رؤيا عيسى: تكثيف بصري لنساء سوريات

14 نوفمبر 2014
+ الخط -

كان على الفنانة التشكيلية رؤيا عيسى (1973)، ككثير من السوريين، أن تقطع طريقاً طويلة قبل الوصول إلى ألمانيا، حيث تعيش منذ عدة أشهر. بعد انقطاعات عن العمل في رحلتها هذه، نجحت في العودة إلى تجربتها الفنية، عبر منحة تفرّغٍ فنيّ نالتها من مؤسسة "هاينرش بول"، وساعدتها في التحضير لمعرضها الذي يفتتح، غداً السبت، في قلعة ديورن في مدينة كولونيا.

تقول عيسى، في حديثها مع "العربي الجديد"، إنها، من دون الرسم، "شخص ناقص". تستذكر الفترة التي توقّفت فيها قسرياً عن العمل في سوريا، لتشير إلى أن "العمل الفني يجعلني كائناً كاملاً".

الفنانة التي تقاطعت رحلتها مع الكثير من أبناء بلدها، ترى في الخطوط والألوان مقولتها ووسيلتها للتواصل مع العالم، سواء في الإفصاح عن الابتهاج أو الأسى. وتضيف: "منجزي البصري ذاتي جداً، وهو نتاج تجربتي الفردية الخاصة. أصوّر مشاعري على سطح اللوحة. شخصياتي تقترب من الموت والألم، لكنها تعج بحميمية الحياة والتفاؤل. هي تجسيد للحياة الحافلة بالقساوة والجمال في نفس الوقت، وتوثيق لما أراه وأحسه به بصدق".

ترفض توصيف عملها الفني أو تصنيفه، وتعتبر ذلك أمراً يخص المتلقي. "صحيحٌ أنّني متأثرة بطيفٍ واسعٍ من المدارس الفنية، لكنّ الصحيح أن الحياة والتجربة الشخصية هما الأهم".

وعن حضور المرأة الطاغي في لوحاتها، تقول: "ذلك تكثيف لجينات نساءٍ متأصّلاتٍ في شخصي، وللجين الدافئ الذي يحمل في ضلوعه الحياة ويبتكر الجمال، ويعمل على تحويل الألم إلى الأمل. المرأة التي تعتز بجسدها برغم الفقد الجسد الذي يرمز للإحباط والفشل، هي الرد والمعادل الموضوعي للتفاؤل. أحب هذه المرأة، وأتحدث عنها بكل ثقة، وهي تشبه نساء سوريا الخلاقات، وغالباً أتلبّسها".

وفي ما يخص طبيعة أعمالها وعلاقتها مع الراهن التشكيلي، تقول إنها استطاعت أن تأخذ منحى غير مقبول ومحبّذ، في السوق على الأقل. "التسويق، في رأيي، شوّه قراءة المثقف للوحة. كثيرون يرون أنني لا أتبع النمط والتشكيل الحديث. بالنسبة إليّ، سأبقى مخلصة لرؤيتي، وعلى التجربة أن تأخذ حقها وتدافع عن مشروعيتها. سبق أن دفعت ثمن هذا الموقف من قبل، إذ لم ترض الصالات الفنية في سوريا، باستثناء واحدة، عرض أعمالي. أعتقد أن هذا تمردٌ على الشائع: ألا أكون منتمية إلى المنظومة وألا أستوفي شروط المسوقين".

ولدى سؤالها عن أثر الحرب عليها، ومدى حضور سوريا في اشتغالاتها الجديدة، تجيب: "الحرب زادتني إنسانية وتواضعاً. الموت الجليل والمهيب جعل كل ما عداه يصبح سخيفاً وبلا جدوى. ماذا يعني أنّ ترسم لوحةً مقابل موت طفل؟ هذه العدمية حتماً أثرت في وجدان السوريين، والفنانين وطرق تعبيرهم، وأعادت تكوين وجدانهم. أعمالي القديمة كانت تحاكي الألم الذي تعيشه المرأة والخذلان قبل المأساة السورية. وحالياً، أتطلع إلى مشروع جديد أكرس فيه تجربتي ورؤيتي لما يحدث في البلد".

وعما تريد أن تقوله من معرضها، تعلق: "أريد أن أقول، من خلال عملي، إن سوريا الحقيقية ليست تلك الحلبة التي باتت مسرحاً للحرب. سوريا في مكان آخر، وعلى الفن أن يقول ذلك، مواجهاً الرصاص والقتل".

المساهمون