08 ابريل 2017
دي ميستورا ناشطاً سورياً
كرّر المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، سيرة الشباب السوريين، وآل به المآل ليصل إلى خاتمتهم، فبعد أن بذل أقصى جهوده وجهود المنظمة الدولية التي يمثلها، لتحقيق أهدافٍ أخذت تتضاءل، يوماً بعد يوم، من دون نتيجة، ها هو يتحول، ومن دمشق، ناشطاً إغاثياً.
هذه هي مسيرة الشبان السوريين الذين خرجوا قبل خمس سنوات، يريدون تغيير المستقبل، حملوا الشعارات النبيلة، وساروا في ظلها، أرادوا وطناً حراً عادلاً، تعرّضوا لأشد أنواع التنكيل، وعانوا الرصاص ثم القذائف ثم الصواريخ ثم الأسلحة الكيماوية، تعرّضوا للاعتقال والتعذيب، للحصار والتهجير، تكالبت عليهم قوى الأرض، وركب على ثورتهم من هبّ ودبّ.
استشهد مئات الآلاف تحت التعذيب وتحت القصف وفي البحر، وهاجر ملايين، ويئس ملايين الملايين، بعض هؤلاء الشباب الذين عبروا كل هذه الطرق والمسارات، وخاضوا كل هذه التجارب القاسية والمرّة، لم يستسلموا، وحاولوا أن يستمروا في العمل، وإنْ بالحد الأدنى، وهم محاصرون بين النظام وحلفائه، وبين داعش والنصرة، وتحت أقسى الظروف الإنسانية، وعبّروا عن موقفهم هذا بالتحول إلى العمل الإنساني والإغاثي والإعلامي.
عملوا في الداخل في المدن السورية، أسّسوا مبادرات وجمعيات، عملوا مع منظماتٍ دولية، عملوا بشكل فردي، جمعوا مبالغ صغيرة من أصدقائهم، واشتروا بها طعاماً أو دواءً لأسرة محتاجة، وكانوا دائماً يعملون في أقسى الظروف، وتحت ضغط وتوتر أمني، إنْ في مناطق النظام، أو في بعض مناطق المعارضة، إنْ لم نقل معظمها، كانوا ينقلون الدواء كأنهم ينقلون أسلحة كيماوية، ويوصلون وجبة غذائية إلى أسرة محتاجة، وكأنهم يهرّبون سجيناً. ولكن، كانوا دائماً يشعرون بأنهم يواصلون ثورتهم التي قامت لأجل الناس، وبالتالي، هي مستمرة بالعمل لأجل الناس. لم يخلُ الأمر من أخطاء، ومن تصرف بعضهم بطريقة عير أخلاقية، لكن السمة الغالبة ليست هكذا، والشباب السوريون الذين خرجوا إلى الساحات في 2011، حملوا على أكتافهم جزءاً مهماً من احتياجات السوريين في سورية ولبنان والأردن وتركيا، وحتى بدأ بعضهم بمساعدة السوريين القادمين حديثاً إلى أوروبا وكندا.
تحولوا شيئاً فشيئاً ناشطي إغاثة، على اعتبار أنه أضعف الإيمان، لم يستطيعوا صنع المستقبل الذي حلموا به، ودفعوا من أجله ثمناً كبيراً، لم يستطيعوا أن يمنعوا قوى الظلام من الركوب على ثورتهم، لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافاً أقل فأقل، فاختاروا أضعف الإيمان.
بدأ دي ميستورا مهمته في يوليو/ تموز 2014 بطموحات كبيرة، ملخصها وقف الحرب في سورية، والوصول بوقت واحد إلى دولة ديموقراطية تعددية خالية من الإرهاب ومن الديكتاتورية، يحكمها دستور عصري، يشارك كل أبنائها في صنع مستقبلها، ويبدأون معاً إعادة بناء بلدهم المدمر، بعيداً عن التدخلات الخارجية، وهذه هي طموحات الشباب السوريين، وهذه هي الشعارات التي خرجوا لأجلها.
دعا دي ميستورا إلى عشرات الاجتماعات وإلى ثلاثة مؤتمرات، وتنقل بين عدة عواصم عشرات المرات، وساهم في ترتيب لقاءات بين ممثلي دول وحكومات، ثم وجد واقعياً أنه يمكن أن ينجح إذا ما صغّر الحجر، فصار يعمل وفريقه على هدن ومصالحاتٍ محليةٍ في بعض المناطق، ثم على ترتيب لقاءات أصغر فأصغر. وصل، الآن، إلى النتيجة نفسها التي وصل إليها الشبان السوريون قبله، وأعلن من دمشق تحوله إلى ناشط إغاثي، لم يبحث أي مواضيع تتعلق بالتفاوض أو بالوصول إلى حل سياسي، أو بوقف الحرب، أو بانتقال السلطة. غلبه الواقع، فأعلن من دمشق: "من واجب الحكومة السورية أن توصل المساعدات الإنسانية إلى كل السوريين، أينما كانوا، والسماح للأمم المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية، وغداً نختبر الأمر". والطريف أن ردة فعل النظام السوري اتجاه هذا التصريح تشبه تماماً ردة فعله اتجاه الشبان الذين تحولوا ناشطين، فأولئك اعتقلهم وضيق عليهم وحاصرهم، ودي ميستورا ردوا عليه بأن: "لسنا بانتظار أحد أن يذكّرنا بواجباتنا تجاه شعبنا، وأما ما صرح ويصرح به دي ميستورا حول اختبار جدية الدولة السورية، فلا علاقة له بالدقة أو الموضوعية، ولا يمكن وضعه إلا في سياق إرضاء جهات أخرى".
