"هامشية النشاط الاقتصادي - الاجتماعي للدولة وعدم فاعليته وتناقضاته، إذ إنّه تحت ضغط رأس المال متعدد الجنسية، وتحالف زعماء الجماعات والطوائف التقليديين والحديثين ورجال المال والملّاكين، وهكذا أصبح نشاط الدولة الاقتصادي - الاجتماعي مكبوتاً ومحارباً ومعطلاً وفاقداً أهميته. وعملت القوى المحافظة أو الليبرالية المتوحشة على تقليص دور الدولة الخاص بالتخطيط وإعادة التوزيع وتصحيح التوازن المناطقي والتدخل من أجل تأمين تغطية أفضل لحاجات الإنسان (السكن والصحة والتربية والنقل والبنى التحتية)، من أجل تصويب الآثار الاجتماعية لبعض المسارات المذكورة آنفاً والحدّ منها والتعويض عنها. وقد تمّ إفشال تجربة الرئيس فؤاد شهاب التي تعدّ المحاولة المتماسكة الوحيدة في هذا الصدد، ثم تمّ تفكيكها بدءاً من منتصف الستينيات، وخصوصاً بعد عام 1970".
نُشرت هذه الكلمات في بحث للسوسيولوجي اللبناني سليم نصر، عام 1984، في إطار تحليل أوسع لبنية الصراع في لبنان الذي اشتعل في مثل هذه الأيام من عام 1975، وقد مرّ على ذكرى بداية الحرب تلك خمسة وأربعون عاماً أمس الاثنين في الثالث عشر من إبريل/ نيسان. وبينما أنقل هذا الاقتباس مساء الأحد الماضي، كانت الأجواء في الخارج كئيبة متوجسة خائفة، في لبنان، كحال معظم أنحاء العالم ربما، بسبب فيروس كورونا الجديد، والإجراءات المرافقة من حظر تجول وعزل منزلي وتعطيل أعمال، أو ما يندرج في لبنان تحت إطار "التعبئة العامة" الفضفاض. وبالإضافة إلى هذا الجوّ السلبي الذي يتسبب فيه الوباء، يختص لبنان عن غيره من الدول أنّه في أزمة معيشية خانقة تسببت فيها تلك القوى التي تحدّث عنها نصر في بحثه الذي أعيد نشره مع مجموعة أبحاث سوسيولوجية متجانسة بعنوان "سوسيولوجيا الحرب في لبنان... أطراف الصراع الاجتماعي والاقتصادي 1970 - 1990) عن دار النهار، عام 2013، أي بعد وفاة المؤلف بخمس سنوات. وكي تزداد ذكرى الحرب وأسبابها انتعاشاً، لا بدّ من رصاص يُرمى إلى السماء، في ذلك الأحد، ويُسمع أزيزه في العاصمة ومحيطها، من دون أن تُعرف أسبابه. من قال إنّ "رصاص اليوم بيطلع بجريدة بكرا يا قاسم"؟ فهناك رصاص لا يُذكر حتى عندما باتت الأخبار التي تصل إلى القارئ بنت لحظتها. ليست من الأسرار الغامضة، بل إنّ تكرارها ربما يمنع "الالتهاء" بها.
اقــرأ أيضاً
اليوم، في الذكرى الخامسة والأربعين للحرب، وبعد حراك شعبي ثوري سبق الذكرى بأشهر، وفشل مجدداً في الوصول إلى أيّ شيء، أمعنوا النظر في كلمات نصر التي تتحدّث عن مرحلة مستمرة منذ نهاية عهد فؤاد شهاب عام 1964، وباتت أسوأ سنة بعد سنة. أمعنوا النظر لعلّ الحراك في المرة المقبلة يُقرن الاجتماعي - الاقتصادي بالشعبي الثوري ويصل إلى شيء ما.
نُشرت هذه الكلمات في بحث للسوسيولوجي اللبناني سليم نصر، عام 1984، في إطار تحليل أوسع لبنية الصراع في لبنان الذي اشتعل في مثل هذه الأيام من عام 1975، وقد مرّ على ذكرى بداية الحرب تلك خمسة وأربعون عاماً أمس الاثنين في الثالث عشر من إبريل/ نيسان. وبينما أنقل هذا الاقتباس مساء الأحد الماضي، كانت الأجواء في الخارج كئيبة متوجسة خائفة، في لبنان، كحال معظم أنحاء العالم ربما، بسبب فيروس كورونا الجديد، والإجراءات المرافقة من حظر تجول وعزل منزلي وتعطيل أعمال، أو ما يندرج في لبنان تحت إطار "التعبئة العامة" الفضفاض. وبالإضافة إلى هذا الجوّ السلبي الذي يتسبب فيه الوباء، يختص لبنان عن غيره من الدول أنّه في أزمة معيشية خانقة تسببت فيها تلك القوى التي تحدّث عنها نصر في بحثه الذي أعيد نشره مع مجموعة أبحاث سوسيولوجية متجانسة بعنوان "سوسيولوجيا الحرب في لبنان... أطراف الصراع الاجتماعي والاقتصادي 1970 - 1990) عن دار النهار، عام 2013، أي بعد وفاة المؤلف بخمس سنوات. وكي تزداد ذكرى الحرب وأسبابها انتعاشاً، لا بدّ من رصاص يُرمى إلى السماء، في ذلك الأحد، ويُسمع أزيزه في العاصمة ومحيطها، من دون أن تُعرف أسبابه. من قال إنّ "رصاص اليوم بيطلع بجريدة بكرا يا قاسم"؟ فهناك رصاص لا يُذكر حتى عندما باتت الأخبار التي تصل إلى القارئ بنت لحظتها. ليست من الأسرار الغامضة، بل إنّ تكرارها ربما يمنع "الالتهاء" بها.
اليوم، في الذكرى الخامسة والأربعين للحرب، وبعد حراك شعبي ثوري سبق الذكرى بأشهر، وفشل مجدداً في الوصول إلى أيّ شيء، أمعنوا النظر في كلمات نصر التي تتحدّث عن مرحلة مستمرة منذ نهاية عهد فؤاد شهاب عام 1964، وباتت أسوأ سنة بعد سنة. أمعنوا النظر لعلّ الحراك في المرة المقبلة يُقرن الاجتماعي - الاقتصادي بالشعبي الثوري ويصل إلى شيء ما.