رئيس الوزراء السوداني يزور أكبر معاقل المتمردين

09 يناير 2020
حمدوك: الحكومة الانتقالية تسعى لتحقيق سلام شامل (فرانس برس)
+ الخط -
في حدثٍ نادرٍ، وصل رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، اليوم الخميس، إلى مدينة كاودا، أكبر معاقل المتمردين في البلاد، والتي ظلت تحت سيطرتهم لأكثر من 8 سنوات.

وكان في استقبال حمدوك رئيس "الحركة الشعبية - قطاع الشمال"، عبد العزيز آدم الحلو.

ونقلت وكالة السودان للأنباء عن وزير الإعلام فيصل محمد صالح، الذي يرافق رئيس الوزراء في الزيارة، قوله إنّ الحكومة جادة في تحقيق السلام بالبلاد، مبيناً أن "الزيارة تمثل خرقاً كبيراً في مسار السلام، ورسالة للمواطنين بكاودا مفادها أن الجميع مواطنون سودانيون تجمعهم المواطنة".

وأضاف صالح أنّ "الحكومة تريد تأسيس دولة على أساس المواطنة المتساوية والمساواة والعدالة والسلام"، لافتاً إلى "انتهاء حالة العداء، بدليل أن رئيس مجلس الوزراء في حماية الحركة الشعبية وليس في حماية طرف آخر".

وأشار إلى أن "الزيارة تأتي في إطار تقديم اعتذار تاريخي للمواطنين السودانيين في هذه المنطقة العزيزة من الوطن عن مظالم وعمليات قتل وترويع تمت باسمهم على الرغم من أنهم قاتلوا النظام البائد طيلة ثلاثين عاما، وذلك لكسر الحواجز ووضع الأيادي فوق بعض لبناء وطن قائم على الحرية والعدالة والمساواة".

وكشف أن الحكومة ستوجه الدعوة للحلو لزيارة الخرطوم وأنها ستذهب إلى أي منطقة للقاء المواطنين لكسر الحاجز النفسي وتهيئة الأجواء للمتفاوضين في جوبا.

وتقع المدينة على بعد 96 كيلومترا شرق مدينة كادوقلي، مركز ولاية جنوب كردفان، التي تشهد منذ عام 2011 قتالاً بين القوات الحكومية والحركة الشعبية-قطاع الشمال، بزعامة عبد العزيز الحلو، وتدير الحركة عملياتها من المدينة نفسها.

وفي آخر جولة للتفاوض، طالبت الحركة بتقرير المصير للمنطقة ومنطقة النيل الأزرق، جنوب شرق، حال عدم تطبيق النظام العلماني في البلاد.

وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء، في تغريدة له على "تويتر"، إنه يتوجه إلى مدينة كاودا وكله أمل وسرور في زيارة تاريخية مهمة، تلبية للدعوة الكريمة التي تلقاها من رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو.

وأشار حمدوك إلى أن الزيارة "فرصة عظيمة للتأكيد لأهل كاودا ولكافة السودانيين في كل ركن من أركان البلاد أن الحكومة الانتقالية تسعى جاهدة إلى تحقيق السلام الشامل والعادل، وأنها تُولي اهتماماً متعاظماً بجميع مناطق السودان، خاصة المناطق المتأثرة بالحرب والتي ظلّت مهمشة لعقود طويلة".


وأضاف حمدوك: "إننا ندرك حقاً حجم المعاناة والظلم الذي تعرّض له أهلنا هناك، كما ندرك ونقدّر كفاحهم ونضالهم من أجل بناء سودان يسع جميع السودانيين بتنوّعهم واختلافاتهم. ودعوني أقولها بكل صدق وإخلاص لأهلنا في كاودا إنه على الرغم من سياسات التهميش والتغييب التي مارسها النظام البائد في حقكم، إلا أنكم لم تخرجوا من عقولنا وقلوبنا". 

من جهته، قال وزير الإرشاد والأوقاف نصر الدين مفرح، الذي يرافق رئيس الوزراء إلى كاودا: "إن هذه الزيارة تأتي في إطار الجهود المبذولة لمخاطبة جذور المشكلة والوصول إلى أسباب نشوب الحرب"، مبينا أن الزيارة ستمكن حكومة الفترة الانتقالية من أن تزور جماهير شعبها بمنطقة كاودا الذين ظلوا يحلمون بالسلام، لنبحث معهم كيفية تحقيق السلام من خلال المجتمع، وقراءة أفكار أصحاب المصلحة المتضررين من هذه الحرب.

وعدّ المتحدث الرسمي باسم تحالف قوى الحرية والتغيير الحاكم، وجدي صالح، الزيارة بأنها تاريخية بكل ما تعني الكلمة، حيث لم يقم أي مسؤول حكومي بزيارة مناطق الكفاح المسلح منذ قيام الحركة الشعبية.


وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن الخطوة رسالة قوية تؤكد رغبة الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو والحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية ممثلة في قوى الحرية والتغيير، في الوصول إلى اتفاق سلام يخاطب ويعالج جذور المشكلات، حتى تُطوى صفحة الحرب في البلاد بلا رجعة ويتفرغ كل السودانيين لإعادة بناء البلاد على أساس المواطنة باعتبارها أساسا للحقوق والواجبات، من دون تمييز على أساس الدين أو اللون والأصل الاجتماعي. 

وأكد صالح أن الزيارة سيكون لها ما بعدها، وستلقي بظلال إيجابية على ملف التفاوض الذي يجري في مدينة جوبا، تحت رعاية ووساطة دولة جنوب السودان.

من جانبه، قال الصحافي المتخصص في شؤون منطقة جنوب كردفان، إبراهيم عربي، إن زعيم الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو حرص على تقديم دعوته للشق المدني في الحكومة من دون الشق العسكري، ربما حرصاً منه على بعض السرية الخاصة بوضع المدينة العسكري، لا سيما أنه كان يرفض مجرد دخول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب بواسطة النظام السابق، خوفاً من الاختراقات الاستخباراتية.

وأشار عربي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحلو يريد من خلال الزيارة إظهار قوته العسكرية وقوته الشعبية في المنطقة للحكومة المدنية لتقوية موقفه التفاوضي، مبينا أنه من جملة 17 محلية لا توجد إلا 3 محليات فقط لا يسيطر الحلو على أجزاء منها. 

وأوضح أن الحركة الشعبية مصرة على النظام العلماني كنظام حكم في البلاد، ويمكنها التنازل عن تقرير المصير إذا حصلت على حكم ذاتي بصلاحيات واسعة، ونسبة 40 بالمائة من ميزانية الدولة لتنمية منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، كما أنها تسعى لأن يكون لها وجود قوي في المؤسسات الأمنية إذا تم الاتفاق على هيكلتها من جديد.

المساهمون