنظمة وطرق الدفع الإلكتروني.

ويعتبر الخبير المالي محمد صالح الجنادي، أن خطة المركزي لمحاصرة السيولة تحتاج إلى اندماج تام للفاعلين والتقنيين والماليين في اعتماد أنظمة وطرق الدفع.

وأضاف الجنادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع حجم المعاملات النقدية دليل على اتساع رقعة الاقتصاد الموازي التي فاقت الاقتصاد الرسمي، مشيراً إلى أن السلطات النقدية والمتعاملين الماليين يتحملون جزءاً من مسؤولية ما آل إليه الاقتصاد المحلي بسبب تأخر تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني وذات الأثر الكتابي وتواصل الاعتماد على وسائل الدفع نقداً.

ولفت إلى أن التداول النقدي ساهم في السنوات الأخيرة بشكل كبير في رفع نسب التضخم، مؤكداً أن استمرار عمل محركات الاستهلاك رغم الأزمة الاقتصادية سببه تداول السيولة النقدية المتأتية من الاقتصاد الموازي.

وقال الجنادي إن سحب الأوراق النقدية من صنف 50 ديناراً يمثل حلاً جزئياً لتقليص تداول هذه الأوراق التي يعتمدها المهربون في معاملاتهم، معتبراً أن المركزي قادر على الذهاب تدريجياً نحو تغيير العملة الحالية لامتصاص الأموال المتداولة خارج المصارف وتعزيز السيولة المصرفية بالرغم من الكلفة المالية الضخمة لطباعة أوراق نقدية جديدة.

وفي يوليو/ تموز الماضي، كشف وزير المالية المستقيل فاضل عبد الكافي، أن السيولة النقدية في البلاد نزلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية بما لم يعد يسمح حتى بتوفير نفقات التسيير.
وقال المتحدث الإعلامي باسم البنك المركزي زياد الموحلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن ثلاث لجان فنية تعمل على تحسين النظام الاقتصادي والنهوض بوسائل الدفع الإلكتروني، وتعزيز القوانين والتشريعات لمقاومة الاقتصاد الموازي.

وبسبب صعوباتها المالية، تعتمد تونس هذا العام للسنة السادسة على التوالي، قانون مالية تكميلياً نتيجة اختلال التوازنات المالية وعدم قدرة الدولة على توفير النفقات الكافية، حيث اعتمدت وزارة المالية في تقديرها لميزانية 2017 معدل سعر النفط لكامل السنة بخمسين دولاراً للبرميل، ومعدل صرف للدولار الأميركي بـ 2.250 دينار تونسي واليورو بـ2.520 دينار، دون الأخذ بعين الاعتبار الانزلاق السريع للعملة المحلية التي سلكت منذ مارس/ آذار الماضي منحى تنازلياً لتستقر حالياً في حدود 2.906 دينار مقابل اليورو، و2.470 دينار مقابل الدولار، وهو ما فرض مراجعة كل التوقعات التي بنيت عليها ميزانية السنة الحالية.

ويعتقد مختصون أن طباعة أوراق نقدية جديدة ستدفع تجار السوق السوداء ممن يحوزون مبالغ ضخمة من العملة نقداً إلى التقدم بها للمصارف بهدف استبدالها بالعملة الجديدة، مؤكدين أن هذا الحل يساعد بشكل كبير على إدماج جزء من عائدات الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية المنظمة.

المساهمون