"وحده لقاح آمن وفعال يسمح للعالم بالشعور بعودة الحياة إلى طبيعتها" هذا ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول الإجراءات العالمية المصاحبة لفيروس كورونا الجديد. وأضاف: "نحتاج إلى جهود طموحة لضمان نهج منسق ومتكامل من أجل اعتماد السرعة القصوى، وإتاحة هذا اللقاح للجميع بحلول نهاية عام 2020". يترافق هذا الحديث مع سعي شركات أدوية كبرى للتوصل إلى لقاح ودواء لكورونا.
ومثل هذا الحديث عن مرض ودواء ولقاح لا بدّ من أن يثير كثيراً من التساؤلات حول الجهات الممولة للأبحاث والجهات المستفيدة لاحقاً من توفّر لقاح "يتاح للجميع". هل سيتاح للجميع مجاناً؟ وإذا أتيح مجاناً في المرة الأولى، هل سيستمر ذلك في المرات المقبلة التي يحتاج فيها الشخص نفسه إلى لقاح؟ ولا بدّ من أن يثير تلك المؤامرة التي تقفز كلّ يوم في ألف وجه، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة والصين تغذيانها عن طريق الاتهامات المتبادلة حول منشأ الفيروس، وإن كان قد نشأ في مختبر أم لا. واللازمة المرافقة لهذا الحديث شعبية معروفة منذ زمن بعيد، وترتبط بالنظرة إلى شركات الأدوية العالمية، بصفتها أولاً وأخيراً ممثلة وفية للنظام الرأسمالي الذي فيه كلّ صفات الشرّ في نظر معظم سكان الكوكب: "من يملك الدواء هو الذي اخترع المرض"، أو "من يخترع المرض يملك الدواء". هؤلاء "المستحوذون" غير قادرين على حجب نضالات كثير من المتخصصين والعاملين في المهن الطبية والإغاثية والإنسانية عموماً، والذين يعرّضون أنفسهم للخطر في كلّ حين. لكنّ "المستحوذين"، مع ذلك، قادرون على تجيير كلّ النضالات لمصلحتهم، وتحويل آلام الناس في كلّ مكان إلى مجرد أرقام في حساباتهم المالية الممتلئة حتى التخمة.
اقــرأ أيضاً
ليس ذلك تفلسفاً في النوايا والغايات، بل عرض واقعي لأحد أنماط الربحية الرأسمالية يمكن أن نستحضر، في الختام، شاهداً عليه. يقول الكاتب الأسترالي، أنتوني لوينشتاين، في كتابه "رأسمالية الكوارث... كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحاً طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية" الصادر في أصله الإنكليزي عام 2015، وفي ترجمته العربية عن سلسلة "عالم المعرفة" نهاية العام الماضي: "إنّ ما شهدتُه بينما كنت أجري أبحاثاً من أجل هذا الكتاب كان أشخاصاً يناضلون ضد احتمالات ساحقة - ومن بين هؤلاء غيرُ المرئيين، وغير المعتبرين سياسياً، وغير المرغوب فيهم، والذين يمكن التخلي عنهم، والمفلسون، والفقراء. معركة هؤلاء جميعاً هي معركتنا، وذلك لأنّ خيارنا هو مطالبة شركاتنا وحكوماتنا بتقديم تفسير لإقدامها على جمع المال من استخدامها لممارسات القسوة والاستغلال. رأسمالية الكوارث هي أيديولوجيا عصرنا".
ومثل هذا الحديث عن مرض ودواء ولقاح لا بدّ من أن يثير كثيراً من التساؤلات حول الجهات الممولة للأبحاث والجهات المستفيدة لاحقاً من توفّر لقاح "يتاح للجميع". هل سيتاح للجميع مجاناً؟ وإذا أتيح مجاناً في المرة الأولى، هل سيستمر ذلك في المرات المقبلة التي يحتاج فيها الشخص نفسه إلى لقاح؟ ولا بدّ من أن يثير تلك المؤامرة التي تقفز كلّ يوم في ألف وجه، خصوصاً أنّ الولايات المتحدة والصين تغذيانها عن طريق الاتهامات المتبادلة حول منشأ الفيروس، وإن كان قد نشأ في مختبر أم لا. واللازمة المرافقة لهذا الحديث شعبية معروفة منذ زمن بعيد، وترتبط بالنظرة إلى شركات الأدوية العالمية، بصفتها أولاً وأخيراً ممثلة وفية للنظام الرأسمالي الذي فيه كلّ صفات الشرّ في نظر معظم سكان الكوكب: "من يملك الدواء هو الذي اخترع المرض"، أو "من يخترع المرض يملك الدواء". هؤلاء "المستحوذون" غير قادرين على حجب نضالات كثير من المتخصصين والعاملين في المهن الطبية والإغاثية والإنسانية عموماً، والذين يعرّضون أنفسهم للخطر في كلّ حين. لكنّ "المستحوذين"، مع ذلك، قادرون على تجيير كلّ النضالات لمصلحتهم، وتحويل آلام الناس في كلّ مكان إلى مجرد أرقام في حساباتهم المالية الممتلئة حتى التخمة.
ليس ذلك تفلسفاً في النوايا والغايات، بل عرض واقعي لأحد أنماط الربحية الرأسمالية يمكن أن نستحضر، في الختام، شاهداً عليه. يقول الكاتب الأسترالي، أنتوني لوينشتاين، في كتابه "رأسمالية الكوارث... كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحاً طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية" الصادر في أصله الإنكليزي عام 2015، وفي ترجمته العربية عن سلسلة "عالم المعرفة" نهاية العام الماضي: "إنّ ما شهدتُه بينما كنت أجري أبحاثاً من أجل هذا الكتاب كان أشخاصاً يناضلون ضد احتمالات ساحقة - ومن بين هؤلاء غيرُ المرئيين، وغير المعتبرين سياسياً، وغير المرغوب فيهم، والذين يمكن التخلي عنهم، والمفلسون، والفقراء. معركة هؤلاء جميعاً هي معركتنا، وذلك لأنّ خيارنا هو مطالبة شركاتنا وحكوماتنا بتقديم تفسير لإقدامها على جمع المال من استخدامها لممارسات القسوة والاستغلال. رأسمالية الكوارث هي أيديولوجيا عصرنا".