هنيئاً لك، سيد دي ميستورا، وأهلاً بك بيننا ناشطاً إغاثياً سورياً.
هذه هي مسيرة الشبان السوريين الذين خرجوا قبل خمس سنوات، يريدون تغيير المستقبل، حملوا الشعارات النبيلة، وساروا في ظلها، أرادوا وطناً حراً عادلاً، تعرّضوا لأشد أنواع التنكيل، وعانوا الرصاص ثم القذائف ثم الصواريخ ثم الأسلحة الكيماوية، تعرّضوا للاعتقال والتعذيب، للحصار والتهجير، تكالبت عليهم قوى الأرض، وركب على ثورتهم من هبّ ودبّ.
استشهد مئات الآلاف تحت التعذيب وتحت القصف وفي البحر، وهاجر ملايين، ويئس ملايين الملايين، بعض هؤلاء الشباب الذين عبروا كل هذه الطرق والمسارات، وخاضوا كل هذه التجارب القاسية والمرّة، لم يستسلموا، وحاولوا أن يستمروا في العمل، وإنْ بالحد الأدنى، وهم محاصرون بين النظام وحلفائه، وبين داعش والنصرة، وتحت أقسى الظروف الإنسانية، وعبّروا عن موقفهم هذا بالتحول إلى العمل الإنساني والإغاثي والإعلامي.
عملوا في الداخل في المدن السورية، أسّسوا مبادرات وجمعيات، عملوا مع منظماتٍ دولية، عملوا بشكل فردي، جمعوا مبالغ صغيرة من أصدقائهم، واشتروا بها طعاماً أو دواءً لأسرة محتاجة، وكانوا دائماً يعملون في أقسى الظروف، وتحت ضغط وتوتر أمني، إنْ في مناطق النظام، أو في بعض مناطق المعارضة، إنْ لم نقل معظمها، كانوا ينقلون الدواء كأنهم ينقلون أسلحة كيماوية، ويوصلون وجبة غذائية إلى أسرة محتاجة، وكأنهم يهرّبون سجيناً. ولكن، كانوا دائماً يشعرون بأنهم يواصلون ثورتهم التي قامت لأجل الناس، وبالتالي، هي مستمرة بالعمل لأجل الناس. لم يخلُ الأمر من أخطاء، ومن تصرف بعضهم بطريقة عير أخلاقية، لكن السمة الغالبة ليست هكذا، والشباب السوريون الذين خرجوا إلى الساحات في 2011، حملوا على أكتافهم جزءاً مهماً من احتياجات السوريين في سورية ولبنان والأردن وتركيا، وحتى بدأ بعضهم بمساعدة السوريين القادمين حديثاً إلى أوروبا وكندا.
تحولوا شيئاً فشيئاً ناشطي إغاثة، على اعتبار أنه أضعف الإيمان، لم يستطيعوا صنع المستقبل الذي حلموا به، ودفعوا من أجله ثمناً كبيراً، لم يستطيعوا أن يمنعوا قوى الظلام من الركوب على ثورتهم، لم يستطيعوا أن يحققوا أهدافاً أقل فأقل، فاختاروا أضعف الإيمان.
بدأ دي ميستورا مهمته في يوليو/ تموز 2014 بطموحات كبيرة، ملخصها وقف الحرب في سورية، والوصول بوقت واحد إلى دولة ديموقراطية تعددية خالية من الإرهاب ومن الديكتاتورية، يحكمها دستور عصري، يشارك كل أبنائها في صنع مستقبلها، ويبدأون معاً إعادة بناء بلدهم المدمر، بعيداً عن التدخلات الخارجية، وهذه هي طموحات الشباب السوريين، وهذه هي الشعارات التي خرجوا لأجلها.
دعا دي ميستورا إلى عشرات الاجتماعات وإلى ثلاثة مؤتمرات، وتنقل بين عدة عواصم عشرات المرات، وساهم في ترتيب لقاءات بين ممثلي دول وحكومات، ثم وجد واقعياً أنه يمكن أن ينجح إذا ما صغّر الحجر، فصار يعمل وفريقه على هدن ومصالحاتٍ محليةٍ في بعض المناطق، ثم على ترتيب لقاءات أصغر فأصغر. وصل، الآن، إلى النتيجة نفسها التي وصل إليها الشبان السوريون قبله، وأعلن من دمشق تحوله إلى ناشط إغاثي، لم يبحث أي مواضيع تتعلق بالتفاوض أو بالوصول إلى حل سياسي، أو بوقف الحرب، أو بانتقال السلطة. غلبه الواقع، فأعلن من دمشق: "من واجب الحكومة السورية أن توصل المساعدات الإنسانية إلى كل السوريين، أينما كانوا، والسماح للأمم المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية، وغداً نختبر الأمر". والطريف أن ردة فعل النظام السوري اتجاه هذا التصريح تشبه تماماً ردة فعله اتجاه الشبان الذين تحولوا ناشطين، فأولئك اعتقلهم وضيق عليهم وحاصرهم، ودي ميستورا ردوا عليه بأن: "لسنا بانتظار أحد أن يذكّرنا بواجباتنا تجاه شعبنا، وأما ما صرح ويصرح به دي ميستورا حول اختبار جدية الدولة السورية، فلا علاقة له بالدقة أو الموضوعية، ولا يمكن وضعه إلا في سياق إرضاء جهات أخرى".
هنيئاً لك، سيد دي ميستورا، وأهلاً بك بيننا ناشطاً إغاثياً سورياً.